نقية كالمياه العذبة..جوهرة فريدة لن تتكرر لدار David Morris

 

في العام 2014، قام Jeremy Morris، وهو المدير التنفيذي والمصمم الرئيسي في مشاغل دار David Morris، بشراء حجر ضخم من الماس الخام، زنته 120 قيراطاً، وقد تم استخراجه من منجم Cullinan الشهير في أفريقيا الجنوبية.

هذه الجوهرة القيّمة، تم إرسالها إلى أحد أهم وأبرع قاطعي الأحجار في نيو يورك، ليمضي هذا الأخير ثمانية أشهر من العمل الدؤوب، ويخرج بهذا الحجر الرائع زنة 59.89 قيراطاً، والذي يتوسط هذا السوار. على جانبيّ الماسة الضخمة، تم تزيين السوار ببتلات أزهار تعكس بريق أحجار الماس الأبيض والوردي بقطع فاخر، عملية تطلب إنجازها 100 ساعة من أعمال الترصيع en tremblant في مشاغل الدار في لندن، هذه التقنية التي تسمح بجذب الأنوار وعكسها ونشرها بشكل أوسع وأقوى.

شفافة كالمياه العذبة، هذه الماسة التي تزن قرابة الـ60 قيراطاً صُنّفت من قبل المعهد الأميركي للأحجار الكريمة GIA كأنقى جوهرة من فئة D، التي تضم أحجار الماس الأكثر شفافية والخالي من الشوائب واللون، كما ومُنحت شهادة الماسة الأنقى من فئة IIa.

لم يُطلق على هذه الجوهرة إسماً معروفاً على مستوى العالم بعد، ليتمكن مالكها المستقبلي من تسميتها كما يحب ويرتئي، كامتياز إضافي إستثنائي، لحيازته إحدى أهم وأندر وأروع الجواهر في العالم.

نعم لنزاهة الذهب

مع الصحوة التي تشهدها المجتمعات مؤخراً إلى أهمية المحافظة على الأخلاقيات في إدارة الإقتصاد العالمي، والتوجه إلى استعمال موارد الطاقة المستدامة المستخرجة بطرق نزيهة من باطن الأرض، ها هو عالم صناعة الوقت يستهل مسيرته في هذا المجال من خلال شركتين صانعتين للساعات، تلتزمان صياغة قطعهما بالذهب «النزيه».

شوباردL.U.C XPS Fairmined

شوبارد L.U.C XPS Fairmined

 

«إنه ليس بالمسار السهل، ولكن يجب علينا اتباعه» هذا ما قاله

Karl-Friedrich Scheufele، الرئيس المشارك في دار Chopard العام الماضي، عندما أعلن عن القرار الذي اتخذه إلى جانب شقيقته Caroline Scheufele، وهي بدورها تلعب دور رئيس مشارك في الدار، بالانتقال بعمل الشركة التي تملكها العائلة إلى استعمال المواد الآتية من مصادر مستدامة. هم يقرّون أن الهدف الذي يضعونه نصب عينيهم هو في الواقع صعب المنال، إذ أنهم يسعون إلى الوصول، إذ أنهم يسعون إلى الوصول إلى نسبة %100 من المواد النزيهة المصادر، ولكن يجب البدء من نقطة ما، بدل الإكتفاء بالحديث عن الموضوع، ونقطة البداية هي «الذهب النزيه».

 

 

شوبارد L.U.C XPS Fairmined أثناء إدخالها إلى الفرن

شوبارد L.U.C XPS Fairmined أثناء إدخالها إلى الفرن

فبعد أن قدمت شوبار عام 2013 مجموعة المجوهرات  Green Carpet ضمن هذا السياق، أطلقت في العام 2014 L.U.C. Tourbillon QF Fairmined، وهي الساعة الأولى في العالم بعلبة وغطاء مصنوعين من «الذهب الأخضر» كما تُطلق عليه التسمية، عيار 18 قيراطاً، لتتبعها في الـ 2015 ساعة  L.U.C. XPS Fairmined. هذه الساعات تتربع اليوم على أعلى قمة الإصدارات التي تحمل توقيع الدار، ولكن إنتاجها ما زال محدوداً جداً، ليس لأن الدار لا تريد أن تصنعها بل لأن عدد المزوّدين بهذا النوع من المواد الأولية ما زال محصوراً جداً.

شوبارد L.U.C XPS Fairmined خلال عملية التذويب

شوبارد L.U.C XPS Fairmined خلال عملية التذويب

 

 

إننا نأمل خيراً بأن تصبح عبارة «المواد النزيهة» متداولة أكثر في الوسط، وأن نراها منقوشة على عدد كبير من الإنتاجات في عالم صناعة الساعات الراقية، كون شهادة التصديق الخاصة بهذا التميّز، إذا جاز التعبير» قد تم تطويرها من قبل جمعية «التحالف من أجل الإستخراج المسؤول للمعادن» (ARM) غير الربحية، وهي تضمن أن هذه المعادن قد تم استخراجها من مصادر موثوقة، وبطرق أخلاقية ومبادئ ملتزمة بمعايير الإستدامة.

 

 

 

 

273°-rose-gold2

بالذهب النزيه °Zeitwinkle 27كما ومن جهة أخرى، تعتبر الدار السويسرية Zeitwinkel المتخصصة في صناعة الساعات الفاخرة،  الوحيدة التي انضمت إلى التحالف المذكور، إذ أطلقت عام 2014 ساعتها 273˚، وهي الأولى التي أتت بعلبة من «الذهب النزيه».

 

كما ومن جهة أخرى، تعتبر الدار السويسرية Zeitwinkel المتخصصة في صناعة الساعات الفاخرة،  الوحيدة التي انضمت إلى التحالف المذكور، إذ أطلقت عام 2014 ساعتها 273˚، وهي الأولى التي أتت بعلبة من «الذهب النزيه».

وعن ذلك تحدث Peter Niklaus، الشريك المؤسس في الدار قائلاً: «عند التطرق إلى مسألة الاستدامة فإنه ليس لدينا خيار آخر، كون ذلك أمر أساسي في فلسفة الدار. وبما أن البعض من عملائنا يرغبون باقتناء الساعات المصنوعة من الذهب، فإن هذه القطع يجب أن تصاغ من الذهب النزيه. وإذا كانت العديد من العلامات التجارية «تتحدث» عن أهمية الإلتزام بالموارد المستدامة، فنحن فعلاً جديون بما يخص هذا الموضوع».

أما الحافز الذي يقف وراء توجه  Chopardبشكل فعلي نحو نظم الاستدامة فهو يتلخص بسلسلة محادثات بين CarolineوKarl-Friedrich Scheufele مع Livia Firth  زوجة الممثل Colin Firth، التي تعرفت إليها كارولين من خلال الشراكات المستمرة للدار مع المهرجانات السينمائية العالمية، كما كان لشركة Eco-Age المملوكة من عائلة فيرث، دور مهم في توثيق العلاقات بين  Chopard وARM.

ومثل حال الماس، أو ما يطلق عليه اسم «ماس الصراعات»، الذي كان مجهول المصادر تماماً قبل العام 2000، اليوم نسبة قليلة من الصائغين والمستهلكين يعرفون مصادر الذهب الذي يستعملونه أو يرتدونه. فالمعروف أن %80 من العاملين في مجال استخراج الذهب اليوم، ينتجون فقط %20 من الذهب العالمي، وذلك من خلال عدد محدود من الحرفيين وأصحاب المشاريع الصغيرة، ما يجعلهم عرضة للاستغلال بشكل كبير.

عمال المناجم في الجبال

عمال المناجم في الجبال

وفي الوقت الذي تقدم فيه منظمة «التحالف من أجل الإستخراج المسؤول للمعادن» أسعار مميزة لمستخرجي الذهب النزيه، فإن مشاركة  Chopard في هذا المسار لا تقتصر فقط على التزوّد منهم بالذهب، بل تمتد إلى دعم عمال المناجم والمساهمة في تطوير عمليات الإنتاج بهدف زيادة كميات الذهب المستخرج بطرق نزيهة في الأسواق.

وفي معرض شرحه للأسباب التي تجعل هذا الذهب وبالتالي الساعات المصنوعة منه أغلى ثمناً، أضاف Peter Niklaus: «إن السبب مرتبط بالتكلفة الكبيرة التي يتم دفعها للمناجم التي تقوم باستخراج الذهب بمواصفات معينة وأنظمة استدامة خاصة ومعتمدة. فهذا الذهب يعالج بطريقة خاصة ومنفصلة عن غيره من ذهب المصادر الأخرى، والأشخاص الذين يقدّرون هذه العمليات لا يمانعون بهذا الارتفاع في السعر، بل يكونون فخورين باقتنائهم ساعات مصنوعة من الذهب النزيه. ومن الضروري أن يتم شرح أهمية هذا الذهب، ونشر تفاصيل عمليات التنقيب عنه واستخراجه بطرق مسؤولة، وذلك لتشجيع استعماله، وتنمية الطلب عليه».

هذا وقد رفضت كل من  Zeitwinkel وChopard استعمال الذهب المعاد تدويره، لعدم القدرة على تتبع مصادره، حيث من الممكن أن يكون قد تم استخراجه تحت شروط استغلالية ومنافية لقواعد أخلاقيات العمل في المناجم. وفي هذا الإطار، أتى أيضاً على لسان شوفيل: «يجب علينا أن نكون مثالاً يحتذى به، ومن الممكن أن نستعين بقدراتنا الإعلامية حول العالم لنشر التوعية والعلم والانتباه حول هذا الموضوع. فالكثير من التغيير يطرأ على أولويات العملاء الذين أصبحوا يهتمون بمعرفة مصادر السلع التي يشترونها، وعن كيفية صناعتها«.

إعداد : ساندرا ليين   |   words : sandra lane

وجوه الساعات تتجمّل

 

صحيح أن قلوب الساعات تنبض ميكانيكياً، وتتألف من مكوّنات محددة، جادة في إتمام مهماتها بدقة تامة، إلا أن لقارئات الوقت وجوه جميلة، تتطلب الكثير من العناية التجميلية لتبدو في أبهى حللها. فتعمد الدور إلى زخرفتها بطرق فنية متنوّعة، كتقنيات النقش guilloché، التي تُعتبر من أهم أساليب تجميل وجوه الساعات، وقلوبها أحياناً.

