DIOR تناقض جميل

في عالم صناعة الساعات وكما في عالم الأزياء الفاخرة، نحتاج أحياناً إلى قلب المنطق المتعارف عليه رأساً على عقب للوصول إلى النتيجة المرجوة.

إن كل سيدة تحظى بفرصة ارتداء فستان من فئة الـ «هوت كوتور» مصمَّم خصيصاً لها، وكل رجل يلبس بدلة رسمية مصنوعة بحسب طلبه الخاص، يعلم جيداً أن جمال هذه القطعة الفريدة يأتي من الأجزاء الصغيرة التي لا تُرى، وليس من تلك الظاهرة إلى العيان.

فالتميّز في التفاصيل المرئية الخاصة بهذا الزي الفاخر أو ذاك يتأتّى من الدقة في التصميم والتنفيذ، أو من من الطبقات المتجانسة للقماش المطرّز، من الأحجار أو الريش، الأزرار أو النسيج المجدول، من العناصر الجمالية المخبّأة.

فبغية الخروج بقطعة رائعة ومناسبة تماماً للشخص الذي سيرتديها، لا شك أن الاختيارات التي يقوم بها المصمم هي في غاية الأهمية، ولا يقتصر ذلك فقط على المكوّنات المرئية من القطعة كالقماش والأزرار والأشياء التجميلية التي يمكن استعمالها، بل يتعداه إلى التفاصيل الصغيرة التي لا يفكر بها إلا أصحاب الإختصاص، ونحن هنا نعني مثلاً طول القِطَب وحدّتها وقربها من بعض، أنواع الخيوط المناسبة وألوانها، وغير ذلك من التفاصيل الصغيرة التي تجتمع سوياً لتؤدي إلى النتيجة النهائية التي ترضي الزبون، أي أن تكون القطعة مناسبة تماماً لمقاسه، تبرز جمال قامته، ومريحة إلى أبعد حد عند الإرتداء. فالرفاهية الحقيقية تكمن في الإحساس الذي يشعر به مرتدي القطعة، وليس في نظرة الآخرين إليها.

Dior_1121_ss11_HC_high

 

وهذا ما تصفه Laurence Nicolas رئيسة قسم الساعات والمجوهرات في Dior قائلة: «إنها المفارقة الخاصة بعالم الأزياء الراقية.» وفي هذه الدار تتم مقاربة صناعة الساعات الراقية والمجوهرات من المنطلق نفسه، فيمكننا ربط تلك المفارقة بعالمي الوقت والجواهر. وعن تصميم وإنتاج الساعات النسائية تضيف Nicolas: «كان علينا أن نفكر كيف يمكننا تطبيق روحية الدار على هذه الساعات، وأعني بذلك الخطوط الأنثوية، الخفة، والتصاميم المشرقة؟ كيف يمكننا التوفيق بين المجالات الواسعة للإبداع  في تصميم الأزياء الأنثوية الأنيقة من ناحية، والحرفية الخاصة بصناعة الساعات السويسرية التي ترتدي طابعاً تقنياً، صناعياً رجالياً جافاً؟» فالتحديات العملية هنا تتمحور حول معضلة التعبير عن الليونة والنعومة من خلال المواد الصلبة الجامدة أي المعادن والأحجار، أضف إلى ذلك المستوى العالي من الدقة التي تتطلبها صناعة آلات الوقت، والقدرة الكبيرة على الإبداع التي يجب أن يتحلى بها الساعاتيون لجعلها تقرأ الوقت بأسلوب فريد، مع الأخذ بعين الإعتبار الحجم الصغير للساعة ومكوّناتها إذا قمنا بمقارنتها مع فستان سهرة على سبيل المثال.

في بداية الألفية الثالثة، كانت Dior واحدة من دور الأزياء الراقية التي بدأت بإنتاج الساعات التي يمكننا وصفها بالناضجة من الناحية التقنية، أي أن ساعاتها لم تعد تقتصر على كونها قطع أكسسوار جميلة فقط، بل أصبحت تجمع بين الناحيتين التقنية والجمالية. لكن ومع إقبال العديد من الدور إلى السير بهذا الإتجاه، برز تساؤل جديد في أذهان فناني الدار حول كيفية التعبير عن هوية الدار وإرثها من خلال صناعة الساعات التي وبالإضافة إلى كونها تحمل الملامح الفريدة الخاصة بـ Dior، يجب أن تضيف جديداً إلى القطاع، وأن لا يقتصر هذا الجديد على تزيين الموانئ والعلب بمجسمات فنية وألوان زاهية، بل يجب على هذا الجديد أن يُحدث خضّة إيجابية في عالم صناعة الساعات، ليذكرنا بالخضة التي أحدثتها مجموعة الأزياء الفاخرة الأولى التي حملت توقيع Christian Dior تحت عنوان New Look في العام 1974.

الجواب على هذا التساؤل أتى في الفكرة العبقرية التي حوّلت الميزان التأرجحي الخاص بساعات الدار الأنثوية إلى مساحة للتعبير الفني، ووضعته على الجهة الأمامية ليكون بمثابة الوجه الجميل لقارئة الوقت، ويمكننا القول أن في ذلك مفارقة بحد ذاتها، مبنية على التناقض بين المهمة التقنية الأساسية التي يؤديها الميزان، والدور الفني «المستحدث» الذي منحته الدار إليه. فهذا المكوِّن الذي يتأرجح ليتناغم مع أي حركة يقوم بها معصم حاملته، يمكنه من دون أدنى شك أن يضيف حياة وخفة إلى ملامح الساعة ويجعلها تنبض بالحركة بأسلوب لا يمكننا رؤيته في أي ميناء ساكن.

باختصار، إن الميزان قد تمكن بهذه الطريقة من تجسيد، ولو بأسلوب مجازي، فساتين السهرة الموقّعة باسم Dior، وما الرمز الأقرب إلى هوية الدار من فساتينها؟ فمؤسسها الذي استطاع أن يمنح الأناقة أبلغ وصف بكلمات معدودة قال يوماً: «إن فستان السهرة يجب أن يكون فستان أحلامك، ويجب أن يجعلك تبدين وكأنك آتية من دنيا الأحلام. برأيي هو يوازي الزي الرسمي في خزانة السيدة، كما أنه وجوده يرفع من معنوياتها.»

Dior-fashion-spring-summer_15DIOR-VIII-GRAND-BAL-PIECE-UNIQUE-watch

ولإنتاج هذه الساعات المميزة، توجّهت Laurence Nicolas إلى شركة Soprod الصانعة للآليات، والتي قامت بتطوير كاليبر Dior Inversé، المبني على الميزان التأرجحي المقلوب، وهو نظام من اختراع الساعاتي المستقل Frédérique Jouvenot الذي أطلقه للمرة الأولى عام 2009 من خلال ساعته التصوّرية Automatic Chronograph Evolution-ACE.

«إذا رأيت الأثواب التي كانت مصدر الإيحاء لهذا الكاليبر، يمكنك وصف عملنا بالجنوني، فهي فساتين واسعة، خفيفة، مؤلفة من طبقات عدة، وعليك أن تجسدي ذلك من خلال المواد الصلبة.» تقول Nicolas وتتابع: «إن ردة الفعل الأولية للساعاتيين الذين قصدتهم بهذا الغرض كانت أن صناعة كاليبر من هذا النوع هي شبه مستحيلة، ولكنني أصرّيت على أن الفكرة تستحق المحاولة. فصانعو الساعات هم حريصون جداً على تقاليد المهنة، بينما نحن المصممون نميل أكثر نحو الأفكار الخلاقة الجديدة، لذلك أصريت على فكرتي وكانت مهمتي دفعهم وتشجيعهم لتصميم وتنفيذ الآلية المقلوبة، وها هم اليوم يتحمّسون لصناعة المزيد من هذه الآليات، والدخول كل مرة في تحدٍّ جديد.»

في معرض بازل للعام 2011، وبعد سنة ونصف من العمل على تطوير هذه الآلية، كشفت الدار عن مجموعة Dior VIII Grand Bal التي تضمّنت خمسة موديلات من الساعات المزوّدة بالكاليبر Dior Inversé، أتت أربعة منها بميزان مفرّغ بطرق تجسّد حركة الأقمشة المتنوّعة بين الأورغانزا، النسيج المرقط، المطرّز أو الدانتيل، بينما تم تطعيم ميزان النموذج الخامس بعرق اللؤلؤ ليبدو كالقماش الذي يتدلى على شكل ثنيات.

Dior-fashion-SS15DIOR-HORLOGERIE-DIOR-VIII-GRAND-BAL-PLUMES-ET-NACRE-(3)

ولكن Laurence أرادت أن تذهب أبعد من ذلك من خلال استعمال مواد لم تكن مألوفة في القطاع، وبشكل خاص في مجال صناعة مكوّنات الآلية الميكانيكية، فبدأت باستعمال الريش «هذه الفكرة الرائعة التي أتتنا من الأستديو الخاص بنا في باريس. فالريش يشكل أحد المواد الأقدم في عالم الموضة وتصميم الأزياء، وقد استعملته الدار على مدى سنوات طويلة». الهدف لم يكن تزيين الميزان التأرجحي بالريش، بل صناعته من الريش، وتضيف Nicolas بحماس: «الفكرة كانت تقوم على استبدال الدوّار rotor الثقيل الوزن، بالريشات التي تُعتبر أخف المواد وزناً، ولقد وجدت إثارة في هذا التناقض.»

Dior_1044_ss11_HC_highDIOR-HORLOGERIE-DIOR-VIII-GRAND-BAL-feathers-2013-(2)

ولكن الساعاتيين في سويسرا كانوا بالتأكيد أقل حماسة مني، واعتبروا أن ذلك مزحة كبرى، والفكرة جنونية غير قابلة للتطبيق. «من
جهتي، كان همي الأكبر هو إيجاد الريشات المناسبة لهذا العمل، وبعد بحث مضنٍ لمدة سنتين، وقع اختياري على ديك من شمالي إيطاليا، يتمتع بريشات مناسبة من حيث الشفافية والحجم والوزن.»

بعد ذلك، تعاونت Nicolas مع إحدى أهم فناني قماش الدانتيل التقليدي في فرنسا لصناعة الدوّار الخاص بساعة Grand Bal Fil de Soie مستعينة بالخيوط الحريرية وهي الأقرب إلى قلب Christian Dior، وقد أتى الميزان التأرجحي على شكل تنورة مع أطراف مرصعة بالماس، لتتبعها ساعة Grand Bal Fil d’Or التي اتُبِعت لإنتاجها نفس التقنية، ولكن هذه المرة تم استعمال خيط من الذهب طوله متر ونصف، وهو رفيع يوازي شعرة الرأس البشري من حيث السماكة. ومن ناحية أخرى، تم تعديل النموذج الذي يحتوي دواراً من عرق اللؤلؤ، فصيغ هذا الدوار على شكل شفرات رفيعة تلتقي في نقطة وسطية لتشبه شعاعات الشمس. ذلك إضافة إلى العديد من النماذج الأخرى التي صيغ الميزان التأرجحي فيها من الذهب المرصع بأحجار كريمة، أو من مواد غير مألوفة كجناح الخنفساء في ساعة Grand Bal Envol على سبيل المثال.

DIOR-HORLOGERIE-DIOR-VIII-GRAND-BAL-FIL-(1)DIOR-VIII-GRAND-BAL-FIL-DE-SOIE-watch

من الواضح أن كل دوار من المذكورين أعلاه يأتي بوزن مختلف باختلاف المادة التي استُعملت لصناعته، ولكن المعروف أن وزن الدوار مهم من حيث تحديد فاعليته ودوره في عملية تعبئة الآلية بالطاقة، ويجب أن تكون الدوارات متساوية من حيث الوزن في جميع القطع التي تعمل بواسطة الكاليبر نفسه لضمان دقة عمل الساعة.

