الكرونوغراف الأوتومياتيكي الأول… تابع العام 1969 يكشف جميع الأسرار

بدأت Zenith العمل على إنتاج الكرونوغراف الأوتوماتيكي منذ العام 1962 بقصد إطلاقه في العام 1965 لتزامن ذلك مع الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الدار، ولكن هذه العملية المعقدة تطلبت أربع سنوات إضافية لإنجازها، وذلك نظراً إلى التحديات التي كان عليها مواجهتها خلال العمل على هذا الإبتكار، لا سيما من ناحية تأمين مخزون الطاقة لهذا النوع من الساعات، فالكرونوغراف هو بحاجة إلى أضعاف كمية الطاقة خلال قياس الفترات الزمنية القصيرة مقارنة مع كمية الطاقة التي تحتاجها الساعة عند قراءة الوقت بالطريقة العادية.

إضافة إلى ذلك، كان على الساعاتيين أيضاً وضع آلية الكرونوغراف مع آلية قراءة الوقت بشكل متناسق داخل العلبة، مع الأخذ بعين الإعتبار الحاجة إلى تضمين الحركة عدداً كبيراً من المكوّنات الجديدة التي تدخل ضمن منظومة قياس الفترات الزمنية القصيرة أي وظائف الكرونوغراف، والنظام الأوتوماتيكي الخاص بتزويدها بالطاقة. ومع ذلك، نجحت الدار كما ذكرنا بأن تتصدر الدور الصانعة للكرونوغراف الأوتوماتيكي وأن تفوز بالسباق.

أما شركة Seiko اليابانية التي أنتجت ساعة المعصم الأولى التي تمنح وظيفة الكرونوغراف في العام 1964 ليتم الإعتماد عليها في ضبط أوقات دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في تلك السنة، بدأت منذ العام 1967 بالعمل على إنتاج آلية كرونوغراف أوتوماتيكية، وكانت تعمل في منأى عن السباق السويسري ولكنها فاجأت الجميع عندما قامت بإطلاق الكاليبر 6139 في شهر مايو من العام 1969 ووضعته في ساعة 5 Sports Speedtimer وكان هذا الكاليبر يتمتع بالعديد من الخصائص والميزات. فقطره لا يتعدى 27,4ملم وسماكته تبلغ 6,5ملم، النابض الأساسي الخاص به محمول على ركائز كروية، والدوار مركزي يعمل بالتناسق مع تقنية Magic Lever الثورية في تلك الأثناء، والتي تسمح لنظام الساعة باستعمال الطاقة الحركية الصادرة عن الدوار، بغض النظر عن الإتجاه الذي يدور به هذا الأخير، كما أنه الكرونوغراف الأوتوماتيكي الأول الذي اعتمد تقنية العجلة العمودية والقابض العمودي column wheel and vertical clutch التي تحسّن من دقة عملية قياس الوقت بشكل كبير، وهاتان التقنيات ما زالتا تُستعملان حتى اليوم في مجال صناعة الكرونوغراف. والجدير بالذكر أنه عندما يكون مخزون الطاقة في أعلى مستوياته، تستطيع آلة الوقت هذه أن تعمل لمدة 36 ساعة متواصلة مع تشغيل آلية الكرونوغراف. كما ومن جهة ثانية، ولتحسين أداء هذه الساعة وجعلها أكثر دقة، قام مطوّرو هذا الكاليبر بجعله يعمل بسرعة 3Hz أي 21,600 تردد في الساعة، أي على وتيرة أسرع من تلك التي كان متعارف عليها في وقتها أي 2.5Hz ما يعادل 18,000 تردد في الساعة.