ساعة "بلو بولاريس" لدار "غرييب أند بنزنغر" مع نقش على الميناء والحركة

ساعة “بلو بولاريس”
لدار “غرييب أند بنزنغر” مع نقش على الميناء والحركة

 بريغيه "كلاسيك دام" Berguet Classique Dame

بريغيه “كلاسيك دام”
Berguet Classique Dame

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إن فن النقش بالنسبة إلى عالم صناعة الساعات هو عبارة عن مجموعة تقنيات تزيينية تظهر في أكثر الأحيان على الموانئ، كما ويتم أحياناً نقش جوانب العلبة أو جهتها الخارجية. ولكن لا تقتصر مهمة تقنيات النقش على التزيين فقط، بل هي من الممكن أيضاً أن تحمي الساعة من التشوّهات، ومن الخدوش التي تظهر واضحة على المساحات المسطحة. وتجدر الإشارة إلى أن الساعاتي المعلم أبراهام لويس بريغيه كان أول من استعمل أكثر من تقنية نقش واحدة على كل من موانئ ساعاته، وذلك للتفريق بين المؤشرات والوظائف المختلفة المجتمعة عليها.

vacheron constantin watch Guillochage قيض الإنشاء - النقش على الميناء

vacheron constantin watch Guillochage
قيض الإنشاء – النقش على الميناء

تُنَفَّذ هذه التقنيات إمّا بواسطة آلات ميكانيكية أو أدوات يدوية، ومنها ما تعتمدها الدور كجزء من هويتها، فنأخذ على سبيل المثال نقش Grand Tapisserie الذي ابتكرته Audemars Piguet ليزيّن موانئ ساعاتها الأيقونية Royal Oak. كما ومن ناحية أخرى، تبادر بعض الدور أحياناً إلى نقش أجزاء ومكوّنات حركاتها الميكانيكية، وتعرضها للعيان إن من خلال الكريستال السافيري الذي يغطي الجهة الخلفية للساعة، أو تظهر هذه النقوش في بعض الأحيان على وجه الساعات ذات الموانئ الشفافة والحركات الميكانيكية المفرّغة skeleton.

إذاً، الأساليب كثيرة واللمسات الأخيرة متنوّعة، فتارة ترى أشكالاً دائرية متكررة أو متداخلة حلزونية، وطوراً تتخذ النقوش أشكالاً مربّعة أو مثلثة أو متموّجة، نافرة أو غارقة في خلفية الميناء، أو تأتي على شكل رسومات متكررة بأحجام مختلفة أو كتابات رمزية معبّرة.

الطلاء بالميناء على ميناء ساعة "فلوريليج" من فاشرون كونستانتان

الطلاء بالميناء على ميناء ساعة “فلوريليج” من فاشرون كونستانتان

 

يمكننا أن نقول أن تقنية التزيين الأكثر انتشاراً واستعمالاً هي تقنية «المسامير» المعروفة باسم Clous de Paris. هذه التقنية هي عبارة عن مساحة مزخرفة مؤلفة من خطوط مستقيمة متداخلة لتشكل مربعات متساوية، ويكون كل مربع نافر على شكل هرم، وإذا تم النظر إليها من مسافة بعيدة، فهو يضفي عمقاً على الميناء المزيّن بها. إضافة إلى ذلك، ولصغر التفاصيل المؤلفة لهذه التقنية، لا يمكن ملاحظتها إلا إذا أمعنّا النظر إليها عن قرب أو بواسطة مكبّر. والجدير بالذكر أن هذه التقنية التي يعتمدها الكثير من الساعاتيين في تزيين ساعاتهم، هي وإن بدت بسيطة، إلا أنها من بين التقنيات التي تتطلب الكثير من الدقة والتركيز في التنفيذ، فعلى فنان النقش أن يسيطر تماماً على عمق الخطوط التي يحدثها، علماً أنها في أكثر الأحيان تكون أرفع من شعرة الرأس.

من الدور التي اعتمدت تقنية Clous de Paris مؤخراً، Breguet التي زخرفت بواسطتها الميناء الفرعي للساعات والدقائق الذي يحتل القسم الأعلى من ساعة Tradition Automatique Seconde Retrograde المصوغة من الذهب الأبيض قطر 40 ملم، كما زيّنت Tissot بدورها عدداً كبيراً من إصداراتها للعام 2015 بهذه التقنية الزخرفية الفنية.

 

إعداد : ليزا أبو شقرا   |   words : Liza Abou Shakra

ولكل جوهرة حكاية

كل‭ ‬قطعة‭ ‬مجوهرات‭ ‬ترافقها‭ ‬قصة‭ ‬تربطها‭ ‬بحاملتها،‭ ‬قصة‭ ‬حب‭ ‬أو‭ ‬نجاح،‭ ‬أو‭ ‬قصة‭ ‬ولادة‭ ‬أو‭ ‬ذكرى‭ ‬قريبة‭ ‬إلى‭ ‬القلب،‭ ‬تعود‭ ‬تفاصيلها‭ ‬الدقيقة‭ ‬أو‭ ‬خيالاتها‭ ‬الجميلة‭ ‬إلى‭ ‬ذاكرتها‭ ‬كلما‭ ‬نظرت‭ ‬إلى‭ ‬الحلية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭ ‬من‭ ‬صديقاتها‭ ‬المقربات‭. ‬هذه‭ ‬الحكايا‭ ‬تولد‭ ‬مع‭ ‬وصول‭ ‬قطعة‭ ‬المجوهرات‭ ‬إلى‭ ‬مالكتها‭ ‬الجديدة،‭ ‬وممكن‭ ‬أن‭ ‬تتغيّر‭ ‬إذا‭ ‬انتقلت‭ ‬من‭ ‬سيدة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى،‭ ‬ولكن‭ ‬لكل‭ ‬جوهرة‭ ‬قصة‭ ‬واحدة‭ ‬ترافقها‭ ‬منذ‭ ‬الطفولة،‭ ‬مرتبطة‭ ‬بمصدر‭ ‬الإلهام‭ ‬والمناسبة‭ ‬التي‭ ‬صيغت‭ ‬فيها،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬لأحد‭ ‬روايتها‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬الدار‭ ‬التي‭ ‬تنتجها‭… ‬Van Cleef‭ & ‬Arpels‭ ‬استقت‭ ‬إلهامات‭ ‬مجوهراتها‭ ‬الجديدة‭ ‬Seven Seas‭ ‬من‭ ‬المشاهد‭ ‬الطبيعية‭ ‬للبحار‭ ‬السبعة،‭ ‬لتغرق‭ ‬دار‭ ‬Chaumet‭ ‬في‭ ‬جمال‭ ‬وذوق‭ ‬الأمبراطورة‭ ‬Joséphine‭ ‬وتهديها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المجوهرات‭ ‬الإستثنائية‭… ‬وتختار‭ ‬Chanel‭ ‬أن‭ ‬تهدي‭ ‬سيداتها‭ ‬طلاسم‭ ‬خاصة‭ ‬جداً‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬مجموعة‭ ‬Les‭ ‬Talismans‭ ‬de‭ ‬Chanel،‭ ‬وتطلق‭ ‬Boucheron‭ ‬مجموعة‭ ‬Bleu de‭ ‬Jodhpur‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬صديقها‭ ‬Gaj Singh II‭ ‬مهراجا‭ ‬ماروار‭…

Van‭ ‬Cleef‭ & ‬Arpels‭ ‬جواهر‭ ‬من‭ ‬البحار‭ ‬السبعة

إلى‭ ‬الآفاق‭ ‬المفتوحة‭ ‬اللامتناهية،‭ ‬وإلى‭ ‬خطوط‭ ‬التقاء‭ ‬الشمس‭ ‬بالمياه‭ ‬الزرقاء،‭ ‬توجّهت‭ ‬أنظار‭ ‬الفنانين‭ ‬في‭ ‬مشاغل‭ ‬Van‭ ‬Cleef‭ & ‬Arpels،‭ ‬لرسم‭ ‬خطوط‭ ‬مجموعتهم‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬المجوهرات‭ ‬المستوحاة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬البحري‭ ‬الساحر‭ ‬بأمواجه‭ ‬العاتية‭ ‬أحياناً‭ ‬والهادئة‭ ‬المنتظمة‭ ‬أحياناً‭ ‬أخرى،‭ ‬ومن‭ ‬مخلوقاته‭ ‬الغريبة،‭ ‬وكنوزه‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تُقَدَّر‭ ‬بثمن‭..! ‬فمجموعة‭ ‬Seven‭ ‬Seas‭ ‬‭ ‬تستقي‭ ‬خطوطها‭ ‬من‭ ‬المساحات‭ ‬البلورية‭ ‬اللماعة،‭ ‬ومن‭ ‬خطوط‭ ‬الزبد‭ ‬البيضاء‭ ‬التي‭ ‬تزيّن‭ ‬زرقة‭ ‬المياه‭ ‬مع‭ ‬تكسّر‭ ‬أمواجها‭. ‬

إنها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الجواهر‭ ‬يمكنك‭ ‬الإبحار‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬بين‭ ‬”البحار‭ ‬السبعة”‭ ‬لتشهد‭ ‬على‭ ‬جمال‭ ‬الطبيعة‭ ‬البحرية‭ ‬وتتأمل‭ ‬تفاصيلها‭ ‬التي‭ ‬رصّعتها‭ ‬الدار‭ ‬بالماس‭ ‬والأحجار‭ ‬الكريمة،‭ ‬تعبيراً‭ ‬عن‭ ‬شغفها‭ ‬بالكنوز‭ ‬التي‭ ‬تقبع‭ ‬في‭ ‬قعر‭ ‬المحيطات،‭ ‬وإيقاع‭ ‬حركة‭ ‬المياه‭ ‬وتدرجات‭ ‬ألوان‭ ‬المحيط‭.‬

تبدأ‭ ‬الدار‭ ‬رحلتها‭ ‬بين‭ ‬بحار‭ ‬العالم،‭ ‬لترسو‭ ‬تحت‭ ‬السماء‭ ‬اللازوردية‭ ‬اللون‭ ‬للبحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬Mediterranean‭ ‬Sea‭ ‬الذي‭ ‬يبدو‭ ‬وكأنه‭ ‬يستحم‭ ‬بالأنوار‭ ‬وانعكاساتها‭ ‬الراقصة‭ ‬على‭ ‬سطحه‭. ‬هذا‭ ‬البحر‭ ‬المعروف‭ ‬بتدرجاته‭ ‬الزرقاء‭ ‬الغنية‭ ‬بالأساطير‭ ‬والحكايا‭ ‬المثيرة‭ ‬الساحرة،‭ ‬تراه‭ ‬
Van‭ ‬Cleef‭ & ‬Arpels‭ ‬يتموّج‭ ‬بدلال‭ ‬تحت‭ ‬عيون‭ ‬جنيات‭ ‬البحر‭ ‬وطيور‭ ‬لنحام‭ ‬flamingos‭ ‬الساهرة‭ ‬لحمياته‭. ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬الطيور،‭ ‬استعارت‭ ‬الدار‭ ‬واحداً،‭ ‬وصاغته‭ ‬فارداً‭ ‬جناحيه‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬عقد‭ ‬Flamant‭ ‬المرصّع‭ ‬بالماس‭ ‬والسافير‭ ‬الوردي‭ ‬والزبرجد‭ ‬peridots‭ ‬والأونيكس،‭ ‬وترافقه‭ ‬أقراط‭ ‬متدلية‭ ‬متناسقة‭ ‬معه‭.‬