«في بعض الحالات، مثل Grand Bal Résille يكون الدوار مفرّغاً بنسبة 90%، كما في أحيان أخرى علينا حساب وزن الأحجار الكريمة التي تزيّن الدوار، إذاً فهناك تحدٍّ دائم في هذا الموضوع» تقول Nicolas، وتضيف «يجب علينا في الكثير من الأحيان أن نكون خلاقين في إيجاد الحل لهذه المعضلة.» وهذه الحلول تمثلت مثلاً بترصيع أطراف دوار ساعة Grand Bal Drapé بحبات صغيرة من الماس لزيادة وزنه، كما وبإضافة طبقة رفيعة مفرّغة من مادة الـ tungsten وتخبئتها خلف دوّار Grand Bal Fil d’Or.

هناك الكثير من المجهود الذي يُبذل لإنتاج هذه الأعمال الفنية وإن كانت تظهر للعيان وكأنها بسيطة، فالأناقة الحقيقية لهذه الساعات تنتج عن التفاصيل غير المرئية، ما يعيدنا إلى المفارقة الخاصة بصناعة الأزياء الفاخرة.

ويعيدنا ذلك إلى ما كتبه Monsieur Dior في كتابه The Little Dictionary of Fashion عام 1954: «كقاعدة أساسية، إن الأجزاء التي لا تظهر، أو تظهر قليلاً في الزي الفاخر يجب أن تكون مصنوعة من مواد توازي الأجزاء الظاهرة أو حتى تتخطاها من ناحية الجمال.» لذلك تعمل دار Dior على إخفاء الحلول التقنية التي تتوصل إليها عامة خلال إنتاج ساعات Grand Bal، فالدوار المصنوع من الريش هو بحاجة إلى قاعدة ووزن، لذلك اختبأ وراءه هيكل مصنوع من ضلوع ذهبية. أما ساعة Dior VIII Grand Bal Cancan فقد تم تزويدها بثقل وازن مصنوع من الذهب عيار 22 قيراطاً وقد تم اختياره لأنه يزن أكثر من الذهب عيار 18 قيراطاً، كما وُضعت قاعدة معدنية خلف «المروحة» المصنوعة من عرق اللؤلؤ في ساعة Grand Bal Plissé Soleil لجعل ثنيات الدوار تبدو وكأنها تطفو في الفراغ.

أما الخلاصة فنأخذها أيضاً من كلام Christian Dior: «في عصر الآلات، يبقى تصميم الأزياء أحد الملاذ الأخيرة للإنسان للتعبير عن شخصيته وعن فرادته.» ولو كان Dior ما زال على قيد الحياة لكان تمكن من قول الأمر نفسه عن الساعات الميكانيكية، وبشكل خاص تلك القطع الخلابة المستوحاة من الأزياء الرائعة التي تحمل توقيعه.

إعداد: ساندرا ليين | words: sandra lane

 

Captions:

 

يمين: دار ديور لموسم ربيع صيف .٢٠١١

 

 

فوق: دار ديور لموسم ربيع صيف .٢٠١١

تحت:

 

فوق: دار ديور لموسم ربيع صيف .٢٠١5

تحت: إصدار فريد من ساعات “بِلّ أوف دي بول” من مجموعة ديور VIII غران بال.
Dior VIII Grand Bal Belles of the ball.

 

 

تحت: “بلوم إيه ناكر” من مجموعة ديور VIII غران بال.
Dior VIII Grand Bal Plumes et Nacre.

دار ديور لموسم ربيع صيف .٢٠١5

Buzan Fukushima فنان يلوّن‭ ‬الزمن ‬لساعات Slim d’Hermès Koma Kurabe

إن‭ ‬لقاء‭ ‬Buzan Fukushima‭ ‬الفنان‭ ‬الذي‭ ‬يقف‭ ‬وراء‭ ‬تصميم‭ ‬وتنفيذ‭ ‬موانئ‭ ‬المجموعة‭ ‬الخاصة‭ ‬من‭ ‬الساعات‭ ‬الشديدة‭ ‬الرقة‭ ‬Slim d’Hermès‭ ‬الخلابة‭ ‬المصنوعة‭ ‬من‭ ‬الخزف‭ ‬أي‭ ‬‮«‬البورسلين‮»‬‭ ‬والمزخرفة‭ ‬بتقنية‭ ‬aka-e،‭ ‬هو‭ ‬لأمر‭ ‬مثير‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلينا،‭ ‬وينم‭ ‬عن‭ ‬تواضع‭ ‬وبساطة‭ ‬ذلك‭ ‬الفنان‭ ‬الذي‭ ‬يُعتبر‭ ‬أمثاله‭ ‬اليوم‭ ‬نادري‭ ‬الوجود‭.‬

hermes-koma_kurabe-watch-Buzan-Fukushima-at-workشكل‭ ‬سباق‭ ‬Koma Kurabe Uma‭ ‬موعداً‭ ‬ربيعياً‭ ‬سنوياً،‭ ‬تتوافد‭ ‬الحشود‭ ‬إلى‭ ‬معبد‭ ‬Kamigamo‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬الأمبراطورية‭ ‬القديمة‭ ‬Kyoto‭ ‬لحضوره‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬1093،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬الألفية‭. ‬هو‭ ‬حدث‭ ‬استعراضي،‭ ‬ملؤه‭ ‬الحياة‭ ‬والألوان،‭ ‬الحركة‭ ‬والأصوات‭: ‬الفرسان‭ ‬يرتدون‭ ‬أزياء‭ ‬Bugaku‭ ‬التقليدية،‭ ‬أصواتهم‭ ‬وأصوات‭ ‬سياطهم‭ ‬ترعد‭ ‬لبثّ‭ ‬الحماس‭ ‬في‭ ‬الأجواء،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مشهد‭ ‬العشب‭ ‬والغبار‭ ‬المتطاير‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬ارتطام‭ ‬حوافر‭ ‬الخيول‭ ‬وهي‭ ‬تعدو‭ ‬أزواجاً‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬السباق‭ ‬الذي‭ ‬يبلغ‭ ‬طوله‭ ‬200‭ ‬متر‭.‬

أما‭ ‬الجلوس‭ ‬مع‭ ‬الفنان‭ ‬المعلم‭ ‬Buzan Fukushima‭ ‬وتأمله‭ ‬وهو‭ ‬يترجم‭ ‬ذلك‭ ‬الحدث‭ ‬الضخم‭ ‬على‭ ‬قرص‭ ‬صغير‭ ‬من‭ ‬‮«‬البورسلين‮»‬‭ ‬الأبيض،‭ ‬فهو‭ ‬أمر‭ ‬مختلف‭ ‬تماماً‭. ‬سكون‭ ‬عميق‭ ‬يخيّم‭ ‬على‭ ‬المكان،‭ ‬وهو‭ ‬يبدو‭ ‬هادئاً،‭ ‬كليّ‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬عمله‭. ‬بين‭ ‬الضربة‭ ‬والأخرى‭ ‬لريشته‭ ‬الرفيعة،‭ ‬يتوقّف‭ ‬ليضع‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المعجون‭ ‬الأحمر‭ ‬على‭ ‬لوحة‭ ‬مزج‭ ‬الألوان،‭ ‬يطحنه‭ ‬ويضيف‭ ‬إليه‭ ‬بضع‭ ‬قطرات‭ ‬من‭ ‬الماء،‭ ‬يغمس‭ ‬الريشة‭ ‬فيه،‭ ‬ويتابع‭ ‬الرسم‭ ‬على‭ ‬الميناء‭ ‬الخزفي‭. ‬كان‭ ‬شديد‭ ‬التركيز‭ ‬لدرجة‭ ‬أنني‭ ‬دُهشت‭ ‬لقدرته‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬ومحاورتي‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬عينه،‭ ‬بمزيج‭ ‬من‭ ‬اليابانية‭ ‬والإنكليزية‭ ‬والفرنسية،‭ ‬وبالطبع‭ ‬مع‭ ‬مساعدة‭ ‬قيّمة‭ ‬من‭ ‬المترجم‭.‬

هذه‭ ‬الأقراص‭ ‬سوف‭ ‬تصبح‭ ‬موانئ‭ ‬لساعات‭ ‬Slim d’Hermès Koma Kurabe،‭ ‬وهي‭ ‬مجموعة‭ ‬محدودة‭ ‬الإصدار‭ ‬بـ‭ ‬12‭ ‬قطعة،‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬الإعلان‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ (‬والجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬Buzan‭ ‬سوف‭ ‬يقوم‭ ‬بتنفيذ‭ ‬مجموعة‭ ‬أخرى‭ ‬للدار‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬La Femme aux Semelles de Vent‭ ‬مؤلفة‭ ‬أيضاُ‭ ‬من‭ ‬12‭ ‬قطعة‭). ‬لإنجاز‭ ‬موانئ‭ ‬Hermès‭ ‬على‭ ‬أحسن‭ ‬وجه،‭ ‬يستعين‭ ‬المعلم‭ ‬بتقنية‭ ‬ukiyo-e‭ ‬

ي‭ ‬‮«‬الصورة‭ ‬العائمة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تطويرها‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الثامن‭ ‬عشر‭ ‬كأسلوب‭ ‬رسم‭ ‬على‭ ‬الخشب،‭ ‬وأصبحت‭ ‬معروفة‭ ‬جداً‭ ‬بفضل‭ ‬المشاهد‭ ‬الطبيعية‭ ‬الخلابة‭ ‬التي‭ ‬نُفِّذت‭ ‬بواسطتها،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬اللوحات‭ ‬التي‭ ‬تجسّد‭ ‬الملوك‭ ‬والحكام‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحقبة‭.‬

المعروف‭ ‬أن‭ ‬اللون‭ ‬الأحمر‭ ‬يحمل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المعاني‭ ‬والدلالات‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬اليابانية‭ ‬منذ‭ ‬القدم،‭ ‬فكان‭ ‬يُعتبر‭ ‬مقدّساً‭ ‬فتُلوَّن‭ ‬به‭ ‬بوابات‭ ‬الأضرحة‭ ‬المقدسة‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬أما‭ ‬تقنية‭ ‬aka-e‭ ‬التي‭ ‬تعني‭ ‬‮«‬الطلاء‭ ‬بالأحمر‮»‬‭ ‬على‭ ‬البورسلين‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬تطويرها‭ ‬في‭ ‬أربعينيات‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬عشر،‭ ‬لتصبح‭ ‬أكثر‭ ‬شعبية‭ ‬في‭ ‬القرنين‭ ‬الثامن‭ ‬عشر‭ ‬والتاسع‭ ‬عشر،‭ ‬وكانت‭ ‬معروفة‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬باسم‭ ‬Imari‭ ‬تيمّناً‭ ‬بالميناء‭ ‬البحري‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يتم‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬تصدير‭ ‬البورسلين‭ ‬من‭ ‬اليابان‭ ‬إلى‭ ‬أنحاء‭ ‬أوروبا‭.‬

إن‭ ‬الصباغ‭ ‬الأحمر‭ ‬يتألف‭ ‬عملياً‭ ‬من‭ ‬مادة‭ ‬أوكسيد‭ ‬الحديد،‭ ‬عندما‭ ‬يتم‭ ‬طحن‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬تتعرّض‭ ‬جزيئياتها‭ ‬للهواء‭ ‬فتتأكسد‭ ‬وتتحوّل‭ ‬حمراء،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإنك‭ ‬كلما‭ ‬طحنتها‭ ‬أكثر،‭ ‬كلما‭ ‬ازداد‭ ‬عدد‭ ‬الجزيئيات‭ ‬المعرضة‭ ‬للهواء،‭ ‬وكلما‭ ‬ازدادت‭ ‬احمراراً‭.‬

وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬تتطلب‭ ‬وقتاً‭ ‬طويلاً،‭ ‬يقول‭ ‬المعلم‭ ‬Buzan‭ ‬أن‭ ‬الفنانين‭ ‬القدماء‭ ‬كانوا‭ ‬يقومون‭ ‬بطحن‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬لمدة‭ ‬1000‭ ‬يوم،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الدقة‭ ‬مطلوبة،‭ ‬فليس‭ ‬اللون‭ ‬هو‭ ‬وحده‭ ‬ما‭ ‬يتغيّر‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬وتكرار‭ ‬عمليات‭ ‬الطحن،‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬تركيبة‭ ‬اللون‭ ‬هي‭ ‬بدورها‭ ‬تتحول‭ ‬ناعمة‭ ‬جداً‭ ‬كالحرير‭. ‬وبالفعل،‭ ‬دعاني‭ ‬المعلم‭ ‬إلى‭ ‬تحسس‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬الصباغ‭ ‬الأحمر‭ ‬الذي‭ ‬يستعمله‭ ‬بين‭ ‬أصابعي،‭ ‬فوجدت‭ ‬ملمسها‭ ‬ناعم‭ ‬كنعومة‭ ‬مساحيق‭ ‬التجميل‭. 

