قد تبدو رعاية المهرجانات الفنية والثقافية والترفيهية، أو الشراكات مع النوادي الرياضية، أو غير ذلك من النشاطات المرتبطة بمجالات مختلفة عن صناعة آلات الوقت، كجزء من السياسة التسويقية التي تعتمدها دور الساعات. ولكن ذلك لا ينطبق على المبادرات الإنسانية التي تطلقها بعض الدور لمساعدة فئات مختلفة من الناس في الوقاية الصحية، مواجهة أخطار الأمراض عن طريق دعم الدراسات والأبحاث الهادفة لإيجاد العلاجات، نعم فالوقت هنا هو كفيل بالشفاء…
إن ميل صانعي الوقت إلى المساهمة في منح أفراد المجتمع الذين يعانون من صعوبات على المستوى الصحي، فرصة لمتابعة حياتهم بشكل أفضل غدا ملحوظاً جداً، ولعل الدليل الأكثر وضوحاً على ذلك هو ارتفاع عدد الدور المشاركة في مزاد Only Watch الخيري الذي كسر كل الأرقام القياسية في نسخته السادسة هذه السنة، إن من حيث عدد الساعات المشاركة فيه والتي بلغت 44 قطعة فريدة موقعة بأسماء أهم الدور، أو من حيث المردود العالي الذي حققه ووصل إلى 11.204.707 دولا أميركي.
يقام هذا الحدث مرة كل سنتين لدعم الأبحاث والدراسات لإيجاد العلاجات الشافية لمرض الحثل العضلي Duchenne muscular dystrophy الذي يعاني منه عدد كبير من الأطفال والمراهقين حول العالم، يرعاه أمير موناكو ألبرت الثاني، وهو من تنظيم جمعية Association Monégasque contre les Myopathies، وكان هذه السنة بالتعاون مع Monaco Yacht Show ودار المزادات Phillips بالاشتراك مع مؤسسة Bacs & Russo المتخصصة بتجارة الساعات الفريدة والمميزة.
إذاً في السابع من نوفمبر 2015، دوّى صوت المطرقة 44 مرة في إحدى قاعات فندق La Réserve في جنيف، معلناً عن التزام الساعاتيين بالمساهمة في تحقيق الخير العام، وقد شكلت بعض القطع مفاجأة حقيقية للمنظمين والمشاركين، فبيعت الساعة الفريدة الإصدار Patek Philippe Ref. 5016A-010 بـ 7.3 مليون دولار، وهي القطعة الأولى والوحيدة من ساعات التعقيدات الكبرى من هذا المرجع المصنوعة من الفولاذ. تمنح وظائف الدقائق التردادية والروزنامة الدائمة مع مراحل القمر.
أما ساعة Richard Mille RM 27-02 التي ارتداها Raphael Nadal خلال أهم المباريات العالمية خلال عام 2015 فقد بيعت بدورها بما يقارب 650.000 دولار، بينما برزت أيضاً F.P.Journe Tourbillon Souverain Bleu وهي ساعة التوربيون الأولى عالمياً المصنوعة بالكامل من الـ tantalum مع ميناء من الكروم الأزرق، لونه يتبدّل مع اختلاف درجة الإضاءة واتجاهاتها، وقد بيعت بما يعادل 550.000 دولار تقريباً.
أما المفاجأة الأعظم فقد حققتها ساعة Tudor Heritage Black Bay One المصنوعة من الفولاذ التي بيعت بـ 375.000 دولار، أي ما يعادل 120 ضعفاً لسعرها الأصلي الذي لا يتعدى 3.100 دولار. كل ذلك هو خير مثال على الحماس الكبير الذي يظهره عالم صناعة الوقت بكل مكوّناته إلى جانب المتحمّسين له، لمساندة مئات الآلاف من المرضى الذين ينتظرون بفارغ الصبر الوصول إلى علاج نهائي لمعاناتهم.