أما‭ ‬بحر‭ ‬العرب‭ ‬Arabian‭ ‬Sea‭ ‬فقد‭ ‬أغنى‭ ‬مجموعة‭ ‬Seven‭ ‬Seas‭ ‬بمشبك‭ ‬Etoile‭ ‬de‭ ‬Mer‭ ‬الذي‭ ‬أتى‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬نجمة‭ ‬بحر‭ ‬تلمع‭ ‬ببريق‭ ‬أحجار‭ ‬الماس‭ ‬والسافير‭ ‬الوردي،‭ ‬وهي‭ ‬آتية‭ ‬من‭ ‬مياه‭ ‬هذا‭ ‬البحر‭ ‬الدافئة،‭ ‬وأمواجه‭ ‬التي‭ ‬تتكسر‭ ‬على‭ ‬شواطئ‭ ‬الساحل‭ ‬الهندي‭ ‬وشبه‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية‭.‬

أما‭ ‬وفي‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬تتداخل‭ ‬فيها‭ ‬وتتمازج‭ ‬مياه‭ ‬المحيط‭ ‬الهندي‭ ‬الدافئة‭ ‬مع‭ ‬أمواج‭ ‬الأطلسي،‭ ‬فقد‭ ‬وجدت‭ ‬Van‭ ‬Cleef‭ & ‬Arpels‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬إلهاماتها،‭ ‬فاستعارت‭ ‬الدار‭ ‬من‭ ‬جزيرة‭ ‬Benguerra‭ ‬إسمها‭ ‬لتطلقه‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬وسوار‭ ‬يشبهان‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬انسيابهما‭ ‬على‭ ‬العنق‭ ‬والمعصم،‭ ‬وقد‭ ‬رُصِّعا‭ ‬بالأحجار‭ ‬الكريمة‭ ‬نفسها،‭ ‬وتزيّنا‭ ‬باللآلئ‭ ‬البيضاء‭. ‬

أنوار‭ ‬وزرقة‭ ‬بحر‭ ‬قزوين‭ ‬والأدرياتيكي

ونصل‭ ‬إلى‭ ‬بحر‭ ‬قزوين‭ ‬Caspian‭ ‬Sea،‭ ‬الذي‭ ‬يُعتبر‭ ‬بمثابة‭ ‬البحيرة‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬ويقع‭ ‬بين‭ ‬جبال‭ ‬القوقاز‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬ويتباهى‭ ‬بجمال‭ ‬مياهه‭ ‬المتموّجة‭ ‬في‭ ‬الشتاء،‭ ‬والبرّاقة‭ ‬العاكسة‭ ‬للأنوار‭ ‬في‭ ‬الصيف‭. ‬فأتى‭ ‬مشبك‭ ‬

Vagues‭ ‬Mystérieuses‭ ‬ليجسّد‭ ‬حركة‭ ‬الأمواج‭ ‬المتلاحقة‭ ‬المرصعة‭ ‬بالسافير‭ ‬الأزرق‭ ‬ترصيعاً‭ ‬خفياً،‭ ‬وهي‭ ‬تبرق‭ ‬بأحجار‭ ‬الماس‭ ‬وتتزيّن‭ ‬بالتدرجات‭ ‬الزرقاء‭ ‬الفاتحة‭ ‬لأحجار‭ ‬الـ‭ ‬Paraiba‭ ‬tourmaline‭. ‬وأمواج‭ ‬بحر‭ ‬قزوين‭ ‬ألهمت‭ ‬فناني‭ ‬Van‭ ‬Cleef‭ & ‬Arpels‭ ‬أيضاً‭ ‬لتصميم‭ ‬أقراط‭ ‬Vagues‭ ‬المزيّنة‭ ‬بخطوط‭ ‬متموّجة‭ ‬من‭ ‬السافير‭ ‬الأزرق‭ ‬والزمرد‭ ‬والماس،‭ ‬كما‭ ‬تُبرز‭ ‬جمال‭ ‬اللون‭ ‬النيلي‭ ‬لأحجار‭ ‬اللازورد‭ ‬lapis‭ ‬lazuli‭. ‬

.‬ونختتم‭ ‬المشوار‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأدرياتيكي‭ ‬Adriatic‭ ‬Sea‭ ‬الذي‭ ‬أهدى‭ ‬صفاء‭ ‬مياهه‭ ‬الشفافة،‭ ‬وخضرة‭ ‬سواحله‭ ‬النضرة‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الصيف،‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬قطع‭ ‬مجوهرات‭ ‬مجموعة‭ ‬Seven‭ ‬Seas‭ ‬التي‭ ‬انضوت‭ ‬تحت‭ ‬رايته‭. ‬فخاتم‭ ‬Ancône‭ ‬الذي‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬التدرجات‭ ‬الزرقاء‭ ‬للسافير،‭ ‬والفيروزية‭ ‬والزمردية‭ ‬وبريق‭ ‬الماس،‭ ‬هو‭ ‬مستوحى‭ ‬من‭ ‬المشاهد‭ ‬الخلابة‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬مدينة‭ ‬Ancona‭ ‬الإيطالية‭ ‬القديمة،‭ ‬الواقعة‭ ‬على‭ ‬شاطئ‭ ‬البحر‭ ‬الأدرياتيكي،‭ ‬وموانئها‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تهدأ‭. ‬بينما‭ ‬استقى‭ ‬عقد‭ ‬وأقراط‭ ‬Lagune‭ ‬Précieuse‭ ‬روعتها‭ ‬من‭ ‬تدرجات‭ ‬الأزرق‭ ‬والأخضر‭ ‬المتغيّرة‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬للبحيرات‭ ‬الأدرياتيكية،‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬ترصيعها‭ ‬بوابل‭ ‬من‭ ‬الماس‭ ‬والسافير‭ ‬الأزرق‭ ‬والأكوامارين

Chaumet‬من‭ ‬أرستقراطية‭ ‬الإمبراطورة ‭ ‬Joséphine

في‭ ‬جزر‭ ‬البحر‭ ‬الكاريبي،‭ ‬وفي‭ ‬وسط‭ ‬حدائق‭ ‬الـ‭ ‬Martinique‭ ‬الخلابة،‭ ‬وُلدت‭ ‬Joséphine،‭ ‬تعرّفت‭ ‬على‭ ‬فنون‭ ‬الإستمتاع‭ ‬بالحياة،‭ ‬وتعلمت‭ ‬كيف‭ ‬تكون‭ ‬أرستقراطية‭ ‬عند‭ ‬اللزوم‭ ‬مع‭ ‬الإحتفاظ‭ ‬بشخصيتها‭ ‬الناعمة‭ ‬والراقية‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬معاً‭. ‬بسيطة‭ ‬هي‭ ‬نعم،‭ ‬تفضل‭ ‬جمال‭ ‬البجعة‭ ‬على‭ ‬عظمة‭ ‬النسر‭ ‬الأمبراطوري،‭ ‬حيوية‭ ‬وانتعاش‭ ‬الطبيعة‭ ‬على‭ ‬برودة‭ ‬وشحوب‭ ‬جدران‭ ‬القصر‭ ‬الرخامية،‭ ‬وشفافية‭ ‬الموسلين‭ ‬وليونة‭ ‬الدانتيل‭ ‬على‭ ‬خشونة‭ ‬قماش‭ ‬القطيفة‭ ‬brocade‭ ‬الملكي‭ ‬المطرّز‭. ‬ففي‭ ‬أزيائها،‭ ‬ابتكرت‭ ‬أسلوباً‭ ‬خاصاً‭ ‬بها،‭ ‬جمع‭ ‬بين‭ ‬جماليات‭ ‬القرن‭ ‬الثامن‭ ‬عشر‭ ‬والخطوط‭ ‬النيوكلاسيكية،‭ ‬فأضافت‭ ‬إلى‭ ‬طلاتها‭ ‬لمسات‭ ‬من‭ ‬فن‭ ‬الأرابسك‭ ‬العربي،‭ ‬رسوماً‭ ‬للأزهار‭ ‬وأوراق‭ ‬الشجر،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الملامح‭ ‬التي‭ ‬تضفي‭ ‬طراوة‭ ‬على‭ ‬جمود‭ ‬الأزياء‭ ‬الأمبراطورية‭. ‬كما‭ ‬عُرفت‭ ‬بشغفها‭ ‬الكبير‭ ‬بالمجوهرات،‭ ‬وذوقها‭ ‬الرفيع‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬ما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬شخصيتها‭ ‬المميزة‭.‬ جوزيفين،‭ ‬بقوتها‭ ‬ونعومتها،‭ ‬توازنها‭ ‬وحركتها،‭ ‬هي‭ ‬مصدر‭ ‬إلهام‭ ‬غزير‭ ‬لمصممي‭ ‬دار‭ ‬Chaumet‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتوانَ‭  ‬عن‭ ‬تسمية‭ ‬مجموعة‭ ‬مجوهراتها

الفاخرة‭ ‬الجديدة‭ ‬باسمها،‭ ‬مقدّمة‭ ‬45‭ ‬قطعة‭ ‬حلي‭ ‬إستثنائية‭ ‬كفيلة‭ ‬بتجسيد‭ ‬ذوق‭ ‬الملكة‭ ‬Joséphine‭ ‬التي‭ ‬عاصرتها‭ ‬الدار‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الثامن‭ ‬عشر،‭ ‬لتبقى‭ ‬رواية‭ ‬Chaumet‭ ‬مستمرة‭ ‬ومتجددة‭ ‬باستمرار‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬منذ‭ ‬235‭ ‬عاماً‭. ‬هذه‭ ‬الجواهر‭ ‬الجديدة‭ ‬تحمل‭ ‬ملامح‭ ‬رسوم‭ ‬العقود‭ ‬والتيجان‭ ‬وقطع‭ ‬الزينة‭ ‬للشعر‭ ‬aigrette‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬الدار‭ ‬تصوغها‭ ‬في‭ ‬حقبة‭ ‬Belle‭ ‬Epoque‭ ‬بين‭ ‬العامين‭ ‬1900‭ ‬و1915،‭ ‬وتزدان‭ ‬بالخطوط‭ ‬الهندسية‭ ‬الماسية‭ ‬التي‭ ‬تذكر‭ ‬بالهندسة‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬القديمة‭. ‬وهذا‭ ‬نراه‭ ‬جلياً‭ ‬في‭ ‬قطع‭ ‬طقم‭ ‬Rondes‭ ‬de‭ ‬Nuits‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تبخل‭ ‬بالضوء‭ ‬وانعكاسات‭ ‬الأنوار‭ ‬على‭ ‬ماساتها‭ ‬المتنوّعة‭ ‬القطع،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬الإجاصية‭ ‬pear‭-‬cut‭ ‬التي‭ ‬تتوسط‭ ‬العقد‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬تحويله‭ ‬إلى‭ ‬قطعتين،‭ ‬أي‭ ‬عقد‭ ‬أقصر‭ ‬وسوار،‭ ‬ذلك‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الخواتم‭ ‬والأقراط‭ ‬البلاتينية،‭ ‬وساعات‭ ‬المجوهرات‭ ‬المصوغة‭ ‬من‭ ‬الذهب‭ ‬الأبيض‭ ‬والماس‭.‬

