ساعاتٌ مبتكرة من أشهر الساعتيين !

 

في قطاع صناعة الوقت الذي يتمسّك بشدة بتقاليده وأصوله، لا يقف الساعاتيون فقط عند ما هو مألوف ومعروف، بل هم يسعون دائماً إلى ابتكار الحلول للتحديات التي تواجهها المهنة، واختراع الوظائف الجديدة، وإلى اكتشاف المواد والتقنيات الجديدة التي بإمكانها السمو بالمهنة إلى الكمال. والإبداعات في العام 2018 تتنوّع بين استعمال المواد الجديدة المبتكرة الخاصة بعلب الساعات وأجزاء الحركات الميكانيكية، كما وتصل إلى ابتكارات جديدة لم يسبق لها مثيل.

Audemars Piguet Royal Oak RD#2

Audemars Piguet Royal Oak RD#2خمس سنوات من الأبحاث والدراسات والتطوير تطلب إنجاز هذه الساعة التي لا تتجاوز سماكتها 6,3ملم، التحدي الأكبر كان في عملية تحويل الحركة الميكانيكية إلى طبقة رقيقة واحدة، مع المحافظة على متانتها ودقة عملها، والنتيجة كانت ساعة أرق بميلليميترين من ساعة Royal Oak Extra-Thin Jumbo التي كانت الأشد رقة بين ساعات الدار، كما أن هذا الكاليبر الجديد استطاع أن يكسر الأرقام القياسية الخاصة بساعات الروزنامة الدائمة الرقيقة.

من ناحية أخرى، لم تساوم الدار على اللمسات الجمالية لهذه الساعة البلاتينية قطر 41ملم، فقد تم تزيين مينائها الأزرق بنقش Grande Tapisserie الذي يرافق أغلبية موديلات ساعات Royal Oak، وذلك يثير المزيد من الإعجاب بالحرفية العالية التي تطلبها إنتاج هذه الساعة، نظراً إلى أن هذا النوع من الزخرفة يكون عادة نافراً عن سطح الميناء، وإذا أخذنا بعين الإعتبار من جهة سماكة المؤشرات والعقارب، والموانئ الفرعية الأربعة الموضوعة عند الـ3 والـ6 والـ9 والـ12، ومن جهة أخرى قرب طبقة الكريستال السافيري التي تغطي الساعة من سطح الميناء، نجد أن فناني وتقنيي وساعاتيي الدار قد استطاعوا تحقيق إنجاز قل مثيله في عالم صناعة الوقت، وتحديداً في صناعة الساعات الرقيقة، لا بل ليس له مثيل حتى اليوم. نذكر أن الساعة تمنح وظائف قراءة الوقت، التاريخ، مراحل القمر، أيام الأسبوع، أشهر السنة، ساعات الليل والنهار إلى جانب مؤشر السنة الكبيسة.

 

Greubel Forsey Différentiel d’Égalité

تُعتبر دار Greubel Forsey واحدة من أكثر الدور التي قامت بإدخال التقنيات الجديدة والوظائف المتطوّرة الصعبة التنفيذ إلى قطاع صناعة الساعات الراقية، وذلك بفضل عمل قسم الأبحاث والتطوير الخاص بها والذي يعمل ضمن خطة قائمة على مبدأ التكنولوجيا التجريبية Experimental Watch Technology. والإصدار الجديد الذي قدّمته الدار من ضمن هذا السياق هو آلة الوقت Différentiel d’Égalité التي تُعتبَر بمثابة تحديث للتقنية التي أطلقتها الدار للمرة الأولى عام 2009 والتي ترتكز على مبدأ Remontoire d’Égalité كمنطلق لها.

هذه الساعة الجديدة هي نموذج حديث يجاوب على المحاولات الكثيرة في القطاع التي كانت تهدف إلى إنتاج الحركات الميكانيكية التي تتمتع بطاقة مستقرة طوال الوقت حتى نفاذ المخزون، ما دفع بالساعاتيين عبر الزمن إلى ابتكار العذيذ من التقنيات ضمن هذا الإطار، نذكر منها آلية الصمام والسلسلة، والآلية المعبئة بالطاقة remontoir.

المعروف عن النابض الرئيسي في الحركة الميكانيكية للساعة أنه يعمل تماماً مثل نابض التعبئة الخاص ببعض أنواع الألعاب، عندما تكون الطاقة في أوجها تعمل اللعبة بسرعة فائقة فتسير السيارة مثلاً بأقصى قوتها، ومع نفاذ مخزون الطاقة تخف سرعة اللعبة تدريجياً حتى تتوقف.