وحان‭ ‬وقت‭ ‬تذويب‭ ‬الصباغ،‭ ‬الماء‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مقطّراً‭ ‬لأن‭ ‬أي‭ ‬رواسب‭ ‬أو‭ ‬أملاح‭ ‬معدنية‭ ‬ممكن‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬اللون،‭ ‬والكمية‭ ‬التي‭ ‬تُستعمل‭ ‬محسوبة‭ ‬قطرة‭ ‬بقطرة‭ ‬لتكون‭ ‬ملائمة‭ ‬تماماً‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬نقص‭ ‬أو‭ ‬زيادة،‭ ‬بحسب‭ ‬الكثافة‭ ‬التي‭ ‬يتطلبها‭ ‬كل‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬اللوحة‭ ‬باختلاف‭ ‬التدرجات‭ ‬من‭ ‬الفاتحة‭ ‬إلى‭ ‬الداكنة‭. ‬

hermes-koma-kurabe-watch-Aka-e-preparationhermes-koma_kurabe-watch-Aka-e-paintinghermes-koma_kurabe-wach-Aka-e-painting_1hermes-koma_kurabe-watch-Aka-e-painting_2hermes-koma_kurabe-watch-Gold-aka-e

hermes-koma_kurabe-watch-Aka-e-gold-painting

بابتسامة‭ ‬عريضة،‭ ‬أخبرني‭ ‬المعلم‭ ‬Buzan‭ ‬‮«‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الصباغ‭ ‬يجف‭ ‬بسرعة‭ ‬فائقة،‭ ‬لذلك‭ ‬فالتحدي‭ ‬الكبير‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬إيقاع‭ ‬ثابت‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬بين‭ ‬تذويب‭ ‬الكمية‭ ‬المناسبة‭ ‬واستعمالها،‭ ‬وذلك‭ ‬يتطلب‭ ‬تركيزاً‭ ‬هائلاً‭. ‬أنا‭ ‬أستمع‭ ‬إلى‭ ‬الموسيقى‭ ‬الشعبية‭ ‬اليابانية‭ ‬خلال‭ ‬عملي،‭ ‬أحب‭ ‬تلك‭ ‬الأغاني‭ ‬وهي‭ ‬بالفعل‭ ‬تساعدني‭ ‬على‭ ‬التركيز‮»‬‭. ‬ويضيف‭: ‬‮«‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬يغذي‭ ‬الإنسان‭ ‬روحه‭ ‬بالموسيقى‭ ‬الرائعة،‭ ‬ويحيطها‭ ‬بالأشياء‭ ‬الجميلة‭ ‬والعلاقات‭ ‬الإنسانية‭ ‬الدافئة‭. ‬هذه‭ ‬الأشياء‭ ‬تساعدني‭ ‬وتجعلني‭ ‬أخلق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية‮»‬‭. ‬ إن‭ ‬عملية‭ ‬الرسم‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الموانئ‭ ‬تتطلب‭ ‬ست‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬العمل،‭ ‬يتخللها‭ ‬مرحلتين‭ ‬من‭ ‬‮«‬خبز‭ ‬الخزف‮»‬‭ ‬أي‭ ‬تعريضه‭ ‬إلى‭ ‬الحرارة‭ ‬المرتفعة‭ (‬750‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭)‬،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬عملية‭ ‬خبز‭ ‬نهائية‭ ‬بعد‭ ‬إتمام‭ ‬الرسم‭. ‬ومن‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬هذه‭ ‬ممكن‭ ‬أن‭ ‬تعرّض‭ ‬القطعة‭ ‬إلى‭ ‬الخراب،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬تقنيات‭ ‬الطلاء‭ ‬بالمينا‭ ‬عملاً‭ ‬خطراً،‭ ‬وبحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬‮«‬خبرة‭ ‬المعلم‮»‬‭ ‬لينجح‭ ‬كلياً‭.‬

الصبر‭ ‬والدقة‭ ‬أساس‭ ‬النجاح

‮«‬لقد‭ ‬تعلمت‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬صبوراً،‭ ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬أفتح‭ ‬الفرن‭ ‬قبل‭ ‬الوقت‭ ‬المحدد‮»‬‭. ‬وذلك‭ ‬لأن‭ ‬البورسلين‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬في‭ ‬الفرن‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬عملية‭ ‬الخبز‭ ‬لمدة‭ ‬24‭ ‬ساعة‭ ‬ليبرد‭ ‬بهدوء‭ ‬تام‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التعرّض‭ ‬للهواء‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يسبب‭ ‬في‭ ‬تشققه‭ ‬أو‭ ‬تكسره‭ ‬أو‭ ‬التوائه‭. ‬ولكن،‭ ‬إذا‭ ‬تمت‭ ‬العملية‭ ‬كما‭ ‬يلزم،‭ ‬فإن‭ ‬الخزف‭ ‬يصبح‭ ‬أقوى‭ ‬وأصلب‭ ‬بعد‭ ‬خبزه،‭ ‬ويمكننا‭ ‬القول‭ ‬أن‭ ‬الدقة‭ ‬التي‭ ‬تتطلبها‭ ‬هذه‭ ‬العملية،‭ ‬وصعوبة‭ ‬إنجاحها‭ ‬هي‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬ندرة‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الموانئ،‭ ‬ولا‭ ‬يمكننا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬ذكر‭ ‬أي‭ ‬مجموعة‭ ‬أخرى‭ ‬إلا‭ ‬الساعات‭ ‬التي‭ ‬أنتجتها‭ ‬دار‭ ‬Laurent Ferrier‭ ‬عام‭ ‬2013‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ ‬Meissen‭ ‬العريقة‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬البورسلين‭.‬

hermes-watch-Koma-Kurabe-dial

في‭ ‬الثانية‭ ‬والسبعين‭ ‬من‭ ‬عمره،‭ ‬ممكن‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬أن‭ ‬المعلم‭ ‬Buzan‭ ‬هو‭ ‬عصاميّ،‭ ‬علم‭ ‬نفسه‭ ‬بنفسه،‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬في‭ ‬البداية‭ ‬درست‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الكتب،‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬التجارب‭ ‬والخبرة‭ ‬لعبت‭ ‬الدور‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬إتقاني‭ ‬للعمل‮»‬‭. ‬ولأنه‭ ‬اعتاد‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬مساحات‭ ‬واسعة‭ ‬نسبياً‭ ‬كالأطباق‭ ‬وأواني‭ ‬الزينة‭ ‬والمزهريات‭ (‬التي‭ ‬تزيّن‭ ‬القصور‭ ‬وتجذب‭ ‬مدراء‭ ‬المتاحف‭ ‬وجامعي‭ ‬التحف‭)‬،‭ ‬يقول‭ ‬أن‭ ‬التحدي‭ ‬التقني‭ ‬الأصعب‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬الرسومات‭ ‬على‭ ‬مساحة‭ ‬شديدة‭ ‬الصغر‭ ‬كميناء‭ ‬الساعة‭. ‬وأضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬فرصة‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬دار‭ ‬أوروبية‭ ‬راقية‭ ‬مثل‭ ‬Hermès،‭ ‬تتمتع‭ ‬بتاريخ‭ ‬وإرث‭ ‬عريق،‭ ‬والرسم‭ ‬على‭ ‬بورسلين‭ ‬Sèvres‭ ‬الفرنسي‭ ‬الشديد‭ ‬اللماعية،‭ ‬بدل‭ ‬خزف‭ ‬Kutani‭ ‬الياباني‭. ‬يقول‭: ‬‮«‬إن‭ ‬خزفنا‭ ‬المحلي‭ ‬Kutani‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬امتصاصاً‭ ‬للون‭ ‬من‭ ‬خزف‭ ‬Sèvres،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬رسم‭ ‬الخطوط‭ ‬الرفيعة‭ ‬يختلف‭ ‬كلياً‭ ‬بين‭ ‬الإثنين،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬اختلاف‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬يعلق‭ ‬فيها‭ ‬اللون‭ ‬على‭ ‬الخلفية‭ ‬الخزفية‮»‬‭.‬

إن‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬Buzan Fukushima‭ ‬والدار‭ ‬قد‭ ‬بدأ‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2014،‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬مدير‭ ‬قسم‭ ‬الإبداع‭ ‬في‭ ‬La‭ ‬Montre Hermès‭ ‬يقوم‭ ‬بزيارة‭ ‬إلى‭ ‬ولاية‭ ‬Ishikawa‭ ‬غرب‭ ‬جزيرة‭ ‬Honshu‭ ‬اليابانية‭ ‬وهي‭ ‬منطقة‭ ‬معروفة‭ ‬بغناها‭ ‬بالأعمال‭ ‬الفنية،‭ ‬فالتقى‭ ‬المعلم‭ ‬واقترح‭ ‬عليه‭ ‬القيام‭ ‬بعمل‭ ‬يجسّد‭ ‬الخيل،‭ ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬رموز‭ ‬الدار‭. ‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الفنان‭ ‬أحب‭ ‬الفكرة‭ ‬جداً،‭ ‬وذلك‭ ‬يعود‭ ‬في‭ ‬قسم‭ ‬منه‭ ‬إلى‭ ‬العلاقة‭ ‬الوطيدة‭ ‬بين‭ ‬الخيل‭ ‬والثقافة‭ ‬اليابانية،‭ ‬فقديماً‭ ‬كان‭ ‬اليابنيون‭ ‬ينسبون‭ ‬إليها‭ ‬قدرات‭ ‬روحانية،‭ ‬ويعتقدون‭ ‬أنها‭ ‬الوسيلة‭ ‬التي‭ ‬تنتقل‭ ‬بواسطتها‭ ‬الأرواح‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬الآخر‭. ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬إن‭ ‬التقنيات‭ ‬لم‭ ‬تشكل‭ ‬يوماً‭ ‬عائقاً‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلي‭. ‬عندما‭ ‬أضع‭ ‬تصميماً‭ ‬جديداً‭ ‬يكون‭ ‬سهلاً‭ ‬أن‭ ‬أنفذه‭. ‬التحدي‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬إيجاد‭ ‬الإلهام،‭ ‬ووضع‭ ‬الخطوط‭ ‬الأولى‭ ‬للرسم‭. ‬عندما‭ ‬لا‭ ‬أملك‭ ‬الفكرة‭ ‬الأساسية‭ ‬للتصميم‭ ‬أكون‭ ‬أشبه‭ ‬بالطير‭ ‬داخل‭ ‬القفص‮»‬‭.‬