Chanel‭ ‬لحماية‭ ‬سيداتها،‭ ‬طلاسم

تقدّم‭ ‬Chanel‭ ‬لجمهورها‭ ‬اليوم‭ ‬مجموعة‭ ‬من طلاسم ‭ ‬الحظ‭ ‬والحماية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قطع‭ ‬Les‭ ‬Talismans‭ ‬de‭ ‬Chanel،‭ ‬التي‭ ‬تثير‭ ‬الإعجاب‭ ‬والحماسة،‭ ‬وتجذب‭ ‬الأنظار‭ ‬إليها‭ ‬بأسلوب‭ ‬ساحر‭. ‬فالمجسم‭ ‬الرباعي‭ ‬الأطراف‭ ‬quatrefoil‭ ‬الذي‭ ‬يتوسّط‭ ‬جميع‭ ‬قطع‭ ‬المجموعة‭ ‬هو‭ ‬بمثابة‭ ‬الجاذب‭ ‬الأكبر‭ ‬والرئيسي،‭ ‬فهو‭ ‬يبعث‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الناظر‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬القطع‭ ‬رغبة‭ ‬بالتقاط‭ ‬ذلك‭ ‬الغموض،‭ ‬وفهم‭ ‬أسرار‭ ‬تلك‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تقاوم،‭ ‬المنبعثة‭ ‬من‭ ‬الماسات‭ ‬لتحمي‭ ‬حاملتها‭. ‬سحر‭ ‬الماس‭ ‬هذا‭ ‬يجعل‭ ‬قطع‭ ‬الزينة‭ ‬تبدو‭ ‬حية،‭ ‬تتألق‭ ‬بجمال‭ ‬اللآلئ‭ ‬اليابانية‭ ‬التي‭ ‬تزينها،‭ ‬وأحجار‭ ‬السافير‭ ‬وألوان‭ ‬المينا‭ ‬enamel‭ ‬الزاهية‭ ‬التي‭ ‬تعطيها‭ ‬رونقاً‭ ‬خاصاً‭.‬

Boucheron‭ ‬سحر‭ ‬الهند

ولمجموعة‭ ‬Bleu‭ ‬de‭ ‬Jodhpur‭ ‬قصة‭ ‬خاصة‭ ‬جداً،‭ ‬تتمحور‭ ‬حول‭ ‬علاقة‭ ‬الحب‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬Boucheron‭ ‬ببلاد‭ ‬الهند،‭ ‬وتنطلق‭ ‬من‭ ‬الصداقة‭ ‬العميقة‭ ‬بين‭ ‬الدار‭ ‬و‭ ‬Gaj‭ ‬Singh‭ ‬II‭ ‬مهراجا‭ ‬منطقة‭ ‬Marwar‭ ‬‭ ‬الذي‭ ‬تعاون‭ ‬مع‭ ‬مديرة‭ ‬قسم‭ ‬الإبداع‭ ‬في‭ ‬الدار‭ ‬Claire‭ ‬Choisne‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬الرسومات‭ ‬الأولى‭ ‬للقطع‭ ‬التي‭ ‬تمثّل‭ ‬الهند‭ ‬العصرية‭ ‬المتطورة،‭ ‬والتي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬تقاليدها‭ ‬الرائعة‭. ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬تتألف‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬أقسام،‭ ‬كل‭ ‬منها‭ ‬مستوحى‭ ‬من‭ ‬موضوع‭ ‬مختلف‭ ‬عن‭ ‬الآخر،‭ ‬يروي‭ ‬فصلاً‭ ‬مختلفاً‭ ‬من‭ ‬القصة،‭ ‬ويتضمن‭ ‬قطعاً‭ ‬مرصعة‭ ‬بالماس‭ ‬والأحجار‭ ‬الكريمة‭ ‬الملونة،‭ ‬كما‭ ‬اجتازت‭ ‬الدار‭ ‬الحدود‭ ‬المألوفة‭ ‬في‭ ‬الإبتكار‭ ‬لتستعين‭ ‬بمواد‭ ‬غير‭ ‬تقليدية‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬هذه‭ ‬المجوهرات،‭ ‬كالرخام‭ ‬والرمل‭. ‬أول‭ ‬الأقسام‭ ‬الأربعة‭ ‬ما‭ ‬أتى‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬Jodhpur،‭ ‬وفيه‭ ‬قطع‭ ‬مستوحاة‭ ‬من‭ ‬الواجهات‭ ‬الزرقاء‭ ‬لمنازل‭ ‬المنطقة،‭ ‬ومن‭ ‬النور‭ ‬الساطع‭ ‬الذي‭ ‬يضيئها‭. ‬بين‭ ‬أهم‭ ‬تلك‭ ‬القطع‭ ‬برز‭ ‬عقد‭ ‬Jodhpur‭ ‬المزدوج‭ ‬الوجوه‭ ‬reversible،‭ ‬حيث‭ ‬صُنع‭ ‬المجسم‭ ‬الرئيسي‭ ‬الذي‭ ‬يتوسطه‭ ‬من‭ ‬رخام‭ ‬Makrana،‭ ‬وهو‭ ‬الرخام‭ ‬الأثمن‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وقد‭ ‬استُعمل‭ ‬لبناء‭ ‬قصر‭ ‬Taj‭ ‬Mahal‭. ‬هذا‭ ‬المجسم‭ ‬الذي‭ ‬يتدلى‭ ‬من‭ ‬العقد‭ ‬أتى‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬يشبه‭ ‬الطائرة‭ ‬الورقية،‭ ‬وتوسطته‭ ‬ماسة‭ ‬زنتها‭ ‬6.01‭ ‬قيراطاً،‭ ‬وتم‭ ‬ترصيع‭ ‬وجهيه‭ ‬بالماس‭ ‬والسافير‭ ‬الأزرق‭. ‬كما‭ ‬تم‭ ‬ترصيع‭ ‬خاتم‭ ‬Aigle‭ ‬de‭ ‬Jodhpur‭ ‬بالماس‭ ‬والسافير،‭ ‬وبحجر‭ ‬من‭ ‬التانزانيت‭ ‬زنته‭ ‬21.39‭ ‬قيراطاً‭. ‬وتضمّن‭ ‬هذا‭ ‬القسم‭ ‬أيضاً‭ ‬سوار‭ ‬Perroquet‭ ‬المزيّن‭ ‬بالرخام‭ ‬والمرصع‭ ‬بالماس‭ ‬والسافير،‭ ‬ومشبك‭ ‬Aigle‭ ‬de‭ ‬Jodhpur‭ ‬المصوغ‭ ‬بالذهب‭ ‬الأبيض،‭ ‬والمزين‭ ‬بالرخام‭ ‬والماس‭. ‬أما‭ ‬الأقسام‭ ‬الثلاثة‭ ‬الأخرى‭ ‬للمجموعة‭ ‬فهي‭ ‬قطع‭ ‬Indian‭ ‬Palace‭ ‬المستوحاة‭ ‬من‭ ‬القصور‭ ‬والقلاع‭ ‬الهندية‭ ‬الضخمة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬Garden‭ & ‬Cosmos‭ ‬التي‭ ‬تنقل‭ ‬خطوطاً‭ ‬شبيهة‭ ‬بالرسومات‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬من‭ ‬المدينة‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬عشر،‭ ‬وقطع‭ ‬The‭ ‬Rajput‭ ‬Women‭ ‬التي‭ ‬تشابه‭ ‬في‭ ‬تصاميمها‭ ‬الرسوم‭ ‬التي‭ ‬تتزيّن‭ ‬بها‭ ‬العروس‭ ‬والسيدات‭ ‬في‭ ‬زليلة‭ ‬الحنةس‭ ‬قبل‭ ‬العرس‭.‬

أسفار‭ ‬شيقة‭ ‬وحكايا‭ ‬حب‭ ‬وشغف،‭ ‬علاقات‭ ‬صداقة‭ ‬وقدرات‭ ‬فائقة‭ ‬للطبيعة‭ ‬أغنت‭ ‬أفكار‭ ‬فناني‭ ‬المجوهرات،‭ ‬وشغلت‭ ‬أذهانهم‭ ‬ومخيلاتهم‭… ‬قصص‭ ‬لا‭ ‬تجيد‭ ‬روايتها‭ ‬إلا‭ ‬الأيادي‭ ‬التي‭ ‬رسمتها‭ ‬وصاغتها‭ ‬من‭ ‬الذهب‭ ‬والماس،‭ ‬ليُذهل‭ ‬أمام‭ ‬جمالها‭ ‬الشغوفون‭ ‬بالبريق‭ ‬ويؤخذ‭ ‬بجمالها‭ ‬الناظرون‭ ‬ويقعون‭ ‬في‭ ‬غرامها‭..! ‬

 

غارق بين الكروم الهادئة

في أحد أجمل وديان أفريقيا الجنوبية Franschhoek، يقع فندق Grande Provence الذي يُعتبر مثالاً للرفاهية والراحة، ويعبّر بأسلوبه الخاص وبكل بساطة عن ثقافة تلك المنطقة الخلابة وروعة كرومها المزينة بالعناقيد المتلألئة.

في مرحلة معينة من الحياة، يبدو أن معنى كلمة «رفاهية» يتغيّر في معجم الكثيرين منّا، فندرك أنها ليست مرتبطة حكراً بالأشياء والأماكن التي اتُّفق أنها فخمة، بل أنها تتمحور بشكل رئيسي حول «سلوكياتنا» واختياراتنا وتوجّهاتنا، حيث تصبح البساطة، السلام الداخلي والخصوصية الميزات الجديدة للرفاهية، فلا تفاصيل مملة، ولا مبالغة في رسم خطوط معقّدة للأشياء. في هذه المرحلة يصبح الشعور بالاستقرارا والهدوء، والأناقة «المبسّطة» أكثر قيمة من «أحدث الإصدارات» وأفخمها أو من المنتج الذي يظهر في الساحة الإستهلاكية ويوصف بأنه من «ضروريات الحياة المرفهة»، وتمضية العطل في الطبيعة أكثر إمتاعاً من أكثر الوجهات السياحية عصرية.

