A. Lange & Söhne إبداع جديد في التعقيدات

هي الساعة الأحدث بين ساعات A. Lange & Söhne الشديدة التعقيد، آلة الوقت الرائعة Tourbograph Perpetual Pour le Mérite هي بمثابة ابتكار نادر الوجود. والحصرية لا تقف فقط عند كون هذه الساعة تجمع الحرفية التقنية العاليةالمستوى إلى اللمسات الجمالية المبهرة، فالدار ستصدرها بكمية مححدة بخمسين قطعة لا غير.

كل عام، خلال الصالون العالمي للساعات الفاخرة، تضع A. Lange & Söhne في صدارة إنتاجاتها نموذجاً زاخراً بالتعقيدات، يلخص التزام الدار بالمعايير الأصلية لصناعة الساعات الراقية، ويجسده بأسلوب عصري يجمع بين القدرات التقنية الهائلة من جهة، واللمسات الجمالية النقية من جهة أخرى. ففي السنوات الأخيرة الماضية، كان ترتيب هذه النماذج على الشكل التالي: ساعة Grand Complication في العام 2013، تبعتها  Richard Lange Perpetual Calendar Terraluna عام 2014، وبعدها بسنة واحدة Zeitwerk Minute Repeater، لتليها عام 2016 Datograph Perpetual Tourbillon، وتطل علينا هذه السنة قارئة الوقت الرائعة Tourbograph Perpetual Pour le Mérite.

في عالم صناعة الوقت تُصَنَّف ساعات التعقيدات الكبرى كذروة الحرفية في القطاع، ولإطلاق هذه التسمية على نموذج معيّن، يجب على هذا الأخير عادةً أن يجمع بين الروزنامة، وظيفة رنانة، وأخرى لقياس مضي الوقت (كما يمكن للدار أن تضيف أي تعقيدات أخرى إذا أرادت ذلك). ومع أن Tourbograph Perpetual Pour le Mérite لا تلتزم بهذه الشروط بشكل كلي، إلا أن ذلك لا يبدو مهماً كون هذه الساعة هي معقّدة بشكل غير مألوف، وتجمع بين كرونوغراف الدقائق المتقطعة، الروزنامة الدائمة، مراحل القمر، وآلية الصمّام والسلسلة المثيرة للإعجاب بشكل ساحق.

 

عملية تجميع الكاليبر L133.1، القرص الخاص بمراحل القمر

عملية تجميع الكاليبر L133.1، القرص الخاص بمراحل القمر

إن وجود آلية الصمّام والسلسلة ضمن الحركة يؤكد على المستوى العالي من الحرفية التقنية أكثر من إنتاج الحركات التي تجمع بين عدد كبير من الوظائف والتعقيدات (وقد أشارت الدار إليها من خلال عبارة Pour le Mérite)، كما أن إنتاجه محصور اليوم بعدد قليل جداً من الساعاتيين. فهو عبارة عن نظام معقّد جداً (في ساعة لانغيه، تتألف السلسلة وحدها من 636 مكوناً صغيراً) مهمته تأمين الطاقة المستقرة للحركة الميكانيكية، وهو أولاً لا يُعتبَر “عملياً” خلال الإنتاج، كونه يحتل مساحة كبرى داخل العلبة الخاصة بساعة المعصم، كما أن البعض يعتبره غير ضروري في الوقت الحالي، بما أن صانعي الساعات أصبحوا يستعملون آلية نشر الطاقة وتوزيعها lever escapement إلى جانب التركيبات الحديثة التي أصبحت تُصنع منها النوابض. ولكن بالنسبة إلى العدد القليل من دور الساعات التي تنتجها، تشكل هذه الآلية أسلوب تعبير عن خبرة عميقة وفلسفة خاصة في صناعة الساعات، وعن متانة عالية المستوى للحركة الميكانيكية. والجدير بالذكر أن دار A. Lange & Söhne قد أثبتت قدراتها التقنية الضخمة في هذا المجال منذ أدخلت نظام الصمام والسلسلة إلى ساعة Tourbillon Pour le Mérite التي أصدرتها في العام 1994 من ضمن المجموعة التي أُطلِقت حينها بمناسبة عودة الدار إلى الحياة، وكانت تلك المرة الأولى التي يتم فيها وضع هذا النظام داخل ساعة معصم.

إن الدليل على أن فرادة أسلوب لانغيه في مقاربة صناعة الساعات يظهر في كونها لم تتخلَّ يوماً عن تقاليدها، ولم تلِج أي مجال مغاير لسياستها بهدف تحقيق مصالحها، وبتعبير أوضح، هي لم تستعمل أساليب الإصطياد الدعائي أو الحيل التسويقية، بل تطوّرت خلال السنوات انطلاقاً من ركائزها المتينة وأفكارها الأساسية. وساعة Tourbograph Perpetual Pour le Mérite هي خير مثال على مسيرة التقدّم هذه ومراحلها.

فجذور هذه الساعة يمكن إيجادها في نموذج Tourbograph Pour le Mérite الذي أطلقته الدار في العام 2005، والذي يتضمّن كرونوغراف الثواني المتقطعة إلى جانب نظام الصمام والسلسلة، كما وفي ساعة 1915 Rattrapante Calendar من إنتاج العام 2013.