إن‭ ‬مقابلة‭ ‬فنان‭ ‬بهذا‭ ‬الحجم‭ ‬هو‭ ‬شرف‭ ‬كبير،‭ ‬ومشاهدة‭ ‬ذلك‭ ‬العمل‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬الإنجاز‭ ‬أشعرتني‭ ‬بالسعادة‭ ‬والفخر‭. ‬ولكن‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬أثر‭ ‬في‭ ‬نفسي‭ ‬هو‭ ‬تواضع‭ ‬ذلك‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يصل‭ ‬بعد‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬‮«‬المعلم‮»‬،‭ ‬فهذا‭ ‬الفن‭ ‬هو‭ ‬لامتناهي،‭ ‬ولا‭ ‬يمكننا‭ ‬يوماً‭ ‬بلوغ‭ ‬الكمال‭ ‬فيه،‭ ‬ويضيف‭ ‬‮«‬أنا‭ ‬دائماً‭ ‬أفكر،‭ ‬كم‭ ‬من‭ ‬التصاميم‭ ‬والأعمال‭ ‬سأتمكن‭ ‬من‭ ‬إنجازها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المتبقي‭ ‬لي‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭. ‬نحن‭ ‬في‭ ‬اليابان‭ ‬نقول‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬يبدأ‭ ‬بعد‭ ‬موت‭ ‬الإنسان،‭ ‬إذاً‭ ‬فالمستقبل‭ ‬سيقرر‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬أعمالي‭ ‬جيدة‭ ‬أو‭ ‬لا‭. ‬وكفنان،‭ ‬هل‭ ‬سأعتَبَر‭ ‬‮«‬معلماً‮»‬‭ ‬في‭ ‬المستقبل؟‭ ‬أنا‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬عشرات‭ ‬من‭ ‬السنين‭ ‬ستمر‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يُعرف‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬أعمالي‭ ‬سوف‭ ‬تُعتَبَر‭ ‬قيّمة‭ ‬أو‭ ‬لا‮»‬‭. ‬

لقطات حيّة: FreakWing ساعة جديدة من أوليس ناردين

كشريك لفريق Artemis Racing في كأس اميركا لسباقات المراكب الشراعية، واحتفالاً بهذه الشراكة، أطلقت دار Ulysse Nardin ساعة FreakWing المحدودة الإصدار بـ 35 قطعة فقط والتي  التي تجسّد ألوان هذا الفريق، وهي مزودة بالابتكارات وأعلى مستوى من القدرات التكنولوجية المتطورة، تماماً مثل مركب AC45 catamaran الشراعي المتطور لهذا الفريق السويدي القادر على المنافسة بشدة.ULYSSE-NARDIN-FreakWing2

حملت FreakWing ميزات المركب الشراعي المتطوّر وملامح متأتية عن أجواء الرياضات البحرية، فجسر الدقائق العلوي مستوحى من بنية الشراع الداخلية الصلبة، في حين تمت صياغة إطار علبة الساعة وظهرها من ألياف الكاربون، وهو عنصر حاضر في رياضة الإبحار المتطورة. من هنا تجسّد ساعة FreakWing التميز، الابتكار، التكنولوجيا والدقة وهي القيم التي تتشاركها العلامتان التجاريتان.

 

 

لقطات حيّة: مجموعة Hechizo الساحرة من داماس بالتعاون مع ماجريت

 

القصة الأسطورية “بحيرة البجع” شكلت مصدراً غنياً وساحراً للوحي خلال تصميم مجموعة مجوهرات داماس بالتعاون مع علامة Magerit والتي تحمل إسم Hechizo أو السحر بالإسبانية. وتميزت المجموعة بالرقي والأناقة والنعومة مع التصميمات الغنية بالألوان المتناغمة والنابضة بالحياة .

تروي الأسطورة قصة الجميلة أوديت التي وقعت ضحية للعنة سحرية لتتحول إلى بجعة، وفقط الحب الحقيقي هو الذي SO 1985.2 ODILEسيعيدها إلى نفسها من جديد، وقد سُميّت القطع الرئيسية للمجموعة بإسمي أوديت وأوديل وهما بطلتا الأسطورة، لتجسد التناقض الرائع بين البراءة والجرأة. وطغت على المجموعة تصميمات البجع والريش لتعكس تفاصيل القصة بشكل رائع.

 

 

رودي رحمة بإزميله يجعل الحجارة تنطق

رودي رحمة، فنان يتمتع برؤية خاصة جداً. بإزميله ومطرقته يحاور صخور لبنان وأشجار الأرز، يروّضها، يغازلها، فتتجاوب مع ضرباته وتنحت نفسها مشاهد تجسّد الجمال، فيها من الإبداع والابتكار ما قل مثيله.

بريشته وألوانه يجعل المساحات الفارغة، الخالية من الحياة، تنطق بألف كلمة وكلمة، وتروي حكايا الماضي والحاضر والمستقبل. بقلمه السيّال يأخذك إلى عالم آخر بعمق عباراته، يدهشك بأفكار وصور بلاغية لم تكن في الحسبان، فيحملك في رحلة إلى عالم القصص الخيالية، ويرجع بك إلى الواقع في لحظة انتهاء القصيدة، والهدوء الذي يحدثه التوقف المفاجئ لترددات صوته الرنّان.
منذ كان فتى، صنع هذا الفنان لنفسه عالماً خاصاً، فقسّم أوقات فراغه أيام الدراسة بين الشباك الحجري الكبير القديم لمدرسة ما يوسف عينطورة حيث كان يجلس بهدوء لساعات طويلة يمضيها في الرسم أو كتابة الشعر، وبين ملاعبها الشاسعة حيث كان يشارك في التمارين الرياضية المكثفة، وينطلق للفوز بالبطولات على أنواعها. هي فترات طويلة من السكون والسلام الداخلي، تتبعها عاصفة رياضية، بما فيها من زحمة الملاعب وأصوات التصفيق وهتافات التشجيع، وتكللها نشوة الإنتصار. إنتصار يشبه لحظة الإنتهاء من إنجاز عمل فني، والنشوة التي تعتري الفنان عند النظر إلى منحوتته أو لوحته للمرة الأولى بعد اكتمالها.

rudi_rahme-artist-cedar_wood-sculpture

رودي رحمة من مواليد بشرّي في شمال لبنان، منطقة أرز الرب المشرفة على وادي القديسين، وقد تشبّع كثيراً من أصالتها ونقائها ولبنانيتها، فجعل من إحدى أقدم أرزاتها أكبر منحوتة خشبية في العالم بلغ ارتفاعها 39 متراً، وأطلِق عليها اسم «الثالوث». من خلال هذا الإنجاز، دخلت أعماله موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، وقد شغلته تلك الأرزة لمدة 6 سنوات، فنام في خباها ليال طوال يحلم  بلحظة اكتمال العمل، وبنشوة تأمله للمرة الأولى، وللمرة المليون..!

حائز على العشرات من الجوائز المحلية والعالمية في النحت والرسم والشعر، من أبرزها الميدالية الذهبية مع شهادة تقدير عن فئة الشعر في برنامج ستوديو الفن عام 1988، جائزة سعيد عقل عن منحوتة «ملكة تغني الجمال الهادئ» عام 2000، جائزة الموركس الذهبية عن الرسم والنحت والشعر عام 2000، إلى جانب الكثير من الجوائز الأخرى وشهادات تقدير وتكريم نالها رحمة حتى اليوم خلال حياته المهنية، وهو بعد لم يبلغ عقده الخامس.

درس أصول فن الرسم في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة alba في بيروت، وانطلق بعد ذلك إلى فلورنسا ليتخصص في النحت والرسم على الجدرانيات، وهو فن قديم يعود إلى حقبة الـ quattrocento التي تميّزت بالنهضة العظيمة للفنون في القرن الخامس عشر. عُرضت أعماله في عدد كبير من أهم المعارض اللبنانية والأوروبية، كما زيّن توقيعه منحوتات ضخمة، منها على سبيل المثال لا الحصر، التمثال النصفي لجبران خليل جبران الموضوع على مدخل متحفه في بشرّي، منحوتة «جبل الحكمة» التي يبلغ طولها أربعة أمتار، ومنحوتة Le Message الموضوعة على مدخل مقر الأونيسكو في بيروت، إلى جانب نعش الراحل الكبير سعيد عقل، المصنوع من صخور لبنان وخشب من أرزه.

rudi_rahme-lebanese-sculptor-atelierلا شك أن إنجازات هذا الفنان المبدع، وتواضعه العميق وفرادة ذلك «المزيج الفني» الذي يشكله، جذبنا لزيارته والتحدث إليه، والاستقاء من فكره وفلسفته، فتوجهنا إلى «قلعته الحصينة» الواقعة في قلب وادي نهر الكلب الأثري، فاستقبلنا في دفء غرفة حجرية واسعة حيث حلت المشاهد الخلابة للجبال المحيطة بالوادي محل جدرانها الخارجية، فصُنعت هذه الأخيرة من الزجاج، لتكون بمثابة مساحة مفتوحة نحو الأفق، لا تحجب شيئاً من الجمال، وتساعد على التأمل وتدفق الأفكار. هناك، حدثنا عن مفهومه الخاص للوقت قائلاً: «أنا أؤمن بأنه وبمجرد ما فكر الله بخلق الكون والإنسان، بدأ الزمان. أقول الزمان rudy_rahme-artist-sculpture-Shadow_ARS0115لأنني أفصل بين مفهوميّ «الزمان» و»الوقت». فالأول هو شيء لامحدود، لا نعرف متى بدأ بالتحديد، ولا متى سينتهي. أنا أعتقد أنه يسير بشكل حلزوني، لولبي، إنطلق من نقطة معينة لا نراها، وهو يرتفع من دون توقف إلى نقطة معينة في اللانهاية، ومن هناك ينطلق في رحلة لولبية أخرى، وأخرى وأخرى… هو مثل حبل من نور، ينطلق من الشمس التي لا نراها ولكننا نشعر بوجودها، يرتطم أحياناً بالأرض، فينعكس شعاعاً جديداً ويكمل مشواره في الفراغ إلى حيث لا ندري، وهكذا الزمان، يمضي إلى حيث لا ندري ولا نرى. بينما الوقت فله بنظري مفهوم آخر، فالإنسان يبدأ بكتابة وقته منذ اللحظة التي يبصر فيها النور على صفحة الزمان اللامحدودة، وهنيئاً للشخص الذي يتقن كتابة وقته، وبخاصة أولئك القادرين على إحداث تغييرات إيجابية من حولهم، لأنهم وعندما تحين ساعة الغياب سيتركون خلفهم بصمة خيّرة، يختمون وقتهم بأعمالهم ويذهبون. أنا من الأشخاص الذين يعيشون وقتهم دائماً وكأن وقت الغياب وشيك، فأسعى دوماً إلى ختامه بشكل جميل وقيّم، وإعطائه معنى خلال حياتي وبعدها، من دون أن يضيع وقتي في زحمة الدنيا».