أما في الساعة، فمع نفاذ مخزون الطاقة يصبح القوس الذي يتحرك ضمنه الميزان التأرجحي أقصر، ومع العلم أن طول أو قصر القوس لا يشكل مشكلة كبيرة إلا أن الساعاتيين يسعون إلى تذليل أي عقبة ممكن أن تسيء إلى دقة آلات الوقت التي ينتجونها، لذلك تم ابتكار تقنية remontoir التي أدخلت نابضاً صغيراً جديداً إلى الحركة مهمته أن يزوّد الساعة بالطاقة المستقرة التي يتزوّد بها من حركة الميزان التأرجحي.

هذه التقنية ممتازة من ناحية تزويد الساعة بالطاقة المستقرة، ولكنها لا تتمكن من جعل أجزاء الساعة الرئيسية تعمل بتواتر متناسق تماماً، وهنا يأتي دور التقنية التي ابتكرتها دار Greubel Forsey تحت عنوان Différentiel d’Égalité والتي تقوم مهمتها على أخذ الطاقة من النابض الرئيسي وتوزيعها بالتساوي وبشكل مستقر على آلية نشر الطاقة وتوزيعها والميزان، كما وإلى عقارب قراءة الوقت على حد سواء. وهذا الابتكار هو عبارة عن وضع آلية نشر الطاقة وتوزيعها escapement على زاوية منحنية 30 درجة، مما يسمح له بتوزيع الطاقة على أجزاء الحركة اليدوية التعبئة التي تسيّر الساعة بشكل مستقر طيلة وقت عملها.

صحيح أن هذه التقنية لا تضيف الكثير إلى قراءة الوقت من الناحية العملية، إنما عند النظر ملياً إلى ابتكارات Greubel Forsey نجد أن هذه الدار تسعى من خلال عملها إلى إضافة المزيد من الرقي والدقة إلى صناعة آلات الوقت في ظل التطور التكنولوجي الحالي الذي تستخدمه الدار لمصلحة القطاع والسعي للوصول بهذه المهنة نحو الكمال.

 

Lange & Söhne Triple Split

 

كشفت A. Lange & Söhne خلال صالون جنيف للساعات الراقية هذه السنة عن ساعتها الجديدة Triple Split، وهي الأولى من نوعها في عالم صناعة الوقت، وتحديداً في مجال صناعة الكرونوغراف.

ما يميّز هذه الساعة هو احتواؤها على وظيفة الثواني المتقطعة Rattrapante الثلاثية، والتي تمنحها القدرة على قياس الفترات الزمنية القصيرة لحدثين متزامنين في الوقت عينه، وذلك من خلال عداديّ الكرونوغراف للساعات عند الـ12 وللدقائق عند الـ3، والعقربين المركزيين اللذين يقومان بتعداد الثواني المتقطعة. إذا نظرت إلى وجه الساعة تجد أن كل من عدادات الكرونوغراف يحتوي عقربين مختلفين من حيث اللون، أحدهما فضي والآخر أزرق، تماماً مثل عقربي الثواني المركزيين. فكيف يعمل هذا النظام وما الذي يميّزه عن كرونوغراف الثواني المتقطعة

Split-Seconds Chronograph.

يتضمن كرونوغراف الثواني المتقطعة التقليدي عقربان مركزيان للثواني يدوران سوياً في وسط الميناء كعقرب واحد، وعندما يتم الضغط على الزر الدفعي الخاص بهذه الوظيفة، يتوقّف أحد العقربين في مكانه ليتيح لحامل الساعة تسجيل الفترة الزمنية ، بينما يكمل العقرب الثاني دورانه حول الميناء بشكل عادي. وعندما يتم الضغط على الزر الدفعي نفسه للمرة الثانية، يقفز العقرب المتوقّف في مكانه لينضم إلى زميله ويدوران معاً من جديد. هذه الوظيفة التي كانت تشكل تحدياً بحد ذاتها بالنسبة إلى الكثير من الدور لصعوبة تنفيذها وجعها دقيقة، كانت تُستعمل لقياس الفترات الزمنية القصيرة المتتالية.

أما الجديد الذي قدمته A. Lange & Söhne من خلال ساعتها Triple Split فهو أن هذه الساعة قادرة على قياس الدقائق والساعات المتقطعة خلال فترة زمنية تصل إلى 12 ساعة، وهذا إنجاز لم يسبق له مثيل في عالم صناعة الساعات الميكانيكية. 

هذه الساعة المحدودة الإصدار بـ100 قطعة فقط صيغت من الذهب الأبيض بقطر 43,2ملم، وهي تضم الحركة اليدوية التعبئة كاليبر L132.1 بمخزون للطاقة من 55 ساعة، مؤلفة من 567 مكوّناً وتمنح الوقت، مخزون الطاقة ووظيفة كرونوغراف الوقت المتقطع الثلاثي. يرافقها سوار من الجلد المحاك يدوياً ومشبك قابل للطي مصوغ من الذهب الأبيض.

إعداد ليزا أبو شقرا

عالم الساعات والمجوهرات العدد 120

كلمات مفتاحية

مقالات ذات صلة