كل تلك الأسباب كانت كافية لتدفعنا إلى زيارة Grande Provence، هذا المعلم التاريخي الذي يمتد على مساحة 47 فداناً، والذي جعل منه المقاول الألماني Van Heeren منزلاً ثانٍ له، وأضاف إليه مطعماً ومنزلين آخرين لاستقبال الزائرين من محبّي الطبيعة. لا شك أن Heeren يعرف تماماً كيف يجذب الزوار، فهو وإن لم يكن يتوقع يوماً أن يصبح مالك عدد من الفنادق، إلا أنه قد أغرِم خلال الفترة التي قضاها في نيوزلندا في الثمانينيات بمنتجع Huka Lodge القابع على ضفة نهر Waikato، ولم يتوانَ عن شرائه عندما عُرض للبيع، وجعل منه مقصداً لطالبي الراحة والهدوء.

كان الوقت مساءاً عندما عبرنا بوابات Grande Provence، فشقّت بنا السيارة ممراً طويلاً بين كرمات العنب، واجتزنا جسراً خشبياً تحيط به من الجانبين أشجار عملاقة، لنبلغ بعده مدخل البيت الخاص بالمالك. هناك كان هدوء تام، أضواء خفيفة منبعثة من الداخل ترحب بنا، لا حشد من موظّفي الإستقبال ولا زحمة سيارات أمام الباب الرئيسي، فقط صوت السكون. ثوانٍ لالتقاط أنفاسنا، والتمتع بالجو الرائع المحيط بنا، سبقت ظهور مدير المنزل مرحباً، يرافقه المسؤول عن خدمة الغرف ليصطحبانا إلى غرفنا ويهتما بأمتعتنا، ويرافقانا بعد ذلك إلى قاعة الإستقبال حيث استمتعنا بعشاء لذيذ وخفيف،على ضوء الشموع المرفق بأريج الأزهار، ورائحة الخشب الآتية من الموقد، والتي تبعث الدفء في النفس والجسد. ودّعنا Elzaan وWillington وتمنيا لنا ليلة سعيدة ونوماً هنيئاً، ما عزّز الشعور بأننا أقرب إلى ضيوف في ذلك البيت من كوننا زوّار للفندق.

هذا الشعور بالإلفة رافقنا طيلة المدة التي قضيناها في Grande Provence، بدءاً من مائدة الفطور الطازج صباح اليوم الثاني في وسط أجواء رطبة ندية، حيث بدت ألوان الطبيعة زاهية بعد الأمطار الخفيفة التي تخللت الليلة الماضية. الهواء كان منعشاً لا بل نوعاً ما بارداً، ما جعلنا نقاوم إغراء فكرة السباحة الصباحية في الحوض الخاص بالفيلا، والذي يتوسط المساحات الخضراء لحديقتها الشاسعة.

إن متعة الإقامة في منتجع كهذا لا تقتصر على الخدمة العالية المستوى التي يمنحها فريق عمله للزوار، والموائد المميزة والأطباق اللذيذة التي يقدمها فريق الطهاة المتخصص في مطعمه، بل هي تتحوّل فضولاً لاستكشاف تاريخ هذا المعلم التاريخي الذي بُني أصلاً كمزرعة في أواخر القرن السابع عشر من قبل لاجئين فرنسيين سكنوا المنطقة في تلك الحقبة وأعطوها تسمية Franschhoek التي تعني «الركن الفرنسي».

فالبيت الذي يشغله المالك Van Heeren أنجز بناؤه في العام 1694، وقد أضيفت إليه مع الوقت المباني الأخرى الموجودة اليوم. فتم ترميم هذه المباني كلها، وتطعيم ديكورها الداخلي بخطوط ريفية أنيقة منكهة بخلطة ألمانية ونيوزيلندية بتوقيع Heeren، كما وأدخلت إليها بعض الملامح الأفريقية لتحاكي منطقتها ومحيطها، وتمنح زوارها شعوراً بالانتماء الطبيعي إلى المكان، ورغبة شديدة بالإقامة فيه بسلام وهدوء.

أما المطعم فتفصل بينه وبين «بيوت الضيافة» كروم مديدة مكتظة بعناقيد العنب، وتحيط به حدائق مزينة بمنحوتات ضخمة موضوعة بين أشجار السنديان القديمة، ونبتات الخزامى التي تعطر الجو. في هذا المكان الذي يحرص فريق الطهاة فيه على تقديم خلطات متنوّعة ورائعة من النكهات والأصناف المقدّمة بأساليب فنية تشغل بشكلها ومذاقها الحواس الخمس، جلسنا مطوّلاً إلى مائدة الغداء لنستمتع بما تبقى لنا من الوقت في المنطقة.

إن منطقة Franschhoek هي بقعة رائعة من أفريقيا الجنوبية، تتيح لزوارها فرصة المشاركة في الكثير من النشاطات وإمضاء عطلات مميزة، ولكن Grande Provence منحنا بالضبط ما كنا نبحث عنه في تلك الرحلة، وهو فقط الاستمتاع بالهدوء والسكينة والسلام.

 

إعداد : ساندرا ليين   |   words : sandra lane

خارج مفهوم الوقت: فندق Al Maha في دبيّ.. إستراحة الصّحراء

بينما كنت ألتفت إلى الطريق المؤدّية بين أشجار الغاف وأشجار الأكاسيا المحيطة بفندق «المها»، قطع الطريق علينا حيوان المها الكبير. وكان هذا الترحيب الأمثل: فالمها هو واحد من عدّة أسماء عربيّة تطلق على هذا الحيوان أي الظبيّ، وهو سبب وجود هذا المنتجع في وسط الصحراء.

أحد حيوانات المها العربية التي تعيش في المحميةالصحراوية المحيطة بفندق المها-دبي

أحد حيوانات المها العربية التي تعيش في المحميةالصحراوية المحيطة بفندق المها-دبي

 

منذ القديم، جابت قطعان عديدة من هذه الظبية شبه الجزيرة العربيّة، لكنها سرعان ما إنقرضت من البرّيّة مع حلول العام 1972. وفي العام 1999، وضمن برنامج المحافظة على الحياة الصحراويّة، باشر حكام دبي إلى إنشاء «محمّيّة المها» التي تمتد على مساحة 27كلم مربّع، وقد سكنها 70 حيوان من هذه الفصيلة، وذلك لإكثارها وإعادتها إلى الحياة البرّيّة. وبعد عدّة سنوات، امتدّت محميّة الصحراء في دبيّ Dubai Desert Conservation Reserve إلى أكثر من 200 كيلومتر مربّع لتحتل خمس مساحة الإمارة تقريباً. وعلى مثال أفضل المحميّات في جنوب أفريقيا، وبالإضافة إلى تأمين المدخول اللازم للمتابعة في هذا المشروع، أتاح هذا المنتجع الفرصة للزوّار بالتعرّف على الحياة في الصحراء عن كثب، وبطريقة أعمق مما درج السياح على اختباره بشكل لا يتعدى كونه «سطحياً» في معظم الأوقات.

إنّ أكثر ما يلفت الإنتباه في المها هو السكوت والسكون: هو ليس سكوناً تاماً، فأطراف الأشجار لا تكف تتحرّك مع النسيم، لكنه شعور عميق بالسكينة والتواجد في الصحراء. فالسكوت ليس غياباً تاماً للصوت، بل إنك تسمع زقزقة العصافير وتدفّق المياه في الأفلاج (قنوات الري التقليدية التي تحمل المياه المعاد تدويرها إلى مناطق مختلفة من المنتجع).

وفي الليل، إن تركت النوافذ مفتوحة للاستمتاع بالنسمات، بإمكانك الإستماع إلى صوت حركة الظبية والغزلان وهي تبحث عن الطعام خارجاً. هو السكوت، وغياب الضوضاء والضجّة، ما يمكّنك من سماع هذه الأصوات.

نظراً لهدوء «المها» العميق، قد يتساءل البعض عن الحاجة إلى إقامة منتجع صحّيّ داخل هذه المحميّة، لكن سرعان ما يتلاشى هذا التفكير بعد قضاء بعض الوقت في هذه «الخلوة» داخل الخلوة، والتمتّع بحمّام عربيّ، أو جلسة تدليك أو علاج «رسول». لائحة العلاجات مقتضبة وبسيطة، وبناءاً على خبرتي الخاصّة، من الأفضل القيام بأمور قليلة على أكمل وجه، عوض محاولة تقديم أكثر من اللازم، ونلاحظ أنّ مساحة الصحراء وسكونها يعزّزان منافع العلاج في المنتجع، أفضل من أيّ شيء آخر.

فندق-Al-Maha-في-دبيّ3

كلّ خيمة مجهّزة بمغطس خاص

يقدّم «المها» خصوصيّة ومساحات فرديّة مترفة، فتنتشر الأجنحة الفخمة على شكل خيم بين الكثبان الرّمليّة، وكلّ خيمة مجهّزة بمغطس خاص ومفصولة تماماً عن الأخرى وتضمّ الأسرّة المريحة والحمّامات الرائعة وكافة الكماليّات المطلوبة.

إنّ فخامة «المها» لا تلائم الذين يبحثون عن الديكور المعاصر أو وجبات الطّعام المعقّدة أو الذين ينتظرون رؤية جيش من الموظفين يحومون في كلّ زاوية ويخدمونهم بكفاءة وبرودة على الدوام. بل إن الخدمة تتميّز بالمهنيّة العالية والودّ في المعاملة، بلا تكلّف، كما يبدو الديكور الريفيّ قديم الطراز عمداً، وقائمة الطعام تتدرّج من الأطباق العربيّة البسيطة التقليدية المعدّة بإتقان إلى الأطباق اللذيذة الخفيفة المستوحاة من المطبخ الإيطاليّ.

فندق-Al-Maha-في-دبيّ-4

مساحات فرديّة مترفة وأجنحة فخمة

وفيما تواصل دبي التطور بسرعة فائقة، وإبهار السيّاح، سيبقى ركنها هذا إلى الأبد جزيرة سلام، الوقت فيها معلَّق، والزمن لا يمضي. «المها» هو بالفعل مكان شديد التميّز!

 

 

 

 

 

إعداد : ساندرا ليين   |   words : sandra lane

Images: Heinz Unger for The Dolder Grand

خارج مفهوم الوقت: Dolder Grand جنة زيورِخ

في أواخر القرن التاسع عشر، عندما كان السفر للاستجمام حكراً على الأغنياء والمثقفين، انتشرت الفنادق الكبرى في مختلف أنحاء أوروبا، ومن بينها فندق ومنتجع Dolder Grand and Kurhaus، الواقع على تلّة مطلّة على مدينة زيورِخ وبحيرتها، وجبال الألب البعيدة. وقد أضحى العديد من هذه الفنادق آنذاك، ومن بينها Dolder، المقصد الأبرز لنخبة من الزبائن الذين كانوا يكررون زياراتهم إليه موسماً تلو الآخر .