 

ولكنهم في الحقيقة لم يستطيعوا منافسة Zenith في هذا المجال، فالكاليبر الجديد الذي أطلقته هذه الأخيرة قبل ذلك بأربعة أشهر تقريباً ووضعته في قلب ساعة Zenith El Primero A384، يعمل على وتيرة 5Hz أو 36,000 تردّد في الساعة. وهذه الخاصية جعلت من El Primero الكرونوغراف الأول عالمياً القادر على قياس الفترات الزمنية القصيرة بدقة تصل إلى عشر الثانية 1/10th of a second، وهذه كانت بمثابة خطوة جبارة في القطاع آنذاك. كما أن El Primero كان يتمتع بمخزون للطاقة يصل إلى 50 ساعة، وقد تم تزويده بنابض أساسي محمول على ركائز كروية، وقد تم تصغير هذا الكاليبر ليسكن في مساحة لا يتعدى قطرها 29,33ملم وسماكتها 6,5ملم. والمعروف أن العديد من الدور الكبرى الصانعة للساعات قد استعانت بهذا الكاليبر في تلك الأثناء، ولعل أبرزها ساعات Rolex Cosmograph Daytona، إلى جانب دور أخرى مثل Bulgari وDaniel Roth وغيرها.

ومن جهته، تحالف Project 99 اعتمد تقنية أخرى في صناعة الكرونوغراف الأوتوماتيكي، فأتى Caliber 11 المعروف أيضاً باسم Chrono-Matic مبنياً على مفهوم الوحدات أي modular concept الذي كان يتم استخدامه في صناعة ساعات الجيب الأولى التي تحتوي على تعقيدات. فآلية الكرونوغراف كانت موضوعة على صفيحة مع ترس متأرجح، وهذه الآلية المستقلة تم تثبيتها بواسطة ثلاثة براغي إلى الجسر الرئيسي للحركة، بينما يلعب الترس المتأرجح دور صلة الوصل بين بين الكرونوغراف والنابض الرئيسي. كما ولتوفير مساحات أكبر لمكوّنات الحركة، قام المصممون باعتماد الدوّار المصغّر planetary rotor وهو من ابتكار Buren تحت إشراف مديرها التقني Hans Kocher في العام 1954. وهذه التقنية فرضت على الساعاتيين وضع التاج إلى الجهة اليسرى من العلبة، وقد تم التسويق لساعة الكرونوغراف التي تم تزويدها بهذا الكاليبر بعبارة: “الكرونوغراف الذي لا يحتاج إلى تعبئة”.

وبعد الإعلان عن هذا الكاليبر، اختار كل من أعضاء التحالف Project 99 الساعة الأكثر شعبية لديه، وزوّدها بهذا الكاليبر، فقامت Breitling بوضعه في ساعات Navitimer وChronomat، بينما استخدمته دار Hamilton لإطلاق ساعاتها الأنيقة Hamilton Chrono-Matic التي تميّزت بميناء الباندا، أما دار Heuer فقد استخدمت هذا الكاليبر في ساعات Carrera وAutavia والمجموعة الجديدة في تلك الفترة Monaco، التي تميّزت أيضاً بكونها الساعة الأولى المربعة الشكل التي اختُبرت لمقاومتها لضغط الماء. وقد كانت هذه النماذج جميعها تتميّز أيضاً بالتاج الموضوع على الجهة اليسرى للعلبة. وقد تم إطلاق هذا الكاليبر من معرض بازل الذي كان متواضعاً في ذلك الوقت مقارنة مع مركزه ووضعيته اليوم، وحصل Caliber 11 على الكثير من الإعجاب والتقدير وانهالت التهاني على أعضاء التحالف لإنجازهم العظيم.

وهنا نعود إلى Seiko التي أرادت أن تؤكد على حرفيتها ودقتها في صناعة ساعات الكرونوغراف الأوتوماتيكية، وكانت في هذه الأثناء تعمل بشكل سري على إنتاج ساعة متطوّرة تتخطى التوقعات في تلك الفترة، وبالفعل قد ظهرت تلك الساعة ذات الميناء الأصفر والتي تحتضن الكاليبر 6139 على معصم رائد الفضاء William Reid Pogue خلال مهمة Skylab-4 التي قام بها بين العامين 1973 و1974، وهي ما زالت حتى اليوم معروفة تحت إسم Pogue Seiko. وقد تمتعت هذه الساعة بخصائص تقنية عديدة لا سيما magic lever وهو النظام التي كانت الدار تستعمله منذ العام 1959، ومهمته تعزيز عمل نظام التعبئة بالطاقة، وكانت بالإضافة إلى الوقت والكرونوغراف تعرض التاريخ وأيام الأسبوع مع إمكانية التعديل السريع.

 

اعداد: ليزا ابو شقرا

 

كلمات مفتاحية

مقالات ذات صلة