Mary Tudor Pearl خمسمئة عام من الإثارة

بين القصور الأوروبية والخزنات الملكية بدأ نجمها يسطع وشهرتها تزيد، لتختفي عن العيون وتختبئ في خزنة صائغ إسباني، وتعود لتسرق الأنظار في لندن، وتستقر مؤخراً في الشرق الأوسط. عاشت Mary Tudor Pearl خمسمئة عام من والإثارة، نتمنى لو كانت لها القدرة على الكلام لتروي لنا أحداث مغامراتها وتكشف عن أسرارها…

خلال معرض Masterpiece London عام 2013، قامت شركة Symbolic & Chase الرائدة في عالم المجوهرات التاريخية بالكشف عن لؤلؤة طبيعية وزنها 65,53 قيراطاً، واسمها Mary Tudor Pearl. لقرون طويلة من الزمن كان مصدر هذه الجوهرة مجهولاً، كما أنها لم تكن محددة الهوية بشكل واضح. ولكن اليوم، صار من الممكن الكشف عن تاريخها المدهش، والتعرّف عليها عن قرب.

 

ماري تودور

ماري تودور

ليس اعتيادياً أن تضيع جوهرة بهذه الأهمية نهائياً في خبايا التاريخ، لكن وبالرغم من كونها كانت تشكل عنصراً شديد الأهمية في إحدى المجموعات الملكية، فإن هذه اللؤلؤة التي أتت على شكل قطرة drop-shaped والتي يبلغ طولها تقريباً 3,5سم، اختفت عن الأنظار منذ سبعينيات القرن السادس عشر، حتى أوائل القرن الواحد والعشرين. وعلى الأرجح بسبب ذلك كان يتم الخلط بينها وبين La Peregrina التي كانت تملكها Elizabeth Taylor، وهذه اللؤلؤة هي أصغر قليلاً منها لناحية الحجم، ولكنها أكثر شهرة. لكن، وعند ظهور Mary Tudor Pearl من جديد في أحد المزادات العلنية في لندن عام 2004 حيث تم بيعها بـ 155,000 جنيه بريطاني (ما يقارب 200,000 دولار أميركي)، بدأت أعمال البحث الجدي عن أصول وأسرار هذه الجوهرة، وقد تم بنتيجتها الوصول إلى نتائج واضحة ومعرفة الحقيقة الكاملة.

هذه اللؤلؤة التي تم وصفها بأنها “مثيرة للإعجاب للغاية” من قبل المختبرات السويسرية الرائدة في علم الأحجار SSEF، مصدرها الخليج الفارسي، وهي كما أظهرت الدراسات، في المرتبة الثالثة عالمياً بين اللآلئ الطبيعية المكوّنة على شكل قطرة والمعروفة حتى اليوم. كانت في الأصل من ضمن مجموعة المجوهرات الملكية الخاصة بالأمبراطورة البرتغالية Isabella التي عاشت في النصف الأول من القرن السادس عشر، والتي أورثتها بعد وفاتها (عام 1539) إلى ابنتها Juana أميرة النمسا.

بعد ذلك، ولأسباب ما زالت غير واضحة، وافقت الأميرة Juana على أن تكون اللؤلؤة من ضمن “مهر الزواج” الذي قدّمه شقيقها Philip II إلى عروسه Mary I of England وهي الأميرة البريطانية Mary Tudor، وذلك في العام 1554، قبل عرسهما بوقت قصير. وللمناسبة قام الصائغ الخاص بالأمير Philip بتصميم وتنفيذ عقد تضمّن اللؤلؤة إلى جانب جوهرة أخرى كانت العائلة الملكية تملكها، وهي ماسة كانت معروفة باسم The Grande، مقطوعة بأسلوب table-cut وتزن 75 قيراطاً. وبما أن اللآلئ كانت تتمتع بشعبية كبرى خلال عصر النهضة لأنها كانت ترمز إلى النقاء وإلى القوة والسلطة كون الحبّات الطبيعية منها كانت شديدة الندرة وباهظة الثمن، فإن هذا العقد أثار الكثير من التعليقات والإعجاب خلال حفل الزفاف.

 

لؤلؤة ماري تودور

لؤلؤة ماري تودور

الملكة Mary يمكن القول أنها كانت خير خلف في ملكية اللؤلؤة، فهي على غرار الأمبراطورة Isabella، كانت تتمتع بذوق رفيع، شغوفة بالموضة وبالمجوهرات وبشكل خاص باللآلئ. كما أنها كانت متعلقة جداً بمجموعة المجوهرات الملكية الخاصة بعائلة Habsburg وذلك بسبب إرثها الإسباني المتأتي من والدتها Catherine of Aragon. هناك لوحتان شهيرتان تجسدان الملكة وهي تلبس العقد، الأولى للرسام Anthonis Mor وهي موجودة في مدريد ضمن متحف Museo del Prado، أما اللوحة الثانية فهي تحمل اسم Queen Mary I للرسام Hans Eworth ومعروضة في National Portrait Gallery في لندن. والجدير بالذكر أن التفاصيل الدقيقة التي تظهر في هذين العملين الفنيين ساهمت بشكل كبير مؤخراً في التأكيد على الفرق بين لؤلؤتيّ Mary Tudor Pearl وLa Peregrina إذ أنها أظهرت الشكل الطولي والحجم الأكبر للأولى.

بالرغم من الحب الكبير الذي كانت الملكة ماري تكنّه لزوجها، إلا أن زواجهما لم يدم إلا أربع سنوات، أمضى خلالها الملك فيليب أكثر أوقاته في إسبانيا، وماتت الملكة في العام 1558 وهي مكسورة الخاطر ومن دون أن تُرزق بأولاد، وقد تركت وصية تطلب فيها أن تتم إعادة مجوهرات Habsburg إلى زوجها فيليب، الذي بدوره أعاد اللؤلؤة إلى شقيقته Juana لأنه اعتبرها جالبة للنحس بالنسبة إليه.

ظهرت Mary Tudor Pearl في مزاد عام 1574 بعد موت Juana بفترة وجيزة ولكن لم يتم بيعها، ما يُعتبَر مستغرباً نظراً إلى الشعبية الكبيرة التي كانت تتمتع بها اللآلئ بين نهايات القرن السادس عشر وبدايات السابع عشر. بعد ذلك انتقلت ملكية اللؤلؤة إلى صائغ إسباني يدعى Diego Ruiz، لتبقى غائبة عن الأنظار لقرون من الزمن، وتظهر مجدداً عام 2004 في أحد مزادات لندن.

 

عقد La peregrina

عقد La peregrina

وبعد تواجدها في معرض Masterpiece London، تمتعت Mary Tudor Pearl بسنة من الشهرة، إذ تم عرضها في معرض اللآلئ في متحف V&A Museum الذي تم تنظيمه بالتعاون مع هيئة المتاحف في قطر حتى بدابات العام 2014، وقد شوهدت للمرة الأخيرة في معرض “آرت بازل”، لتتوجه بعدها إلى الشرق الأوسط وتنضم إلى إحدى مجموعات المجوهرات الخاصة، وتبدأ فصلاً جديداً من حياتها المثيرة.

إعداد: صوفي ستيفنز   

مجلة عالم الساعات والمجوهرات العدد 117 

 

 

 

كلمات مفتاحية

مقالات ذات صلة