ولإنتاج ساعة Tourbograph Perpetual Pour le Mérite، يمكنا القول أن الدار قد أعادت النظر في كل ما تعلمت من صناعة هذين النموذجين السابقين، فالآلية caliber L133.1 المؤلفة من 684 مكوّناً هي عبارة عن حركة جديدة بالكامل، مع كاليبر أساسي معاد تصميمه بالكامل، لماذا؟ في المقام الأول لأن أسلوب A. Lange & Söhne لا يقوم على نقل وحدات مصنوعة لساعة أخرى وتركيبها على كاليبر موجود أصلاً لإنتاج ساعة جديدة. وبشكل أكثر تحديداً، لأن آلية التوربيون هي بحاجة إلى ثلث المساحة المخصصة للحركة، كان لا بد من إعادة تصميم الآلية الخاصة بالروزنامة الدائمة والمؤلفة من 206 مكوّنات لتكون على شكل نصف دائرة محيطة بالتوربيون، كما وجب دمج مؤشرات الروزنامة على الميناء مع عدادات الكرونوغراف وبطريقة متماشية مع قفص التوربيون. هذه المؤشرات تم وضعها ضمن ثلاثة موانئ فرعية، وبالرغم من كثرة المعلومات التي تمنحها، إلا أن الميناء بدا مرتباً وواضحاً.

 

عملية تجميع الكاليبر L133.1 عجلة مسننة

عملية تجميع الكاليبر L133.1 عجلة مسننة

والعامل الرابع البارز على الميناء هو قفص التوربيون – وهنا تجدر الإشارة إلى أن التوربيون يُعتبَر بمثابة آلية ضبط لعمل الحركة، ولا يؤدي أي وظيفة أخرى على الميناء، لذلك لا يمكن تسميته “تعقيداً”- ولكنه يتمتع بمظهر رائع بفضل الجسر الأسود المنحني الذي يحمله. وهذا الجسر هو بمثابة الحل الذي قدّمته لانغيه لحل مشكلة أن التوربيون غالباً ما يكون موضوعاً بشكل يجعله يبدو عميقاً، تحت الميناء، والسبب الأساسي لابتكاره كان إضافة الآلية الخاصة بالروزنامة الدائمة إلى الحركة. لا شك أنه كان من الأسهل بالنسبة إلى الفريق التقني في الدار أن لا تنتقل آلية التوربيون من موقعها الأصلي في الحركة، ولك صناعة الجسر لم تكن بدورها سهلة: فصقل المساحات السوداء، حتى المسطّحة منها، هو عمل صعب بحد ذاته، أما إذا كانت المساحة التي يجب صقلها مقوّسة، فهنا يكمن التحدي الأكبر حتى بالنسة إلى A. Lange & Söhne (وهي دار “تحب تحقيق الإنجازات بالطريقة الصعبة والمعقدة” بحسب قول Anthony de Haas مدير قسم تطوير المنتج فيها) والأكيد أن النتيجة أتت مبهرة.

أما الجهة الخلفية للساعة فهي لا تقل جمالاً عن وجهها، فهي تكشف عن الخطوط الهندسية للحركة وعن أجزاء آلية الكرونوغراف، إضافة إلى اللمسات الأخيرة الجمالية الرائعة التي أصبحت بمثابة أحد تواقيع الدار. ونشير إلى أن كرونوغراف الثواني المتقطعة Rattrapante هو أكثر تعقيداً من الكرونوغراف الكلاسيكي المعروف، كونه قادر على قياس فترتين زمنيّتين تبدآن في اللحظة نفسها بشكل منفصل. حتى أن البعض يعتبر أن إنتاج هذا الكرونوغراف يوازي بصعوبته إنتاج آلية الدقائق التردادية minute repeater.

إن التصميم الخاص بآلية الكرونوغراف في ساعة Tourbograph Perpetual Pour le Mérite هو “النجم” الأبرز بين الأجزاء الظاهرة من الحركة، وذلك بفضل “فكّي المقص” الذين يحيطان بعجلة الكرونوغراف المركزية. وهذا ما يسمح لعقربيّ الثواني الخاصين بالكرونوغراف بتقسيم الوقت واللحاق ببعضهما البعض بتناسق تام، وهذا هو جوهر عمل كرونوغراف الثواني المتقطعة.

من الممكن أن يشعر البعض بالخيبة لأن أجزاء آلية الروزنامة الدائمة غير ظاهرة لأنها موضوعة في مكان أقرب إلى وجه الميناء، كما أنه من الممكن أن يتمنى البعض لو كان نظام الصمام والسلسلة مرئياً، ولكن الحقيقة أن المساحة المكشوفة لا يمكن أن تتسع لكل ذلك، كما أن دار A. Lange & Söhne لا تحب أن تكشف عن جميع أسرارها. أما بالنسبة إلى العارفين في مجال صناعة الحركات الميكانيكية الراقية، فيكفي أنهم يعرفون الخصائص التي تتمتع بها هذه الساعة ليتمكنوا من تقدير قيمتها. فالحركة على أعلى مستوى من الحرفية والرقي، وقد تم وضعها داخل علبة لا تقل عنها روعة.

إعداد: ساندرا ليين

مجلة عالم الساعات والمجوهرات عدد 117

 

 

كلمات مفتاحية

مقالات ذات صلة