أما عن حبه للبنان وأثر الزمان عليه فيقول: «أنا أفتخر بعراقة تاريخي اللبناني ولكنني أحزن على هذا الوطن الذي كان يشع نوراً وعلماً وثقافة، ولكن الزمن أرخى عليه ظلالاً قاطمة، وشلح عليه وشاحاً أسود، تحوّل مع الوقت رماداً يحجب النور عن أرضه، وهذا الرماد يتساقط تدريجياً مع كل شتوة ليلطخ كل ما يصل إليه، ولكن الشجرة وإن تلطخت فهي تبقى شجرة، والبيت بيت، والبحر بحر، ولا بد أن يأتي الوقت الذي تنتهي طبقة الرماد تلك، وتتنقّى سماء الوطن. لبنان وبالرغم من جراحه العميقة ما زال مركزاً للفكر والمعرفة، فكل بلد مشبّع بالإيمان والصلاة، ولو مهما حصل فيه، تبقى في ترابه خميرة طيبة لا يقتلها الوقت ولا الظروف القاسية. هو بلد صغير تتدفق منه أنهار من «حبر» ومن حرية التعبير وإن مرّ عليه أحياناً «خريف الحبر»، ولكن الربيع آتٍ لا محالة، وينابيع الطاقات ستتفجر، وزمن لبنان لا بد أن يتبدّل».

rudy_rahme-shadow-sculptorrudy_rahme-artist-wood_sculpture

يقول رودي رحمة أنه في فنه يجمع بين المكان والزمان، بين الماضي والحاضر والمسقبل، فسألناه تفسيراً لذلك فأجاب: «عندما يقوم الفنان برسم لوحة، فهو يضع الألوان على اللوحة الصغيرة المخصصة للمزج، ويعجنها مع أفكاره، ومن ثم يضعها بالتدرج على المساحة التي يرسم عليها. وتختلف التدرجات اللونية بين كل لطخة ولطخة، ليصل كل لون إلى مظهره النهائي، ويكتمل المشهد الفني للوحة، ويجمّد الفنان وقت ذلك العمل في تلك اللحظة، أي الحاضر. أما عندما يقف الناظر لمشاهدة اللوحة، فهو وإن تأملها جيداً سيتمكن من رؤية التاريخ الخاص بكل لون فيها، إذ تظهر في التفاصيل الدقيقة التدرجات المختلفة لكل من الألوان، ما يمكنه من تخيّل كيف كانت في الأصل، وكيف تدرّجت من الماضي لتصل إلى الحاضر. أما المستقبل فتحمله اللوحة إلى الناظر إليها من خلال الأثر الذي تحدثه فيه، فتدعوه إلى التأمل والتفكير بالرسالة التي تحملها إليه. وفي النحت، يتطبق الأمر نفسه، فتسقط الصور المتتالية عن الحجر، ليصل الفنان إلى الصورة الأنضج والأجمل، فيشعر وكأنها تقول له «لقد حان الوقت للتوقف، فقد بدأت أتألم من ضربات إزميلك»، فيعرف حينها أن وقت المنحوتة يجب أن يتجمّد الآن». ويضيف: «إن الوقت «المقدس» الذي يعيشه الفنان أثناء عمله، لا يمكن أن يعيشه أي شخص آخر بالطريقة نفسها، فيمكن للأول أن يمسّكه بطرف الخيط، وعليه أن يتعرّف إلى تاريخ وحاضر ومستقبل العمل الفني من وجهة نظره، وأن يحلل الرسالة التي يحملها العمل إنطلاقاً من مفهومه الخاص، فيمكن أن يجد فيها ما أراد أن يعبّر عنه ولكنه لسبب ما لم يعرف أو لم يقدر على البوح به».

rudy_rahme-lebanese-artistسألناه،هل يغيّر الوقت الإنسان أو يجعله يتعرّف أكثر إلى نفسه؟ فأجاب: «عندما يرخي الزمن ظلاله علينا فإن ذلك من الممكن أن يحدث فينا تغييرات، وذلك يختلف باختلاف المتلقي وثباته أو ميوله للتغيّر الإيجابي أو السلبي. وأثناء حدوث هذه التغيّرات، لا شك أن الشخص يتعرّف على نفسه بشكل أوضح، ويكتشف مزايا ومواهب، أو صفات لم يكن يعرف أنها موجودة أصلاً في شخصيته». وعن الذكريات يقول: «الوقت يمضي باتجاه واحد، والذكريات بالاتجاه المعاكس. نحن نعود بذاكرتنا إلى الوراء لنستقطب الوقت الماضي ونأخذ منه عبراً، أو نستعيد لحظات سعيدة أو نسعى للقاء أشخاص فارقونا ولو فقط بالذكرى». ويضيف: «أحب أن يتذكرني الناس كل مرة يرون عملاً من أعمالي، فيشعرون حتى بعد انتهاء وقتي على الأرض، بأن قطعة مني ما زالت موجودة، لتخبر قصصاً عن الماضي، ولعلها تساهم ولو قليلاً، ولعدد محدود من الناس، في بناء قطعة من المستقبل، وتجميل وجهاً من وجوه الزمان اللامتناهي…».

إعداد: ليزا أبو شقرا   |   words: Liza Abou Shakra

كلاسيكية‭ ‬الوقت‭ ‬لا‭ ‬يحدها‭ ‬زمان

بالرغم‭ ‬من‭ ‬ثورة‭ ‬الأشكال‭ ‬والألوان‭ ‬والوظائف‭ ‬اللامألوفة‭ ‬والأحجام‭ ‬الضخمة‭ ‬التي‭ ‬شهدها‭ ‬عالم‭ ‬صناعة‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬يمكننا‭ ‬القول‭ ‬أن‭ ‬الساعات‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬تذهب‭ ‬بعيداً،‭ ‬فهي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تحتل‭ ‬مكانة‭ ‬شديدة‭ ‬الأهمية‭ ‬في‭ ‬المجموعات‭ ‬الحديثة‭ ‬للدور،‭ ‬وتقف‭ ‬قوية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التصاميم‭ ‬غير‭ ‬التقليدية،‭ ‬والساعات‭ ‬الذكية‭ ‬التي‭ ‬استجدّت‭ ‬مؤخراً‭ ‬وباتت‭ ‬متواجدة‭ ‬بكثرة‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية‭. ‬

كسفير‭ ‬لدار‭ ‬مونبلان،‭ ‬النجم‭ ‬الأسترالي‭ ‬زهيو‭ ‬جاكمانس‭ ‬بطلّة‭ ‬عصرية‭ ‬أنيقة‭ ‬وكلاسيكية‭.‬ Hugh Jackman in a modern, classical elegant look asلقارئات‭ ‬الوقت‭ ‬عالمها‭ ‬الخاص‭ ‬الغني‭ ‬بأساليبه‭ ‬وخطوطه‭ ‬الهندسية‭ ‬المتنوّعة،‭ ‬فتجد‭ ‬فيه‭ ‬الساعات‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬المظهر‭ ‬التي‭ ‬تأتي‭ ‬بتصاميم‭ ‬تتّسم‭ ‬بالجمال‭ ‬والبساطة،‭ ‬تتلاءم‭ ‬مع‭ ‬أهواء‭ ‬الكثيرين‭ ‬من‭ ‬‮«‬كلاسيكيّي‮»‬‭ ‬الطبع،‭ ‬وتتمسّك‭ ‬بتقاليد‭ ‬المهنة‭ ‬وأرقى‭ ‬معاييرها‭. ‬كما‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬استجدّت‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬إصدارات‭ ‬يتخطّى‭ ‬مصمموها‭ ‬المألوف،‭ ‬فيأتون‭ ‬بأفكار‭ ‬عصرية‭ ‬لا‭ ‬تخطر‭ ‬في‭ ‬البال،‭ ‬لتقديم‭ ‬طرق‭ ‬جديدة‭ ‬لقراءة‭ ‬الوقت‭ ‬وعرضه‭. ‬لكن‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الثورة‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬إلغاء‭ ‬أو‭ ‬تحجيم‭ ‬دور‭ ‬التصاميم‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬ذات‭ ‬الجمال‭ ‬المتحفّظ،‭ ‬وجنون‭ ‬التصميم‭ ‬لم‭ ‬يؤثّر‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭ ‬على‭ ‬قيمة‭ ‬واستمرارية‭ ‬هذه‭ ‬القطع‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بثقة‭ ‬الجمهور،‭ ‬ولم‭ ‬يبطئ‭ ‬إنتاجيتها‭. ‬ففي‭ ‬صالون‭ ‬جنيف‭ ‬العالمي‭ ‬للساعات‭ ‬الراقية‭ ‬هذه‭ ‬السنة،‭ ‬شهدنا‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬النماذج‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬في‭ ‬أحدث‭ ‬إصدارات‭ ‬الدور،‭ ‬نذكر‭ ‬منها‭ ‬مثلاً‭ ‬ساعات‭ ‬مجموعة‭ ‬4810‭ ‬لدار‭ ‬Montblanc‭ ‬المزوّدة‭ ‬بخصائص‭ ‬ووظائف‭ ‬متنوّعة‭ ‬من‭ ‬التوربيون‭ ‬إلى‭ ‬الكرونوغراف‭ ‬والتوقيت‭ ‬العالمي،‭ ‬التي‭ ‬أطلقتها‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2006‭ ‬للاحتفال‭ ‬بعيدها‭ ‬الـ‭ ‬100،‭ ‬وهي‭ ‬تلقي‭ ‬التحية‭ ‬على‭ ‬العصر‭ ‬الذهبي‭ ‬للطيران،‭ ‬وتحافظ‭ ‬على‭ ‬تقاليد‭ ‬وأصول‭ ‬صناعة‭ ‬الساعات‭ ‬السويسرية‭ ‬والخطوط‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬البسيطة‭ ‬التي‭ ‬تعتمدها‭ ‬الدار‭. ‬فما‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬هذا‭ ‬الخط‭ ‬ثابتاً،‭ ‬لا‭ ‬تهزه‭ ‬رياح‭ ‬التغيير،‭ ‬ولا‭ ‬تلغيه؟‭ 

‬رولكس‭ ‬زسليني‭ ‬تايمس‭.‬ Rolex Cellini Time.للإجابة،‭ ‬نبدأ‭ ‬أولاً‭ ‬بتعريف‭ ‬الكلاسيكية‭. ‬هي‭ ‬أسلوب‭ ‬فنّي‭ ‬معروف‭ ‬بأنه‭ ‬يتمسّك‭ ‬بالعادات‭ ‬القديمة‭ ‬دون‭ ‬تغيير‭ ‬أو‭ ‬إضافات‭. ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬كلاسيكية‮»‬‭ ‬هي‭ ‬مفردة‭ ‬يونانية‭ ‬تعني‭ ‬‮«‬الطراز‭ ‬الأول‮»‬‭ ‬أو‭ ‬المثال‭ ‬النموذجي‭. ‬فترتكز‭ ‬على‭ ‬قواعد‭ ‬دقيقة‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬الخروج‭ ‬عنها،‭ ‬وتعتمد‭ ‬على‭ ‬الأصول‭ ‬الجمالية‭ ‬والنسب‭ ‬المثالية‭ ‬التي‭ ‬تصلح‭ ‬لأن‭ ‬تُنعت‭ ‬بالجميلة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬وزمان‭. ‬ودور‭ ‬الساعات‭ ‬العريقة‭ ‬التي‭ ‬تتمسّك‭ ‬بتقاليدها‭ ‬وإرثها‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الأغلب‭ ‬تعتمد‭ ‬هذه‭ ‬الركائز،‭ ‬فهي‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬الخطوط‭ ‬الجمالية‭ ‬الأصلية‭ ‬الثابتة‭ ‬لمجموعاتها،‭ ‬وتعمل‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬تحديث‭ ‬إصداراتها‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬التقنية‭ ‬والتصميمية‭. ‬وبتعبير‭ ‬آخر،‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تلتزم‭ ‬هذه‭ ‬الدور‭ ‬مثلاً‭ ‬بشكل‭ ‬موحّد‭ ‬للعلبة‭ ‬في‭ ‬كامل‭ ‬إصداراتها،‭ ‬وتُسكنَها‭ ‬آليات‭ ‬مختلفة‭ ‬تمنح‭ ‬وظائف‭ ‬وتعقيدات‭ ‬جديدة،‭ ‬ولكنها‭ ‬تقدّمها‭ ‬بقالب‭ ‬خاص‭ ‬ينبعث‭ ‬من‭ ‬روحيتها‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬ويخضع‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬لتغييرات‭ ‬بسيطة‭ ‬جداً‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬القياس‭ ‬أو‭ ‬المواد‭ ‬المستعملة‭ ‬أو‭ ‬الألوان‭. ‬