Dolder Grand جنة زيورِخ 4

في هذا المطعم ستتنعمون بالرفاهية، الهدوء والسكون

بيد أنه ومع مرور الوقت، وبعد نحو قرن من الزّمن، واجه فندق Dolder Grand العريق صعوبات عدّة لم تعانِ منها بعض تلك الفنادق الأخرى، إذ لم يعد أسلوبه وخدمته يتماشيان مع المتطلبات العصرية للأغنياء من حول العالم. وكادت قصته أن تُشرف على النهاية، لولا تدخل المتموّل السويسري Urs Schwarzenbach الذي يكنّ تعلّقاً شديداً بالفندق، فلم يتوانَ عن اتخاذ تلك الخطوة الجريئة، آخذاً على عاتقه مهمّة إصلاح أوضاعه، مكلفاً المهندس البريطاني الشهير Sir Norman Foster مهمة إعادة التصميم الجذرية لهذا المعلم.

وعوض محاولة دمج المبنى التاريخيّ مع سائر المباني والملحقات التي تشبهه، صمّمت شركة Foster+Partners جناحين فائقي العصرية، يحيطان بالمبنى الأساسي على شكل نصف دائرة تعانق ملامح التلال المشجرة وتأسر المناظر الخلابة.

وفي لمح البصر، بات الفندق المخضرم تحفة عصريّة مع ضيافة وخدمة ملائمتين وقد ضمّ مجموعة من اللوحات الرّائعة لفنانين أمثال Miro, Magritte, Dalí, Warhol, Keith Haring, Tamara de Lempicka وتطول اللائحة… ذلك بالإضافة إلى منتجع صحّيّ يكاد يكون خارجاً عن هذا العالم!

 

ثلاث منحوتات للفنان البريطاني "هنري مور" في حديقة فندق "دولدر غراند"

ثلاث منحوتات للفنان البريطاني “هنري مور” في حديقة فندق “دولدر غراند”

ولعلّ أوّل ما يتناهى إلى مسامعنا عند السّؤال عن المنتجع، هو مساحته الهائلة الممتدّة على 4000 متر مربّع. (وهو مذكور في الموقع الإلكترونيّ للفندق أيضاً). نعم إنّ مساحته كبيرة، لكنّ الأهمّ هو الخدمات التي تقدّم ضمن هذه المساحة!

Dolder Grand جنة زيورِخ 1

غرف مذهلة للاستحمام والحمام البخاري والتدليك

تتوسط المنتجع بركة سباحة مذهلة من الغرانيت الأسود، مع سقف بعلو عشرين متراً يتصل به جدار زجاجي بالكامل. وتمتدّ على المساحة الخارجيّة أمامه بركة سباحة خاصة للمنتجع، مقسّمة إلى ثلاثة أقسام، كلّ منها بدرجة حرارة مياه مختلفة، وهي تطل على المشهد الخلاب للمدينة والبحيرة في الأسفل. أمّا في الداخل، فتوجد غرف مذهلة للاستحمام والحمام البخاري والتدليك، إضافة إلى «غرف الثلج»، كما يمكن لرواد المنتجع أن يعيشوا تجربة «ممشى التأمّل» الذي ينتهي بقبّة من المرايا. أمّا غرف العلاجات، فموجودة في طوابق مختلفة، لتأمين العزلة التامة، ويمكنني وصف جلسة الإهتمام بالبشرة «أمالا» بإحدى أروع العلاجات الخاصة بالوجه التي خضعت لها في حياتي، فهو كناية عن تسعين دقيقة من النعيم!

في هذا الفندق، من البديهيّ أيضاً أن تكون المطاعم نخبوية من الدّرجة الأولى. The Restaurant وهو الذي يتحلى بطابع رسمي، والوحيد في زوريخ الذي يتمتّع بنجمتين من قبل دليل «ميشلن» الذي يصنّف الفنادق والمطاعم حول العالم، ويديره الشيف Heiko Nieder. أمّا مطعم Garden فيتحوّل من مساحة مفتوحة نهاراً (حيث تضمّ وجبة الفطور أخف وألذ طبق  bircher muesli المؤلف من حبوب الشوفان والفواكه والحليب، على وجه الأرض) إلى مرتع أنيق وجوّ هادئ ليلاً، يقدّم لرواده موائد غنية بالأطباق والمشروبات المميزة التي تتحلى بذوق رفيع، إلى جانب الخدمة المميزة التي يمنحها فريق العمل المتخصص.

بحسب رأيي الخاص، إن Dolder Grand  يمكن وصفه بأنه «فندق المدينة» بامتياز، فهو يبعد مساحة 15 دقيقة عن المحال التجاريّة والبوتيكات وصالات العرض في وسط زوريخ، لكنّه يتألّق أيضاً كوجهة مستقلّة للسواح وطالبي الراحة، والأكيد أنه استطاع الإرتقاء بمفهوم المنتجع الصحي القديم Kurhaus إلى مستوى مغاير تماماً.

 

إعداد : ساندرا ليين   |   words : sandra lane

 

Images: Heinz Unger for The Dolder Grand

رحلة في الأعماق مع لوران باليستا و Blancpain

انطلاقاً من التزام دار الساعات الفاخرة Blancpain بالاهتمام بعالم المحيطات، أطلقت الرحلة الاستكشافية Gombessa III فتوجّه «لوران باليستا» وفريقه نحو القطب المتجمد الجنوبي في رحلة تصويرية للحياة تحت الجليد.

Laurent-Ballesta-and-his-team,-Gombessa-I,-South-Africa-2013

لوران باليستا وفريقه في افريقيا الجنوبية، رحلة “غومبيستا” الأولى عام 2013

أمضى «لوران باليستا»، عالِم الأحياء المائية الفرنسي الشهير، الغواص والمصور المحترف، الشهرين الأخيرين من العام 2015 في البرد الشديد في منطقة القطب المتجمد الجنوبي، للعمل على تصوير الحياة في أعماق المحيط تحت الجليد.

فقد أتت هذه الرحلة الاستكشافية Gombessa III بعد مجموعة مشاريع Blancpain السابقة الداعمة لهذه القضية، فكانت مهمة الرحلة الاستكشافية الأولى Gombessa I هي استكشاف أسرار أسماك «كولاكانت» التي يطلق عليها سكان جزر القمر إسم Gombessa، والتي لطالما ظن الجميع بأنها منقرضة منذ 65 مليون عام، ولكنها عادت وظهرت في مياه أفريقيا الجنوبية عام 1938. أما الرحلة الاستكشافية الثانية Gombessa II إلى منطقة «بولينيزيا الفرنسية» في وسط المحيط الهادئ، فقد قامت بدراسة كيفية تكاثر البعض من أنواع الأسماك في المحيط الهادئ، والدور الرئيسي الذي تلعبه في المحافظة على التوازن البيئي.

هذه الحملات هي جزء من المبادرة التي أطلقتها Blancpain تحت عنوان Ocean Commitment أي «الإلتزام بالمحيطات»، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، لماذا اختارت الدار عالم البحار؟

إذا كنت رئيساً لشركة معينة، وأردت اختيار قضية لتقوم شركتك بحملة لدعمها، فإنه من الطبيعي بأنك ستختار موضوعاً يتناسب مع شخصيتك وشغفك الخاص. ولكن، هل يمكن لاختيارك الشخصي أن يكون ملائماً من ناحية نمو أعمال الشركة؟ نعم وبكل قوة، ولكن فقط في حال كان هذا الشغف يتناسب مع تاريخ الشركة وقيمها وأساسياتها.

الغوص في أعماق المحيطات لم يكن فقط شغف مدير Blancpain التنفيذي مارك حايك، وإنما هو ارتباط حقيقي للدار بعالم البحار لأكثر من نصف قرن.  فعندما تولى Jean-Jacques Fiechter إدارة Blancpain عام 1950، ومع تحوّل الغوص من مهنة عسكرية بشكل حصري إلى هواية مدنية يمكن لجميع الشغوفين بالأعماق الإستمتاع بها ولكن الأدوات الخاصة بمزاولة هذه الهواية كانت ما تزال بدائية، باشر Fiechter بتطوير ساعة يمكنها مرافقة الغطاسين إلى عمق البحار، واستقى ميزاتها وخصائصها من خبرته كغطاس محترف. فأتت ساعة Fifty Fathoms بتاج محمي بشكل مضاعف، وإطار دوار باتجاه واحد، وغطاء خلفي لعلبة الساعة مقاوم لضغط الماء بشكل كبير لحمايتها أثناء فترات الغوص. ولرؤية واضحة تحت الماء، جعل الساعة ضخمة، الميناء أسود اللون، والمؤشرات بيضاء مضيئة، لتكون آلة الوقت هذه بمثابة النموذج الأساسي لجميع ساعات الغطس المعروفة اليوم.

5200-0130-NAB-A_PR

النموذج الأصلي لساعة Fifty Fathoms Bathyscaphe model

 

وخلال الأعوام الثلاثين من وجود Fiechter على رأس Blancpain، لقيت ساعات Fifty Fathoms تغيرات واضحة ورواجاً واسعاً بين العسكريين والمدنيين على حد سواء، لكن وبعد تقاعده عام 1980 اختفت هذه المجموعة من إصدارات الدار، لتعود بقوة بعد تولي مارك حايك مهام رئاسة الشركة. فالنسبة إلى مارك حايك، جاء الأمر بمثابة انطلاق من شغف شخصي، خاصة أنه اعتاد ممارسة هذا النشاط منذ طفولته خلال العطل الصيفية التي كان يمضيها في بيت جدّيه على شاطئ Cap d’Antibes في جنوب فرنسا، كما أنه يقيم سنوياً رحلات غطس طويلة في مياه «بولينيزيا الفرنسية» ومحيطات مثيرة أخرى، كما أنه قام بالغطس في حوض الأسماك في مجمّع «دبي مول» خلال حفل إطلاق ساعات X-Fathoms عام 2013. ذلك إضافة إلى خبرته الاستثنائية واحترافه العالي المستوى في مجال التصوير لما تحت الماء.