في مقلب آخر، أعلنت Omega عن مبادرة من نوع مختلف، فهي إلى جانب النجم العالمي Daniel Craig تقوم بمساندة الجمعية العالمية Orbis International ومستشفاها الطائرالخاص بطب العيون Flying Eye Hospital الذي يتنقل حول العالم لمعاينة المرضى المصابين بالأمراض المتعلقة بالنظر، معالجتهم، وتدريب الأطباء المقيمين في هذه المناطق على استعمال أحدث التقنيات الطبية الخاصة بهذا المجال للوقاية من فقدان النظر المحتمَل. عملياً، أطلقت Omega نموذجين جديدين تحت عنوان De Ville Hour Vision Blue وDe Ville Hour Vision Blue Annual Calendar. صُنعت هذه الساعات من الفولاذ قطر 41ملم، وهي تعمل بواسطة الحركة الأوتوماتيكية المزدوجة المحور كاليبر 8500، أو الكاليبر 8601 للنماذج التي تمنح الروزنامة السنوية. الهدف من هذه الساعات ومن الفيلم الخاص الذي نشرته الدار عن زيارة Craig إلى المستشفى الطائر خلال تواجده في منغوليا، هو تعزيز الوعي حول الرسالة الخاصة التي تؤديها هذه المؤسسة الخيرية من جهة، والمساهمة المادية في أعمالها من جهة أخرى كون قسماً من مردود هذه الساعات سيكون من نصيب Orbis International.
وJaeger-LeCoultre هي أيضاً من الدور الملتزمة بدعم الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية، وذلك من خلال مساندتها لجمعية Fundación Aladina التي تأسست في العام 2005 بهدف الوقوف إلى جانب الأطفال المصابين بالسرطان وعائلاتهم من خلال تقديم المساعدات المادية إليهم إلى جانب الدعم النفسي والعاطفي، ليحتفظوا بابتساماتهم ويتمتعوا بمعنويات عالية خلال فترة العلاج الصعبة. أما التطبيق العملي لهذه المبادرة التي أتت تحت عنوان Instants of Light، فقد كشفت عنه الدار في المؤتمر الصحافي الذي أقامته بالاشتراك مع منظمة Aladina في الثامن عشر من سبتمبر 2015، بمناسبة افتتاح مهرجان San Sebastian السينمائي الذي كان تحت رعايتها للسنة الرابعة على التوالي، وهي تقوم على إنتاج أربعة أفلام قصيرة من إخراج أربعة مخرجين مشهورين هم Gracia Querejeta, Antonio Hernández, Nacho G. Velilla و Álvaro
Longoria يؤدي أدوارها ممثلون معروفون، إلى جانب أحد الأطفال الذين تهتم بهم الجمعية، على أن يعود ريع هذه الأفلام لمساعدة Aladina.
ونذكر أن الدار كانت قد بادرت سابقاً في السياق نفسه في العام 2012 من خلال نشاط خاص عنونته Time To Smile وكان يقوم على تحميل صور لأطفال الجمعية على موقع إنستاغرام، ودعوة الناس للتصويت لأجمل صورة، والتبرع لجمعية Aladina بيورو واحد عن كل صوت، إضافة إلى ذلك ساهمت بتمويل مشاريع ترفيهية خاصة بهؤلاء الأطفال، وبادرت إلى مساندتهم بطرق شتى، كما خصصت قسماً من مردود ساعات مجموعتها Reverso for a Smile لمساندتهم، علماً أن هذه الساعات حملت على جهتها الخلفية نقشاً يدوياً لشعار الجمعية.
أخيراً وليس آخراً، عُرفت دار Frédérique Constant إلى جانب سفيرتها الممثلة والعارضة الإسبانية Inès Sastre على مدى السنوات الأخيرة، بجهودها العظيمة المبذولة لمحاربة الأمراض التي تصيب قلوب الأطفال والأمهات بشكل خاص، وذلك بمساندتها للاتحاد العالمي World Heart Federation (WHF) من خلال تقديمها الدعم النقدي إليه، إضافة إلى جمع التبرعات لتمويل نشاطاته. إلى ذلك، تساهم الدار أيضاً في نشر التوعية حول الوقاية من أمراض القلب بإطلاقها ساعات تتمحور حول هذا الموضوع، نذكر منها مجموعة Ladies Automatic “World Heart Federation” التي كشفت عنها عام 2014 وHeart Beat التي أطلقتها للمرة الأولى عام 1994، ذلك إضافة إلى مساهمتها بمبلغ 50 دولار أميركي من ثمن مبيع كل ساعة من مجموعة Double Heart Beat لصالح WHF.
هو بريق لا يشبه غيره يظهر في عيون الساعاتيين عندما تسألهم عن نشاطاتهم الخيرية ومساهمتهم في إعادة الإبتسام إلى شفاه المرضى، وبهجة توازي الفرح بإنجازاتهم، والسعادة التي تغمر الأطفال العائدين إلى الحياة بعد معاناة.