فإذا‭ ‬أخذنا‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬إصدارات‭ ‬العام‭ ‬2015‭ ‬لدار‭ ‬A‭. ‬Lange‭ & ‬Söhne‭ ‬والتي‭ ‬احتفلت‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬بالعيد‭ ‬الـ‭ ‬200‭ ‬لمؤسس‭ ‬الدار‭ ‬فرديناند‭ ‬أدولف‭ ‬لانغيه،‭ ‬نجد‭ ‬أنها‭ ‬التزمت‭ ‬بالخطوط‭ ‬الأساسية‭ ‬لمجموعات‭ ‬1815‭ ‬وSaxonia‭ ‬وLange 1‭ ‬أي‭ ‬أنها‭ ‬احتفظت‭ ‬بالشكل‭ ‬المستدير‭ ‬للعلبة،‭ ‬والخصائص‭ ‬التقنية‭ ‬فحافظ‭ ‬فنّانو‭ ‬الدار‭ ‬على‭ ‬التصاميم‭ ‬الأصلية،‭ ‬مع‭ ‬تغييرات‭ ‬محدودة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المعدن‭ ‬أو‭ ‬لون‭ ‬الميناء‭ ‬أو‭ ‬الوظائف‭ ‬البسيطة‭ ‬التي‭ ‬تضيفها‭ ‬إلى‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬النماذج‭. ‬والأمر‭ ‬ينطبق‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬إصدارات‭ ‬الدور‭ ‬الأخرى،‭ ‬مثل‭ ‬ساعة‭ ‬Grande‭ ‬Seconde Deadbeat‭ ‬لدار‭ ‬Jaquet Droz‭ ‬التي‭ ‬أصدرتها‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬لتلقي‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬التحية‭ ‬على‭ ‬عصر‭ ‬التنوير‭ ‬الممتد‭ ‬من‭ ‬أواخر‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬عشر‭ ‬حتى‭ ‬أوائل‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬وظيفة‭ ‬الثواني‭ ‬المستقلة‭ ‬تتخذ‭ ‬لنفسها‭ ‬موقعاً‭ ‬مهماً‭ ‬في‭ ‬القطاع،‭ ‬فأتت‭ ‬هذه‭ ‬الساعة‭ ‬بعقرب‭ ‬مركزي‭ ‬ضابط‭ ‬للثواني‭ ‬بينما‭ ‬عرضت‭ ‬الساعات‭ ‬والدقائق‭ ‬في‭ ‬ميناء‭ ‬فرعي‭ ‬متداخل‭ ‬مع‭ ‬الميناء‭ ‬الفرعي‭ ‬الآخر‭ ‬الخاص‭ ‬بالتاريخ‭ ‬التراجعي،‭ ‬الذي‭ ‬يشغل‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مخصصاً‭ ‬للثواني‭ ‬في‭ ‬النموذج‭ ‬التاريخي‭ ‬الأصلي‭ ‬لهذه‭ ‬الساعة‭. ‬وأيضاً‭ ‬تابعت‭ ‬Blancpain‭ ‬إصدار‭ ‬ساعاتها‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬الطابع‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬اسم‭ ‬منطقتها‭ ‬الأم‭ ‬Villeret،‭ ‬وأغنت‭ ‬دار‭ ‬Laurent Ferrier‭ ‬مجموعة‭ ‬Galet‭ ‬بساعة‭ ‬عصرية‭ ‬تمنح‭ ‬وظيفة‭ ‬التوقيت‭ ‬العالمي،‭ ‬ولكنها‭ ‬أتت‭ ‬بخطوط‭ ‬كلاسيكية،‭ ‬وعلبة‭ ‬مستديرة‭ ‬وميناء‭ ‬واضح‭ ‬وبسيط‭.   

ساعتك‭ ‬تخبر‭ ‬عنك‭..!‬

المعلوم‭ ‬أن‭ ‬انتقاء‭ ‬قارئة‭ ‬الوقت‭ ‬يرتبط‭ ‬مباشرة‭ ‬بالشخصية‭ ‬وسماتها‭ ‬ونوعية‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وبالفئات‭ ‬العمرية‭ ‬واهتماماتها‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭. ‬فمن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬ترى‭ ‬مثلاً‭ ‬على‭ ‬معصم‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يميلون‭ ‬بطبعهم‭ ‬إلى‭ ‬التحفّظ‭ ‬والأناقة،‭ ‬ساعات‭ ‬تحمل‭ ‬توقيع‭ ‬Patek Philippe‭ ‬أو‭ ‬ساعة‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬Royal Oak‭ ‬لدار‭ ‬Audemars Piguet،‭ ‬أو‭ ‬ساعة‭ ‬Venturer Big Date‭ ‬من‭ ‬أحدث‭ ‬إصدارات‭ ‬دار
H‭. ‬Moser‭ & ‬Cie‭.‬،‭ ‬وقد‭ ‬أتت‭ ‬بميناء‭ ‬مدخّن‭ ‬يعرض‭ ‬الوقت‭ ‬والتاريخ،‭ ‬داخل‭ ‬علبة‭ ‬من‭ ‬الذهب‭ ‬الوردي‭ ‬ويرافقها‭ ‬سوار‭ ‬جلدي‭.‬

street-fi-day1-6013-aw17-pmومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬هناك‭ ‬أيضاً‭ ‬من‭ ‬يتخطى‭ ‬كونه‭ ‬كلاسيكياً‭ ‬أو‭ ‬ثائراً‭ ‬على‭ ‬المألوف‭ ‬لينضم‭ ‬إلى‭ ‬فئة‭ ‬جامعي‭ ‬الساعات‭ ‬الراقية‭ ‬الذين‭ ‬لديهم‭ ‬عالمهم‭ ‬الخاص‭ ‬أيضاً،‭ ‬فبينهم‭ ‬من‭ ‬يجمعون‭ ‬القطع‭ ‬القديمة‭ ‬التذكارية‭ ‬المحدودة‭ ‬الإصدار،‭ ‬بينما‭ ‬يسعى‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬إلى‭ ‬امتلاك‭ ‬الساعات‭ ‬الحديثة‭ ‬الفريدة‭ ‬الإصدار،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يهوون‭ ‬جمع‭ ‬الإصدارات‭ ‬الخاصة‭ ‬بدار‭ ‬معيّنة،‭ ‬أو‭ ‬الساعات‭ ‬التي‭ ‬تحتوي‭ ‬تعقيدات‭ ‬محدّدة‭ ‬أو‭ ‬وظائف‭ ‬استثنائية‭ ‬كالروزنامة‭ ‬الدائمة،‭ ‬أو‭ ‬الوظائف‭ ‬التراجعية‭ ‬أو‭ ‬الدقائق‭ ‬التردادية‭ ‬أو‭ ‬غيرها،‭ ‬أو‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬تستهويهم‭ ‬الساعات‭ ‬المصنوعة‭ ‬من‭ ‬مواد‭ ‬أو‭ ‬معادن‭ ‬ثمينة‭ ‬معيّنة‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الخصائص‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬ولا‭ ‬تحصى‭. ‬

وهؤلاء‭ ‬الهواة‭ ‬الشغوفون‭ ‬يتوجّهون‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬الأحيان‭ ‬إلى‭ ‬إنتاجات‭ ‬الدور‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬الطابع‭ ‬التي‭ ‬تتمتّع‭ ‬بمصداقية‭ ‬زمنية،‭ ‬وخطوط‭ ‬ثابتة‭ ‬لا‭ ‬ترتبط‭ ‬بمكان‭ ‬أو‭ ‬زمان،‭ ‬فتجد‭ ‬بعض‭ ‬إصداراتها‭ ‬الاستثنائية‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة‭ ‬تتصدّر‭ ‬المزادات‭ ‬وتحقّق‭ ‬أرقاماً‭ ‬قياسية‭. ‬فساعة‭ ‬التعقيدات‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬Patek Philippe‭ ‬التي‭ ‬صُنعت‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1933‭ ‬للمصرفي‭ ‬Henry Graves Jr،‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تكسّر‭ ‬أرقامها‭ ‬القياسية‭ ‬في‭ ‬المزادات،‭ ‬فهي‭ ‬قد‭ ‬بيعت‭ ‬بحسب‭ ‬علمنا‭ ‬للمرة‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬مزاد‭ ‬Sotheby’s‭ ‬في‭ ‬جنيف‭ ‬في‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬2014‭ ‬بـ‭ ‬23‭.‬237‭.‬000‭ ‬فرنك‭ ‬سويسري،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يتخطى‭ ‬الـ‭ ‬24‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬أميركي‭. ‬وإلى‭ ‬ذلك،‭ ‬تتصدر‭ ‬الساعات‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬عدداً‭ ‬كبيراً‭ ‬من‭ ‬المزادات،‭ ‬فتعبّر‭ ‬بوضوح‭ ‬عن‭ ‬رغبة‭ ‬الجامعين‭ ‬بإغناء‭ ‬مجموعاتهم‭ ‬بالقطع‭ ‬التي‭ ‬تحتفظ‭ ‬بسماتها‭ ‬الجميلة‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭.‬‭ ‬

Cymon-Taylor-RM-Sothebys-1956-Lancia-Aurelia-B24S-Pinin-Farina-2

 

‬تيفاني‭ ‬أند‭ ‬كو‭ ‬ساعة‭ ‬روزنامة‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬زسي‭ ‬تي60س‭ ‬بالذهب‭ ‬الوردي‭.‬ Tifany & Co. pink gold CT60 Calendar watch. وفي‭ ‬سياق‭ ‬آخر،‭ ‬يمكننا‭ ‬القول‭ ‬أن‭ ‬المصداقية‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬دور‭ ‬الساعات‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬وجمهورها‭ ‬ناتجة‭ ‬عن‭ ‬عامل‭ ‬آخر،‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬صُنع‭ ‬في‭ ‬سويسرا‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يزيّن‭ ‬غالبية‭ ‬إصداراتها،‭ ‬فغني‭ ‬عن‭ ‬القول‭ ‬أن‭ ‬الساعات‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬الراقية‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬دور‭ ‬سويسرية‭ ‬عريقة‭ ‬بنت‭ ‬سمعتها‭ ‬الطيبة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬سنين‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬المستمر،‭ ‬استطاعت‭ ‬خلالها‭ ‬كسب‭ ‬ثقة‭ ‬الجمهور‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬فشُرّعت‭ ‬أمامها‭ ‬أبواب‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية‭ ‬‭(‬مع‭ ‬وجود‭ ‬بعض‭ ‬الإستثناءات،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬دار‭ ‬إيه‭. ‬لانغيه‭ ‬أند‭ ‬زونه‭ ‬الألمانية‭ ‬التي‭ ‬تُعتبر‭ ‬إنتاجاتها‭ ‬بين‭ ‬أهم‭ ‬الساعات‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬في‭ ‬القطاع‭). ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬المعادن‭ ‬النفيسة‭ ‬التي‭ ‬تطغى‭ ‬على‭ ‬القسم‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬الإنتاجات‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬الطابع،‭ ‬تجعلها‭ ‬تحظى‭ ‬باستحسان‭ ‬كبير‭ ‬بسبب‭ ‬القيمة‭ ‬المادية‭ ‬التي‭ ‬تضفيها‭ ‬عليها‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬وتبقيها‭ ‬ثابتة‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬الهرم‭. ‬فتعمل‭ ‬الدور‭ ‬على‭ ‬طرح‭ ‬قطع‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬مجموعاتها‭ ‬المصوغة‭ ‬من‭ ‬الذهب‭ ‬والبلاتين‭ ‬التي‭ ‬أحبها‭ ‬المستهلكون‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬سنوات،‭ ‬لما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تمكين‭ ‬الروابط‭ ‬والثقة‭ ‬والاستمرارية‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬الجمهور‭. ‬ونرى‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬في‭ ‬إصدارات‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬Vacheron‭ ‬
Constantin
‭ ‬وBreguet،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الساعات‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬توقيع‭ ‬Tiffany‭ & ‬Co‭.‬،‭ ‬وZenith‭ ‬وغيرها‭.‬

هي‭ ‬آلات‭ ‬وقت‭ ‬راقية‭ ‬فاخرة‭ ‬طيّبة‭ ‬السمعة،‭ ‬تتمسّك‭ ‬بجذورها‭ ‬وركائزها‭ ‬الصلبة،‭ ‬تتنوّع‭ ‬بينها‭ ‬الخيارات‭ ‬بحسب‭ ‬الأذواق،‭ ‬وتُفتَح‭ ‬لها‭ ‬أبواب‭ ‬العالم‭ ‬بأسره‭ ‬بثقة‭ ‬تامة‭. ‬فهي‭ ‬تحرص‭ ‬على‭ ‬كونها‭ ‬صناعة‭ ‬حرفية‭ ‬عالية‭ ‬الجودة‭. ‬هيكل‭ ‬متين،‭ ‬مواد‭ ‬صلبة‭ ‬ومعادن‭ ‬ثمينة،‭ ‬آلية‭ ‬دقيقة‭ ‬متطوّرة،‭ ‬تعقيدات‭ ‬وخصائص‭ ‬تقنية،‭ ‬قدرات‭ ‬استثنائية‭ ‬ووظائف‭ ‬تتخطّى‭ ‬قراءة‭ ‬الوقت‭… ‬ساعات‭ ‬تتوجّه‭ ‬بها‭ ‬الدور‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬مستعدون‭ ‬لإنفاق‭ ‬مبالغ‭ ‬مرتفعة،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬خيالية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأوقات‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬امتلاك‭ ‬ساعة‭ ‬راقية‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬أذواقهم‭ ‬وتلاقي‭ ‬تطلعاتهم‭…‬

 

لا شيء في الخفاء

 

قليلة هي الأشياء التي تسعد قلب الشغوفين بالساعات أكثر من التفرّج على الرقصة المنظّمة والدقيقة التي تؤديها مكوّنات الآليات التي تنبض داخل آلات الوقت. فليس مستغرباً أن فن تفريغ الحركات الميكانيكية، وإصدارات الساعات الشفافة skeleton تشهد من جديد حركة تصاعد ملحوظة.