إن جميع نشاطات Blancpain الخاصة بحماية المحيطات والحياة البحرية تندرج ضمن مبادرة «الإلتزام بالمحيطات» التي أطلقتها الدار عام 2014، ومن ضمنها رعاية الحملة التي أطلقتها قناة National Geographic بالتعاون مع المستكشف العالمي الدكتور «إنريك سالا»، لاستكشاف وحماية البحار التي ما زالت تُعتبر «بكراً»، إضافة إلى جائزة Hans Hass Fifty Fathoms التي أسسها Hass بنفسه عام 2002، وهو أحد أهم روّاد عالم الإستكشافات البحرية والتصوير تحت الماء، وقد فاز بها «لوران باليستا» عام 2013، كما كانت الدار شريكة في «منتدى محيطات العالم» الذي نظّمته مجلة The Economist، والمدعوم أيضاً من قبل قناة Nathional Geographic بشكل رسمي، كل ذلك يضاف إلى العديد من النشاطات الأخرى التي تلتزم Blancpain بتنظيمها أو دعمها.

2---5200-0240-52A-Front

Fifty Fathoms Bathyscaphe ocean commitment إصدار محدود بـ250 قطعة

وكعلامة فارقة لمبادرتها الخاصة بالمحافظة على المحيطات، أطلقت Blancpain ساعة Fifty Fathoms Bathyscaphe Ocean Commitment Flyback بكمية محدودة بـ250 قطعة، وهي نسخة خاصة من ساعة Bathyscaphe Chronographe Flyback التي كشفت عنها في بداية العام 2014. مثل باقي نماذج المجموعة، تعمل هذه الساعة بواسطة حركة الدار كاليبر F385 التي تنبض على معدل 5 هرتز، وقد تضمنت نابض توازن مصنوعاً من السيليكون لإلغاء أي تأثير للحقول المغناطيسية على الحركة، والذي تعاني منه ساعات الغوص الأخرى، كما تميزت هذه الساعة باحتوائها أزرار دفعية محمية وميزات تقنية أخرى للكرونوغراف جعلت منه آمناً للاستعمال في عمق المحيط، علماً أنه وفي أغلب ساعات الغطاسين الأخرى التي تحتوي حركة كرونوغراف، تكون هذه الوظيفة معدّة فقط للاستعمال خارج المياه.

والجدير بالذكر أنه ومقابل بيع كل ساعة من القطع الـ250 لهذا الإصدار المحدود، تقوم Blancpain بالتبرع بمبلغ 1000 يورو لصالح أعمال Ocean Commitment ليصل كامل المبلغ إلى 250 ألف يورو تستخدم لدعم قضية حماية المحيطات والمحافظة على الحياة البحرية والتوازن البيئي فيها. وبذلك يكون اقتناء واحدة من هذه الساعات بمثابة مشاركة في المبادرات الإيجابية التي تدعم عالم المحيطات، كما يصبح كل شارٍ لإحدى هذه القطع عضواً في الجمعية، وعن هذه النقطة علّق مارك حايك بالقول: «الفكرة تكمن في جعل مالك الساعة ينخرط بشكل أعمق في المبادرات التي تتعلق بقضية حماية عالم المحيطات، والذهاب أبعد من فكرة التبرع الإيجابي أو العضوية، كما أنها فكرة جيدة لإغناء تلك المبادرات بالمزيد من الأفكار البناءة».

كما قامت دار  Blancpain أيضاً بإطلاق موقعاً خاصاً للمهتمين بالقضية www.blancpain-ocean-commitment.com حيث قام «باليستا» وفريقه، إلى جانب المصور المحترف الشهير والحاصل على عدد كبير من الجوائز العالمية «فنسان مونييه» والمصور السينمائي «جيروم بوفييه»، بتنزيل مجموعة كبيرة من الصور والفيديوهات التي تصف وتلخص النشاطات اليومية للمجموعة خلال الرحلة الاستكشافية، وهذه الوثائق ما زالت اليوم متوفّرة للراغبين بالاطلاع عليها.

Laurent-Ballesta-and-the-coelacanth,-Gombessa-I,-South-Africa-2013إن الصور التي تم التقاطها تحت المياه الجليدية هي صور مذهلة، غير تقليدية. وهذه كانت المرة الأولى التي يقوم خلالها فريق من الغطاسين بالتصوير في عمق المحيط في هذه المنطقة، فالمحاولات السابقة كانت تقتصر على عدد من الرجال الآليين المجهزين بكاميرات مبرمجة ويمكن التحكم بها عن بعد. وفي الواقع، فإن الحلقة السابعة من الفيديو الذي تم تنزيله على صفحات المدوّنة الخاصة بالرحلة تتضمّن مشهداً مؤثراً يبدو فيه «باليستا» ومرافقوه سعداء ومندهشون من القدرة الهائلة التي تتمتع بها المعدّات التي ترافقهم في الرحلة. ففي هذا النوع من المغامرات، وتحت تأثير الدرجات المنخفضة جداً للحرارة، الظلام الحالك في أعماق المحيط، والإنزلاقات الجليدية التي من الممكن أن تشكل خطراً على حياة المغامرين، لا شك أن كل «غطسة» تُعتبر بمثابة إنجاز بشري وتقني معاً.

إن الرحلة الاستكشافية Gombessa III اعتُبرت بمثابة القسم المخصص للحياة تحت المياه المتجمدة في القطب الجنوبي، من ضمن مشروع Wild-Touch Expeditions الذي يترأسه المخرج «لوك جاكيه» الحائز على جائزة Academy Award. مهمة هذا المشروع هي مراقبة وقياس مدى تأثير ظاهرة الإحتباس الحراري على البيئة العالمية، وتوعية المجتمعات حول الخطر المتمادي لهذه المتغيّرات المناخية.

باليستا في إندونيسيا الفرنسية خلال رحلة "غومبيستا" الثانية عام 2014

باليستا في إندونيسيا الفرنسية خلال رحلة “غومبيستا” الثانية عام 2014

فهناك الملايين من سكان الأرض اليوم لا يعرفون مدى الخطورة التي تتعرض إليها الأرض، من هنا أهمية توجيه الأنظار نحو أهمية المحيطات التي تعتبر الركيزة الأساسية للحياة على هذا الكوكب، فهي تغطي ما يقارب 70% من مساحة الكرة الأرضية، تقوم بامتصاص ما يقارب 30 إلى 40% من ثاني أوكسيد الكاربون الناتج عن الكائنات الحية والنباتات، كما أنها تزوّد الأرض بما يعادل 50% من كمية الأوكسجين الموجودة عليها، ولسوء الحظ، وبالرغم من أهميتها تلك، يتم تدنيسها، وجعلها أشبه بمكب للنفايات.

هذه النقطة أشار إليها «مانو سان فيليكس»، المصور المتخصص لعالم ما تحت المحيطات والذي لطالما عمل جنباً إلى جنب مع «إنريك سالا» في برامجه التي عرضتها قناة National Geographic في تعليق له عن الهدف السامي من الرحلات الاستكشافية لتصوير ما تحت الجليد والمحيطات قائلاً: «عندما يرى المشاهدون ما نراه، فإن منظورهم يتغير للأبد، ليبدؤوا بفهم حقيقة الأمر وأهمية تلك الأماكن، خاصة عندما تلامس اللقطات مشاعرهم وتجعل منهم مشاركون فاعلون في القضية».

 

 

 

إعداد : ساندرا ليين   |   words : sandra lane

المهندس برنارد خوري.. لا توقيت محدد للإبداع ولكنه بالتأكيد وليد الزمن والخبرات

يستقبلك المهندس برنارد خوري في مكتبه الواقع في منطقة الكرنتينا-بيروت بابتسامة صغيرة ولكنها عميقة من القلب، فهو وإن قال أنه «لا يبتسم إلا نادراً»، فإن جلستنا معه وحديثنا الشيّق لم يخلوا من تلك «النوادر» التي خصنا بها ذلك الرجل الأربعيني القليل الكلام والإبتسام، ولكن الغزير الأعمال والإنجازات على مستوى لبنان والعالم.

برنارد خوري 2

المهندس برنارد خوري

عن مفهومه للوقت وحسن استثماره له، عن شغفه بمدينته بيروت، عن مشاريعه وحياته العملية وعن علاقاته بالعائلة والأصدقاء تحدّث إلينا، فارتأينا أن نتشارك وإياكم أفكاراً قلما نسمعها على لسان مهندس شهير، لا يعتمد التعريفات العامة التي «تُطبَّق» في جميع الحالات، بل يؤمن بأن كل إنجاز هو وليد حالة معينة وظروف خاصة، ولا ثوابت لديه إلا في الإصرار والإقدام والتعلم من الأخطاء السابقة.

برنارد خوري حاصل على شهادة ماجستير في مجال الدراسات الهندسية من جامعة هارفرد، حائز على جوائز عالمية لإنجازاته في القطاع، ومحاضِر في العديد من المؤتمرات والجامعات في لبنان والخارج، وهو يملك ويدير استوديو DW5 الذي يشكل مرفقاً هاماً لإنتاج التصاميم الهندسية، يسعى إلى توفير الموارد اللازمة لتنمية ودعم المشاريع الخاصة بعدد كبير من المطوّرين، المهندسين المعماريين، والمخططين والمصممين، وهو عبارة عن ورشة عمل غنية بالأفكار الجديدة ومنصة مفتوحة  لهم.

الأستوديو شاسع، الوجوه بشوشة، والأرض حمراء..! ولا أقصد أن هنالك سجادة حمراء لاستقبال الضيوف المهمين لأن كل زوار المكان هم طبعاً مهمون، بل أن الأرض مغطاة بالكامل بطبقة من الفينيل الأحمر، وذلك لأن «اللون الأحمر، وإن كان ليس من الألوان المريحة كثيراً للنظر، إنما بإمكانه أن يبقيك صاحية، ويساعدك على التزوّد بالطاقة والحيوية والتركيز حين تعملين لوقت طويل..» بهذه الكلمات شرح لي سبب اختيار الأحمر لتلوين أرضية مكتبه.

يعتبر خوري أن «الوقت يمر بسرعة شديدة» يغيّرنا من جميع النواحي، الجسدية والعقلية والسلوكية، ومضيّه يكشف أكثر لنا وللمحيطين بنا عن ذاتنا وعن مكنوناتها، وهو يحاول «الإستفادة قدر الإمكان من كل ثانية، ومن كل اختبار» يمر فيه. من هنا فإن «الوقت كنز ثمين، كثيف من ناحية المشاعر والعلاقات، وبيدنا أن نجعله غنياً بالإنجازات».برنارد 3

يقول «عبر سنين طوال، أرخى الوقت ظلالاً معتمة على مدينتي الحبيبة بيروت»، ولكنها ما زالت مدهشة ومثيرة للفضول، تحيّر الناس بقدرتها على الصمود في وجه الزمن، و«وأنا أعشق هذه المدينة، ولن أملّ يوماً من ظروفها القاسية المتكررة». وهو باقٍ فيها طالما هي قادرة على إلهامه للمزيد من العطاء، مع أنه يعرف تماماً أنها «لن تشفى» في وقت قريب. هو مستمر في محاولات تجميلها بالمشاريع الشديدة التميّز التي يقف وراءها، والتي تتنوّع بين مبانٍ سكنية، أخرى تجارية ومصرفية، إلى جانب العديد من المطاعم والنوادي الليلية التي يساعد من خلالها أهل بيروت على «الإستمتاع بوقتهم»، نذكر منها على سبيل المثال B018، أول مشاريعه في المنطقة وهو ذو هندسة فريدة من نوعها جذبت الكثيرين إلى اختبار تجربة السهر المميزة في ذلك المكان الواقع تحت الأرض، ولكنه مفتوح لرؤية الفلك. وإلى جانب ذلك أمثلة كثيرة عن مشاريع مدهشة زيّنت بيروت لتقف إلى جانبها في مواجهة الزمن.

