إختبار الأبوة للزمرد

إن مختبرات Gübelin Gem Lab، وهي إحدى أهم وأشهر المختبرات العالمية المتخصصة بتحليل الأحجار الكريمة، أعلنت عن إطلاقها لتقنية تتبع أصول أحجار الزمرد، وقد أطقلت عليها تسمية Emerald Paternity Test أي إختبار الأبوة الخاص بالزمرد، وذلك بالتعاون مع شركة Gemfields التي تُعتبر بدورها رائدة في مجال التجارة النزيهة للمعادن والأحجار.

 

تاريخياً، كان التعتيم يلف قطاع المعادن النبيلة والأحجار الكريمة من ناحية المصادر وتقنيات الإستخراج، مما كان يفتح المجال أمام البعض لمخالفة المعايير الأخلاقية وإحداث الضرر في الحياة البيئية والطبيعة والإجتماعية على حد سواء. فالثروات الطبيعية التي تمنحها الطبيعة الأم لسكان الأرض لاستثمارها بشكل عادل ومفيد، كانت في كثير من الأحيان تُستَغل لأغراض غير مشروعة، وتُستعمَل مواردها من قبل الأحزاب والعصابات لتمويل تجارة الأسلحة وغير ذلك من الأوبئة المجتمعية.

ce0dca3d704c3b58303e1ce2a225bdd7

أقراط “بي” من “تيو فينيل” مرصعةً بأحجار الزمرد من منجم شركة “جمهيلدز” في زامبيا

ومن ناحية أخرى، فإن العديد من عمليات استخراج المعادن والأحجار المعتمدة وغير المدروسة هي من العوامل الأساسية المسببة للضرر البيئي، مثل الكميات الهائلة من الركام التي تنتج عن عمليات الحفر في باطن الأرض، وتسبب بتشويه المناظر الطبيعية وهدر الأراضي. إضافة إلى عمليات فصل الذهب عن الشوائب التي تتطلب استعمال مواد كيميائية سامة، كما وينتج عنها انبعاث الغازات السامة القادرة على التأثير سلباً وبشكل دراماتيكي على حياة الإنسان والمخلوقات الطبيعية بكل أنواعها.

هذه المخاطر التي سردنا جزءاً بسيطاً منها في السطور السابقة، بدأت تتم “مكافحتها” إذا جاز التعبير في السنوات الماضية، بحيث باشرت العديد من دور المجوهرات والساعات الراقية بالإعلان بفخر، أنها لا تستعمل في إنتاجها إلا المعادن النفيسة والماس والأحجار الكريمة المستخرجة بطرق نزيهة والمطروحة في السوق بحسب معايير وقوانين التجارة العادلة. كما وأصبح قسم كبير من المستهلكين يهتم بمعرفة مصادر وأصول المواد المستعملة في إنتاج قطع الزينة التي يقومون بشرائها. وهنا بالذات تكمن أهمية التقنية الجديدة التي أعلنت Gübelin Gem Lab عن إطلاقها، وفي ما يلي تعريف مفصّل لها. تقوم Emerald Paternity Test على استعمال الجزيئات المتناهية الصغر nanoparticles القائمة على الحمض النووي، والتي يتم وضعها على الأحجار الخام في المناجم. هذه الجزيئات مكوّنة بطريقة تمنحها القدرة على تحمل جميع المراحل وعمليات التنظيف والتشكيل والقطع التي يخضع لها الحجر قبل الوصول إلى المستهلك النهائي، علماً أنها لا تؤثر بأي شكل على تركيبة الحجر أو لونه أو ملمسه. هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استخدام تقنية الجزيئات المصغرة في مجال كهذا، وقد استطاعت Gübelin Gem Lab تطبيقها على أحجار شديدة الصغر، فهذه النانويات لا يزيد حجم كل منها عن جزء من المليون من الميلليمتر الواحد، ما يجعلها غير مرئية بواسطة المجهر العلمي المعروف. مع العلم أنه، وبتقنيات معينة، يمكن للمتخصصين في المجال، الكشف عنها، وقراءة رموزها في أي مرحلة من الإنتاج كانت.

هذه التقنية المتطورة جداً هي الأولى بين مجموعة التقنيات التي تعمل الشركة على تطويرها، بهدف إضفاء المزيد من الشفافية على عمل القطاع، من خلال “إثبات المصدر” الذي هو شعار مبادرتها هذه. فهي تمنح جميع العاملين في هذا المجال، من مستخرجين (شركات ضخمة أو صغيرة)، دور صياغة المجوهرات، المراقبين في القطاع والهيئات الحكومية المعنية بتنظيمه، فرصة التأكد من مصادر الأحجار التي تصل إلى أيديهم، والتأكد من أنها مستخرجة ومباعة بطرق نزيهة. كما ومن جهة أخرى تعمل هذه التقنية على تعزيز ثقة المستهلكين بالدور التي يتعاملون معها، كون نسبة الأشخاص المهتمين بهذه الناحية هي على ازدياد.

وفي خضم ورشة العمل هذه، قامت Gübelin Gem Lab بدعوة شركة Gemfields لمشاركتها في هذا المشروع حيث تلعب دوراً رئيسياً في عملية اختبار هذه التقنية، فهي المالك لأكبر حصة (ما نسبته 75%) من منجم الزمرد الأضخم عالمياً Kagem في زامبيا، (كما أنها تملك 75% أيضاً من منجم Montepuez للياقوت في الموزمبيق، و50% من منجم الجمشت الأرجواني Kariba الواقع أيضاً في زامبيا) وتُعتبر رائدة بين الشركات المستخرجة للأحجار الكريمة الملوّنة بطرق نزيهة، وهي في صدد توسيع أعمالها في عدد كبير من الدول المنتجة للأحجار الكريمة. وعن الموضوع، صرّح Ian Harebottle، المدير التنفيذي لشركة Gemfields قائلاً: “إن تبنّي التقنيات الجديدة، وتعزيز الشفافية في القطاع هما في صلب عملنا. من هنا نحن متحمسون لمشاركة Gübelin في هذا المشروع من خلال اختبار هذه التقنية الجديدة التي ستعود بالفائدة على القطاع وعلى المستهلكين في الوقت عينه”. ومن جهته، علق Raphael Gübelin، رئيس شركة Gübelin Gem Lab السويسرية: “خلال مسيرتنا العملية التي أصبح عمرها أكثر من 160 عاماً، حرصنا دائماً على تزويد المستهلكين بالمعلومات الأكيدة والصحيحة بقدر الإمكان. وهذه التقنية الحديثة سوف تجعل الشفافية طاغية على القطاع بأسلوب متطوّر وجديد”.

إعداد: ليزا أبو شقرا  

مجلة عالم الساعات والمجوهرات- عدد 117

 

كلمات مفتاحية

مقالات ذات صلة