في السنوات القليلة الماضية، شهدنا إصدارات متزايدة للساعات الشفافة، حيث تم تفريغ أقسام من موانئها وجسورها وصفائحها، لإظهار أجزاء الحركة جزئياً أو كلياً. ومع أن آلات الوقت الشفافة skeleton أو تلك المفرّغة skeletonized (وهما نوعان مختلفان من الساعات) ليست بالجديدة، إذ تعود نماذجها الأولى إلى قرون من الزمن، إلا أنها لا تزال تتطوّر وتغني القطاع بالجديد من إصداراتها.
إن تفريغ آليات الساعات هو أحد أصعب التقنيات المعتمدة في صناعة الساعات، فيقوم على إزالة كل الأجزاء التي يمكن الإستغناء عنها من الميناء والآلية، بهدف الكشف عن مكوّنات الحركة الميكانيكية النابضة داخل الساعة، أي الجسور، التروس، الصفائح العجلات والنوابض. علماً أن الأجزاء المتبقية تتم زخرفتها بتقنيات النقش والرسم، والاعتناء بتشطيب الزوايا والصقل، وغير ذلك من فنون تتطلب سنوات من الممارسة والخبرة للتمكن من إتقانها.

إن الفارق الرئيسي بين الساعات الشفافة والأخرى المفرّغة يكمن في أسلوب التصميم والتنفيذ. ففي النوع الأول يتم تصميم الأجزاء منذ البدء لتتكوّن منها الساعة والآلية الشفافة، بدل أن يتم تفريغ المكوّنات الخاصة بالحركة المصنوعة مسبقاً (كما في النوع الثاني)، كما ويصار إلى تصميم وتنفيذ باقي الأجزاء لتكمِّل الساعة التي تكشف عن قلبها للعيان.

ولعل Roger Dubuis وCartier تعتبران من أهم الدور المنتجة لهذه الساعات الشفافة التي تبدو عصرية، مغايرة تماماً للساعات المفرّغة التقليدية.
هناك حكاية معروفة (ولكنها على الأرجح خيالية) تروي أن تاريخ الساعات المفرغة يعود إلى أحد جنود نابوليون، الذي أراد أن يُصلح بندقيته وكان يحتاج قطعة معدنية، فارتأى أن يستعيرها من ساعة الجيب الخاصة به، وأخذ الخنجر الذي كان يحمله وأخذ يفرّغ الساعة لاستخراج ما يلزمه، وبهذا أصبحت الساعة مفرغة جزئياً. ولكن المعروف أن قبل ذلك بثلاثمائة سنة، أي في القرن الخامس عشر، كانت هناك نماذج من الساعات التي تحتوي فتحات وتظهر قسماً من آليتها إلى الخارج، كما وفي القرن السادس عشر أيضاً، عُرفت بعض ساعات العرض التي أتت بعلب شفافة وأطر معدنية لتكشف عن عمل آلياتها. ولكن المؤرخ في عالم صناعة الساعات «جيفري كينغستون» ذكر أنه وفي العام 1760، قدّم كل من الساعاتيين الفرنسيين «ليبين» و»كارون» النماذج الأولى من آلات الوقت التي يمكن وصفها بالشفافة بحسب المعايير المعتمدة اليوم، فهي كانت تضم صفائح مفرّغة تُظهر جسور الساعة وقد تمّت زخرفتها.

Roger-Dubuis-Calibre-skeleton-watch

اليوم وبعد أكثر من 250 عاماً ، ما زالت الساعات الشفافة مستمرة في الإدهاش. فعندما أطلقت Vacheron Constantin مجموعة Métiers d’Art Mécaniques Ajourée، المستوحاة من خطوط الهندسة الصناعية التي كانت سائدة في أواخر القرن التاسع عشر، شرح المدير الفني للدار «كريستيان سلموني» عنها قائلاً: «إن تفريغ الآلية ومن ثم نقشها بأسلوب فني متطوّر، يضفي عليها مظهراً ثلاثي الأبعاد، كما وتقوم الأجزاء المعدنية بعكس الأنوار في مختلف الإتجاهات. لقد ابتكر فنانو النحت في الدار معنى جديداً للساعات الشفافة من خلال خلق التصاميم غير المسبوقة، كل ذلك مع المحافظة على المعايير الأصيلة التقليدية لفنون الزخرفة.»
لا شك أن Vacheron Constantin تُعتبر من بين أهم أرباب هذا الفن، وإحدى الدور القلائل التي تصدر نماذج شفافة تقريباً لكل ساعاتها، من البسيطة مروراً بتلك الشديدة الرقة، وصولاً إلى الساعات الأكثر تعقيداً كساعة Malte Openworked Tourbillon. ولكن لمَ الآن؟ «لقد شهدنا الكثير من التقدم التقني منذ التسعينيات، كما لحظنا منذ حوالي عشر سنوات عودة مدوية للأعمال اليدوية الزخرفية» يقول «سلموني»، ويضيف «لذلك فإنه ليس من المفاجئ أن تحظى الساعات الشفافة بهذا الإهتمام الكبير اليوم، كونها تقوم على تمازج نادر الحصول بين الناحيتين التقنية والجمالية.»

مع موجة انتشار الساعات الشفافة مؤخراً، أصبح هناك مفهوم جديد لما يجب أن تكون عليه الساعة الشفافة «الحقيقية». فصلب الموضوع أصبح يتمحور حول كونها قد صُنعت يدوياً أو لا، فالكثير من النماذج أصبحت تُفرَّغ بواسطة آلات حديثة ذات قدرات تقنية عالية، وطرق صناعية كالتفريغ بواسطة الإشعاع الحراري، أو تقنيات القطع التي يتم التحكم بها من خلال أجهزة الكومبيوتر، بدل من أن يقوم فنان النحت بتفريغ الآلية يدوياً ببراعة.
إن التفريغ الصناعي يساعد بلا شك على المحافظة على أعلى مستوى من الدقة، فأي فرق بسيط في تفريغ أي من المكونات الصغيرة للآلية يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على أداء آلة الوقت، ولكن ومع هذا، فإن هذه الساعات وبحسب «جيفري كنغستون»، لا يمكنها أن تعادل الساعات «الحقيقية» الكلاسيكية الراقية المفرّغة يدوياً من حيث القيمة. وتجدر الإشارة إلى أنه وعند النظر من خلال مكبّر إلى داخل الساعة الشفافة، يمكننا بسهولة معرفة إذا كانت مفرّغة يدوياً، فوحدها يد النحات بإمكانها أن تجعل الزوايا حادة جداً، بينما تكون الزوايا التي تحدثها الماكينات الصناعية مائلة إلى الشكل المستدير قليلاً. ونقدر أن نقول أن عمليات التفريغ بواسطة الآلات الصناعية ليست ضرورية، إلا بهدف زيادة الإنتاج وتقليص الكلفة.

ويشرح «كلاوديو كافاليير» السفير العالمي لدار Audemars Piguet المعروفة بجودة ساعاتها الشفافة قائلاً: «إن عمل Audemars Piguet في هذا المجال يتميّز بأساليب التشطيب وصناعة الزوايا التي يمكن فقط أن تُنجز باليد، وليس بواسطة الآلات.»

grieb_benzinger-black_tulip-blossom

أما الدار اليافعة Grieb & Benzinger فهي متخصصة بالساعات الشفافة المصنوعة يدوياً، ما جعلها محبوبة من قبل الجامعين والخبراء في القطاع. هذه الساعات ليست متوفرة في البوتيكات، بل فقط من خلال خدمة Concierge على شبكة الإنترنت، ما يزيدها فرادة وحصرية. كما أنها تتفرد بجمعها الحرف اليدوية الثلاثة في ساعاتها، أي التفريغ اليدوي، النحت والزخرفة. من هنا يعتبر «جورج بارتكوياك»، المسؤول عن قسم التصميم والتسويق في الدار أن «الساعات الشفافة الحديثة لم تعد تُعتبر بمثابة قطع فنية ناتجة عن خيال النحات، ولكنها باتت تُصمّم على شاشة الكومبيوتر بنسبة تقارب الـ 99%. الكومبيوتر أصبح بإمكانه اليوم تحديد القوة المطلوبة للمعدن المستعمل في الجسور والصفائح، كما أن آلات القطع والتفريغ الحديثة بإمكانها إخراج ساعات متشابهة تماماً، وذات خطوط مثالية جميلة، ولكنها تبقى قارئات وقت «من دون روح» بالنسبة إلى الخبراء.» ويضيف، «نحن ننأى بأنفسنا عن قواعد الإنتاج الحديث للساعات، ونتمسك باستعمال الأدوات التاريخية والآلات التي يعود عمرها إلى أكثر من 100 عام، وذلك بهدف الخروج بقطع فنية حقيقية.»
في الخلاصة، إن مفهوم الساعات الشفافة أو المفرغة هو شخصي تماماً، مرتبط جداً بالأساليب المختلفة لمنفذيها، أما اختيار الساعات الفريدة المصنوعة والمزخرفة يدوياً، أو تلك المفرغة صناعياً فهو يعود إلى الزبون. ولكن ما يمكننا التأكيد عليه هو أن الساعات المفرّغة الشفافة تتمتع بشعبية واسعة جداً عند هواة آلات الوقت والشغوفين بها.

 

إعداد: نيك رايس   |   words: Nick Rice

 

 

لقطات حيّة: Jaeger-LeCoultre و Atamian يحتفلان بالعيد الـ85 لساعة Reverso

أحيت  Jaeger-LeCoultre بالتعاون مع Atamian الذكرى السنوية الـ 85 لساعة Reverso الشهيرة يوم الثلاثاء 10 أيار 2016 وذلك في The Villa- ضبيه بحضور زبائن Jaeger-LeCoultre ووجوه اعلامية عديدة.

تماشى المكان الخلاّب مع التزام Jaeger-LeCoultre بتعزيز الخيال والجمع ما بين الخبرة والجرأة.

تُعتبر ساعة Reverso من ركائز الدار السويسرية وهي مثالية لإضفاء طابع شخصي إذ تتميّز بعرضها الحرف اليدوية النادرة كفنّ النقش، ضبط الاحجار الكريمة وعملية الصقل.

يُذكر أنه ومنذ 85 عاماً ودار Jaeger-LeCoultre تفاجئ العالم بابتكاراتها الاستثنائية التي تتجاوز حدود الابداع، وهي لا تزال مستمّرة بتقديمها ساعات متنوّعة تلّبي الرغبات كلها، البسيطة منها وحتى الاكثر تعقيداً.