 

العلاقة ما بين الماضي والحاضر والمستقبل، والتغيّرات الثقافية والحضارية والمجتمعية على مر العصور، أمر يشغل قسماً من أفكار برنارد خوري، الشغوف بالفنون الكلاسيكية، يستلهم منها خطوط البعض من أعماله المعاصرة، وذلك يظهر في عمل Vitruvius in Quaratine الذي عُرض في ميلانو في العام 2015. يمثل هذا المشروع الهندسي نفقاً مستدير الجوانب على طرفه الأول مجسم رخامي لـ Vitruvian Man الذي يشبه من حيث تركيبته التماثيل التي كانت تزيّن المدن التاريخية، وهو الرسم البياني للأبعاد المثالية لجسم الإنسان، والذي نفذه الفنان Leonardo Da Vinci حوالي العام 1490، بناءاً على الخطوط الهندسية التي وصفها المهندس Vitruvius في الجزء الثالث من كتابه De Architectura . أما على الطرف الآخر فنرى الإنسان المعاصر الذي يظهر على شاشة وهو يسعى جاهداً إلى اتخاذ الوضعية الجسدية المثالية. «وزوار المعرض كان عليهم عبور نفق الزمان هذا، وقد توجّب عليهم بطبيعة الحال اتخاذ وضعيات مشابهة للرجل الرخامي لاجتياز المسار ذو الأرضية غير المسطّحة، حيث يجدون أنفسهم تائهين «متأرجحين» بين زمنين مختلفين».

Picture 284

مطعم Black Box People

Picture 226

مطعم Black Box People

 

الوقت يصنع أبطالاً ولكنه قادر على إطفاء الشهرة والبريق. «الشهرة بالنسبة إلي مهمة بقدر ما يمكنها أن تمنحني فرصاً مهمة في مجالات العمل والإنجازات، ولا تجذبني الشهرة لمجرد الشهرة لأنها إن كانت غير منتجة، لا ركائز لها، فهي تنطفئ بسرعة ولا تدوم».

3

Plot 7950 في فقرا

لا توقيت محدد للإبداع، ولكنه بالتأكيد وليد الزمن والخبرات. فالأفكار المبتكرة ممكن أن تأتي في أي لحظة، ولكنها مرتبطة بشدة بالخبرة والتمرين والقدرة على التخطيط. القرارات يمكن اتخاذها بسرعة أحياناً، وهي في أحيانٍ أخرى تحتاج إلى المزيد من الدراسة والتخطيط ، فلكل مشروع خصوصياته وظروفه ومتطلباته. ممكن للمخططات أن تتبدل، وللرسوم أن تُنجز مرات عدة، ولفريق العمل أن يُعدَّل ويتغيّر، ولكن ما لا شك فيه أن إدارة الوقت وحسن استثماره شيء في غاية الأهمية «ففي عملنا يجب الإلتزام بالمواعيد المحددة لإنهاء المشاريع، وذلك من باب الواجب واحترام أوقات الزبائن».

2

Plot 7950 في فقرا

1

Plot 7950 في فقرا

لا يمكننا أن نرجع بالوقت إلى الوراء. ما قد فات قد فات، وعقارب الوقت تمضي إلى الأمام. «لا أندم على شيء فعلته، بل على أشياء لم أفعلها، وأدرك تماماً أن الفرصة لن تعود اليوم لتحقيق ما كنت أريد تحقيقه في الماضي. فالرصيد الزمني مفتوح، لا حدود مرئية له، ولكن الإفلاس ممكن أن يكون مفاجئاً». ولأن الوقت يسير باتجاه معاكس لذلك الذي تسلكه الذكريات، يسعى برنادر إلى قضاء أطول وقت ممكن مع العائلة والأصدقاء الذين يجمّلون الحياة، وهو بحسب تعبيره، يريد أن يذكره الناس ويتذكرونه «بفرح» دائماً.

إعداد : ليزا أبو شقرا

Janek Deleskiewicz مدير قسم الإبداع في دار Jaeger-LeCoultre

 

حرصت دار Jaeger-LeCoultre أيضاً على مشاركة شغفها بالشمس والقمر وحركة الكواكب مع جمهورها، فقدّمت لهم نماذج من الساعات التي تتضمن وظائف مستوحاة من الفلك، منبع إلهامها الدائم الذي لا ينضب، وقد استعانت بها لتعبّر عن خبرتها وحرفيتها في صناعة الوقت من حيث الشكل والمضمون. للإطلاع بشكل أوضح عن هذا الجديد الموجَّه إلى الرجال كما السيدات، أجرينا حواراً خاصاً في جنيف مع مدير قسم الإبداع في الدار Janek Deleskiewicz، كشف لنا أكثر من خلاله عن سياسات الدار الخاصة بالتصميم والإنتاج، وعن علاقتها الوطيدة مع زبائنها، وجمهورها الأنثوي بشكل خاص.

كل عام تقدّم Jaeger-LeCoultre إصدارات جديدة مستوحاة من عالم الفلك، فما الجديد والمختلف ؟

نطلق نماذج جديدة من قارئات الوقت التي تلقي التحية على الفضاء. من هنا وضعنا القمر والوظائف الفلكية على موانئ نماذج مختلفة في كل من مجموعاتنا المعروفة مثل Rendez-Vous وDuomètre وMaster Grande Tradition حيث تم جمعها مع تعقيدات أخرى كالدقائق التردادية minute repeater، التوربيون الأسطوانيtourbillon cylindrique، والكروي spherotourbillon وغير ذلك من الوظائف التي تعبّر عن قدرة الدار على المزاوجة بين التعقيدات والخطوط الجمالية وأحجار الماس التي تم وضعها على علب النماذج النسائية. وهنا أشير إلى أن الدار تمنح اهتماماً خاصاً بالقطع الموجّهة إلى السيدات كون جمهورها الأنثوي هو في حالة نمو مستمر وسريع.

المعروف أن السيدات لم يبدأن بارتداء الساعات المعقدة إلا منذ فترة قصيرة نسبياً، ولكن أنتم تنتجون هذا النوع من قارئات الوقت منذ وقت طويل. فكيف تفسرون ذلك؟

لا شك أن صناعة الساعات المعقدة تتجه بشكل كبير نحو الرجال، وقد أنتجنا الكثير من النماذج الرجالية الشديدة التعقيد في الماضي. ولكننا قمنا بنقاشات طويلة أيضاً مع جمهورنا من السيدات حول ما يجذبهن في آلات الوقت، وهن قمنَ بطلب إنتاج ساعات التوربيون والروزنامة الدائمة والدقائق التردادية الخاصة بهن، حتى أن البعض منهن طالبن مؤخراً بساعة نسائية تتضمن التوربيون الجيروسكوبي gyrotourbillon. إذاً، عندما بدأنا بإنتاج الساعات المعقدة النسائية، كنا مدركين أن السوق جاهز لاستقبالها، لا بل أن السيدات في انتظارها.

188

بالنظر إلى إنتاجاتكم بشكل عام، وجديدكم بشكل خاص، نرى الكثير من آلات الوقت المعقدة. ما هي النسبة المئوية التي تمثلها هذه الساعات ضمن المعدّل العام لمبيعاتكم مقارنة مع الساعات البسيطة ذات العقارب الثلاثة؟

إن ساعات التعقيدات لديها جمهور واسع من زبائننا وتمثّل ما نسبته 30% من مجمل مبيعاتنا، بينما تشكل الساعات الكلاسيكية البسيطة من حيث الوظائف 70% من مبيعات ساعاتنا.

كم من الوقت يتطلب الخروج بفكرة مبتكرة، وتصميم وتنفيذ أي من الساعات الجديدة التي تحمل توقيعكم؟

إن الفترة الزمنية لتصميم وتنفيذ أي ساعة يختلف باختلاف نوع الحركة التي تتضمنها الساعة، فآلة الوقت البسيطة التي ترتكز على حركة موجودة أصلاً، ليست بحاجة إلى أكثر من سنة لإنتاجها، بينما يمكن أن تتراوح الفترة الزمنية الخاصة بإنتاج ساعة معقدة بين 5 و7 سنوات، وذلك يتعلق أيضاً بنوع التعقيدات التي تحتويها وبالتصميم والمواد المُعتمدة لصناعتها.

إن ساعات Jaeger-LeCoultre هي في الغالب مستديرة الشكل، إلى جانب العلب المستطيلة لمجموعة Reverso. هل من الممكن أن نرى مجموعة جديدة للدار تتضمّن نماذج بأي أشكال أخرى.

في الواقع كلا، على الأقل ليس في المستقبل القريب. لدينا مجموعة ضخمة من الساعات ونحن نجري بعض التعديلات عليها، ولكننا لم ننوِ بعد الخروج بأشكال جديدة للعلب، وذلك لأنه، وفي المقام الأول، إنتاج نماذج جديدة كلياً ليس سهلاً على المستوى التقني والإداري، وثانياً فإن السوق مشغول باستيعاب جديدنا الغني والمتنوّع، وعلى الأغلب ليس مستعداً حالياً لاستقبال هذا النوع من الساعات الجديدة.

في كل عام ومن خلال مراقبتنا لجديد الساعات غالباً ما نجد اتجاهاً عاماً تلتقي عليه الدور ويطغى على إصداراتها. فهل تلتزم Jaeger-LeCoultre عادة بهذا الخط أو أنكم تنفردون بتوجهاتكم؟

بالنسبة إلينا، نحن لا نتبنّى الإتجاه العام بشكل مباشر وسريع، بل نفضّل أن نفكر ملياً في الإصدارات الجديدة التي نطلقها والتي تلتزم بالروحية الكلاسيكية للدار. نحن نسعى إلى أن يكون جديدنا متكيّفاً مع الأسلوب العصري والكلاسيكي في آن معاً، فقارئات الوقت التي تخرج من مشاغلنا غالباً ما تصبح جزءاً من الإرث العائلي، تتناقلها الأجيال المتلاحقة فيما بينها.