مجوهرات تحتفل بقدوم الربيع

الألوان‭ ‬لغة‭ ‬كونية‭ ‬صامتة،‭ ‬هي‭ ‬مصدر‭ ‬الضوء‭ ‬والطاقة‭ ‬ولها‭ ‬تأثيرات‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬الحالة‭ ‬النفسية‭ ‬للمرء‭ ‬وصحته‭ ‬العقلية‭ ‬والمعنوية‭ ‬والجسدية،‭ ‬وانعكاس‭ ‬على‭ ‬تصرفاته‭ ‬وارتباط‭ ‬وثيق‭ ‬بتكوين‭ ‬شخصيته‭.‬

ألوان‭ ‬الباستيل‭ ‬الفاتحة‭ ‬شبيهة‭ ‬جداً‭ ‬بألوان‭ ‬الطبيعة‭ ‬الغنّاء‭. ‬وهي‭ ‬مزيج‭ ‬رائع‭ ‬منبثق‭ ‬من‭ ‬لون‭ ‬البحر‭ ‬والسماء،‭ ‬وأشعة‭ ‬الشمس‭ ‬والنباتات،‭ ‬والأعشاب‭ ‬والأزهار،‭ ‬والفراشات‭ ‬والأشجار‭.‬

ولعل‭ ‬أبرزها‭ ‬الأزرق‭ ‬السماوي،‭ ‬والزهري،‭ ‬والبنفسجي‭ ‬الخزامي،‭ ‬وسواها‭ ‬من‭ ‬تدرجات‭ ‬الألوان‭ ‬الناعمة،‭ ‬غير‭ ‬القوية،‭ ‬المائلة‭ ‬إلى‭ ‬التموّجات‭ ‬الطبيعية‭ ‬والخلطات‭ ‬الخفيفة،‭ ‬غير‭ ‬المشبعة‭ ‬بحدّة‭ ‬اللون‭ ‬وقوّته‭.‬

من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬تتفاعل‭ ‬مختلف‭ ‬الأحجار‭ ‬الكريمة‭ ‬مع‭ ‬الإنسان‭ ‬وتؤثر‭ ‬عليه‭ ‬مباشرةً‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬يدري‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يدري،‭ ‬وفقاً‭ ‬لنوع‭ ‬الحجر‭ ‬ولونه‭ ‬وخواصه‭. ‬وهي‭ ‬رمز‭ ‬من‭ ‬رموز‭ ‬البهاء‭ ‬والزينة،‭ ‬وبإمكانها‭ ‬أن‭ ‬تمد‭ ‬الشخص‭ ‬بالطاقة‭ ‬الحيوية‭ ‬وأن‭ ‬تحسّن‭ ‬حالته‭ ‬النفسية‭ ‬والجسدية‭ ‬وتقوي‭ ‬عزيمته‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬تستخدم‭ ‬دور‭ ‬المجوهرات‭ ‬تلك‭ ‬الأحجار‭ ‬لخلق‭ ‬تصاميم‭ ‬جذابة،‭ ‬عصرية،‭ ‬أنيقة‭ ‬وراقية،‭ ‬تناسب‭ ‬كل‭ ‬الشخصيات‭ ‬وتنسجم‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬الأذواق‭. ‬وما‭ ‬علينا‭ ‬سوى‭ ‬الإختيار‭ ‬من‭ ‬جنّة‭ ‬عدن‭ ‬الألوان‭.‬

للمصمم جورج حبيقة من مجموعة ربيع صيف ٢٠١٦

للمصمم جورج حبيقة من مجموعة ربيع صيف ٢٠١٦

لا‭ ‬حدود‭ ‬للأزرق

يرتبط‭ ‬اللون‭ ‬الأزرق‭ ‬مباشرة‭ ‬بالبحر‭ ‬والسماء‭ ‬اللامحدودين‭. ‬ويرمز‭ ‬بعذوبته‭ ‬إلى‭ ‬الأمان‭ ‬والاستقرار‭ ‬والاسترخاء‭ ‬والثقة‭. ‬كما‭ ‬يشجّع‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬الحوار‭ ‬ويوسّع‭ ‬الآفاق‭ ‬ويجلب‭ ‬الوحي‭ ‬لصاحبه،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬التصالح‭ ‬مع‭ ‬الذات‭ ‬والإحساس‭ ‬بالسلام‭ ‬الداخلي‭ ‬والسكينة‭.‬

تساعد‭ ‬الأحجار‭ ‬الكريمة‭ ‬الزرقاء‭ ‬على‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬التوتر‭ ‬والقلق،‭ ‬وتؤمن‭ ‬الراحة،‭ ‬خاصة‭ ‬للذين‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬الأرق‭ ‬والكوابيس‭. ‬من‭ ‬أهمها‭ ‬الأكوامارين،‭ ‬اللازورد،‭ ‬التانزانيت،‭ ‬التوباز‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬تدرجات‭ ‬التورمالين‭. ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬إن‭ ‬كنت‭ ‬من‭ ‬محبّي‭ ‬هذا‭ ‬اللون،‭ ‬فأنت‭ ‬حتماً‭ ‬تتميز‭ ‬بشخصية‭ ‬هادئة،‭ ‬منظمة،‭ ‬محافظة‭ ‬وتتمتع‭ ‬بقيم‭ ‬ومبادئ‭ ‬راسخة‭ ‬لا‭ ‬تتبدل‭ ‬مهما‭ ‬جرى‭. ‬يعشق‭ ‬هواة‭ ‬هذا‭ ‬اللون‭ ‬الترتيب‭ ‬والتوازن‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحيط‭ ‬بهم،‭ ‬وهم‭ ‬معتدلون‭ ‬ومتعقّلون‭ ‬في‭ ‬الحوار‭.‬
ومن‭ ‬الدور‭ ‬التي‭ ‬استعانت‭ ‬بهدوء‭ ‬الأزرق،‭ ‬
Brumani‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬الدقة‭ ‬الألمانية‭ ‬والحيوية‭ ‬البرازيلية‭ ‬والإبداع‭ ‬الإيطالي،‭ ‬ونأخذ‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬أقراط‭ ‬مجموعة‭ ‬Panaché  ‬الغنية‭ ‬بألوانها‭ ‬الربيعية‭ ‬الناعمة،‭ ‬وقد‭ ‬صيغت‭ ‬من‭ ‬الذهب‭ ‬الأبيض‭ ‬المرصّع‭ ‬بالماس‭ ‬وحبوب‭ ‬التوباز‭ ‬الأزرق‭. ‬

دار شانيل من مجموعة ربيع صيف ٢٠١٦

دار شانيل من مجموعة ربيع صيف ٢٠١٦الزهري‭ ‬المرهفالزهري‭ ‬المرهف

الزهري‭ ‬المرهف

يتماشى‭ ‬اللون‭ ‬الزهري‭ ‬مع‭ ‬المشاعر‭ ‬المرهفة‭ ‬والنعومة‭ ‬والجمال‭ ‬والنضارة‭. ‬هو‭ ‬رمز‭ ‬الأمومة‭ ‬والحنان‭ ‬والرقة‭ ‬والرومنسية‭ ‬والوفاء‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬وحسن‭ ‬النية‭. ‬لهذا‭ ‬اللون‭ ‬الهادئ‭ ‬مفعول‭ ‬إيجابي‭ ‬إذ‭ ‬يحفّز‭ ‬على‭ ‬استرخاء‭ ‬كافة‭ ‬العضلات‭ ‬في‭ ‬الجسم،‭ ‬وتغذية‭ ‬الطاقة‭ ‬والتوازن‭ ‬في‭ ‬المشاعر‭.‬

تساعد‭ ‬الأحجار‭ ‬الكريمة‭ ‬الزهرية‭ ‬على‭ ‬إضفاء‭ ‬مشاعر‭ ‬الحب‭ ‬والودّ‭ ‬والفرح‭ ‬والإيجابية،‭ ‬ومن‭ ‬أهمها‭ ‬الكوارتز،‭ ‬التورمالين‭ ‬والسافير‭ ‬الوردي،‭ ‬المورغانيت‭ ‬وغيرها‭. ‬ومن‭ ‬أجمل‭ ‬ما‭ ‬لفتنا‭ ‬مؤخراً‭ ‬من‭ ‬المجوهرات‭ ‬المرصعة‭ ‬بالأحجار‭ ‬الوردية،‭ ‬خاتم‭ ‬Hopi‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬Bleu de Jodhpur‭ ‬لدار‭ ‬Boucheron،‭ ‬وهو‭ ‬مرصع‭ ‬بالماس‭ ‬والسافير‭ ‬ويتوسطه‭ ‬حجر‭ ‬من‭ ‬المورغانيت‭ ‬الوردي‭ ‬الفاتح‭. ‬

للمصمم زهير مراد من مجموعة ربيع صيف ٢٠١٦

للمصمم زهير مراد من مجموعة ربيع صيف ٢٠١٦

الربيع‭ ‬برومانسية‭ ‬البنفسجي

ترتبط‭ ‬الأحجار‭ ‬الكريمة‭ ‬البنفسجية‭ ‬بالغموض‭ ‬والسحر‭ ‬والطهارة‭ ‬والنقاء،‭ ‬وتُستخدم‭ ‬لتقوية‭ ‬الوعي‭ ‬وتحفيز‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الذات‭ ‬وزيادة‭ ‬نسبة‭ ‬الخيال‭ ‬والتأمل‭. ‬يمتاز‭ ‬محبّو‭ ‬هذا‭ ‬اللون‭ ‬بطبيعة‭ ‬حسّاسة‭ ‬ومحافظة،‭ ‬كما‭ ‬يتمتعون‭ ‬بثقة‭ ‬عالية‭ ‬بالنفس‭ ‬وبإيمان‭ ‬وطيد‭ ‬بالمقدرة‭ ‬الذاتية‭. ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬الأحجار‭ ‬الكريمة‭ ‬البنفسجية‭ ‬نذكر‭ ‬الجمشت‭ ‬الأرجواني،‭ ‬وبعض‭ ‬تدرجات‭ ‬الخلقيدوني‭.‬

وقد‭ ‬استوحت‭ ‬دار‭ ‬Pasquale Bruni‭ ‬من‭ ‬عمامة‭ ‬المهراجا‭ ‬لتصميم‭ ‬خواتم‭ ‬مجموعة‭ ‬Lady Taj،‭ ‬التي‭ ‬أتت‭ ‬مرصّعة‭ ‬بالياقوت‭ ‬والتوباز‭ ‬والجمشت‭ ‬الأرجواني‭ ‬والعقيق‭ ‬وعرق‭ ‬اللؤلؤ‭ ‬والماس،‭ ‬حيث‭ ‬أُدمجت‭ ‬هذه‭ ‬الأحجار‭ ‬الزاهية‭ ‬لخلق‭  ‬خاتم‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬وردة‭ ‬مع‭ ‬خمسة‭ ‬بتلات‭ ‬يتوّجها‭ ‬حجر‭ ‬ضخم‭ ‬يرمز‭ ‬إلى‭ ‬شكل‭ ‬قبّة‭ ‬المعلم‭ ‬الشهير‭ ‬‮«‬تاج‭ ‬محل‮»‬‭.‬

إحتفاءً‭ ‬بفصل‭ ‬الربيع،‭ ‬يبدأ‭ ‬مهرجان‭ ‬الألوان‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬المجوهرات‭ ‬ويُشرّع‭ ‬الأبواب‭ ‬على‭ ‬مصراعيها،‭ ‬لتنعكس‭ ‬هذه‭ ‬الألوان‭ ‬الزاهية‭ ‬فرحاً‭ ‬وإشراقاً‭ ‬وتفاؤلاً‭ ‬ومحبة‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬أجمعين‭.‬

جواهر شوبارد: أحلام من أنوار وألوان

مجوهرات شوبارد الخلابة من مجموعة «السجادة الحمراء» تلتقط الأنوار لتعكس من حولها جمالاً أثيرياً، وملامح تجريدية رائعة تسلب الألباب.

المديرة الإبداعية: ساندرا ليين   |   Creative Direction: Sandra Lane

تصوير: دافيد غوف   |   Photography: David Goff

:Post-production

Nash Balmedina for Analog Production