مع الصحوة التي تشهدها المجتمعات مؤخراً إلى أهمية المحافظة على الأخلاقيات في إدارة الإقتصاد العالمي، والتوجه إلى استعمال موارد الطاقة المستدامة المستخرجة بطرق نزيهة من باطن الأرض، ها هو عالم صناعة الوقت يستهل مسيرته في هذا المجال من خلال شركتين صانعتين للساعات، تلتزمان صياغة قطعهما بالذهب «النزيه».
«إنه ليس بالمسار السهل، ولكن يجب علينا اتباعه» هذا ما قاله
Karl-Friedrich Scheufele، الرئيس المشارك في دار Chopard العام الماضي، عندما أعلن عن القرار الذي اتخذه إلى جانب شقيقته Caroline Scheufele، وهي بدورها تلعب دور رئيس مشارك في الدار، بالانتقال بعمل الشركة التي تملكها العائلة إلى استعمال المواد الآتية من مصادر مستدامة. هم يقرّون أن الهدف الذي يضعونه نصب عينيهم هو في الواقع صعب المنال، إذ أنهم يسعون إلى الوصول، إذ أنهم يسعون إلى الوصول إلى نسبة %100 من المواد النزيهة المصادر، ولكن يجب البدء من نقطة ما، بدل الإكتفاء بالحديث عن الموضوع، ونقطة البداية هي «الذهب النزيه».
فبعد أن قدمت شوبار عام 2013 مجموعة المجوهرات Green Carpet ضمن هذا السياق، أطلقت في العام 2014 L.U.C. Tourbillon QF Fairmined، وهي الساعة الأولى في العالم بعلبة وغطاء مصنوعين من «الذهب الأخضر» كما تُطلق عليه التسمية، عيار 18 قيراطاً، لتتبعها في الـ 2015 ساعة L.U.C. XPS Fairmined. هذه الساعات تتربع اليوم على أعلى قمة الإصدارات التي تحمل توقيع الدار، ولكن إنتاجها ما زال محدوداً جداً، ليس لأن الدار لا تريد أن تصنعها بل لأن عدد المزوّدين بهذا النوع من المواد الأولية ما زال محصوراً جداً.
إننا نأمل خيراً بأن تصبح عبارة «المواد النزيهة» متداولة أكثر في الوسط، وأن نراها منقوشة على عدد كبير من الإنتاجات في عالم صناعة الساعات الراقية، كون شهادة التصديق الخاصة بهذا التميّز، إذا جاز التعبير» قد تم تطويرها من قبل جمعية «التحالف من أجل الإستخراج المسؤول للمعادن» (ARM) غير الربحية، وهي تضمن أن هذه المعادن قد تم استخراجها من مصادر موثوقة، وبطرق أخلاقية ومبادئ ملتزمة بمعايير الإستدامة.
كما ومن جهة أخرى، تعتبر الدار السويسرية Zeitwinkel المتخصصة في صناعة الساعات الفاخرة، الوحيدة التي انضمت إلى التحالف المذكور، إذ أطلقت عام 2014 ساعتها 273˚، وهي الأولى التي أتت بعلبة من «الذهب النزيه».
وعن ذلك تحدث Peter Niklaus، الشريك المؤسس في الدار قائلاً: «عند التطرق إلى مسألة الاستدامة فإنه ليس لدينا خيار آخر، كون ذلك أمر أساسي في فلسفة الدار. وبما أن البعض من عملائنا يرغبون باقتناء الساعات المصنوعة من الذهب، فإن هذه القطع يجب أن تصاغ من الذهب النزيه. وإذا كانت العديد من العلامات التجارية «تتحدث» عن أهمية الإلتزام بالموارد المستدامة، فنحن فعلاً جديون بما يخص هذا الموضوع».
أما الحافز الذي يقف وراء توجه Chopardبشكل فعلي نحو نظم الاستدامة فهو يتلخص بسلسلة محادثات بين CarolineوKarl-Friedrich Scheufele مع Livia Firth زوجة الممثل Colin Firth، التي تعرفت إليها كارولين من خلال الشراكات المستمرة للدار مع المهرجانات السينمائية العالمية، كما كان لشركة Eco-Age المملوكة من عائلة فيرث، دور مهم في توثيق العلاقات بين Chopard وARM.
ومثل حال الماس، أو ما يطلق عليه اسم «ماس الصراعات»، الذي كان مجهول المصادر تماماً قبل العام 2000، اليوم نسبة قليلة من الصائغين والمستهلكين يعرفون مصادر الذهب الذي يستعملونه أو يرتدونه. فالمعروف أن %80 من العاملين في مجال استخراج الذهب اليوم، ينتجون فقط %20 من الذهب العالمي، وذلك من خلال عدد محدود من الحرفيين وأصحاب المشاريع الصغيرة، ما يجعلهم عرضة للاستغلال بشكل كبير.
وفي الوقت الذي تقدم فيه منظمة «التحالف من أجل الإستخراج المسؤول للمعادن» أسعار مميزة لمستخرجي الذهب النزيه، فإن مشاركة Chopard في هذا المسار لا تقتصر فقط على التزوّد منهم بالذهب، بل تمتد إلى دعم عمال المناجم والمساهمة في تطوير عمليات الإنتاج بهدف زيادة كميات الذهب المستخرج بطرق نزيهة في الأسواق.
وفي معرض شرحه للأسباب التي تجعل هذا الذهب وبالتالي الساعات المصنوعة منه أغلى ثمناً، أضاف Peter Niklaus: «إن السبب مرتبط بالتكلفة الكبيرة التي يتم دفعها للمناجم التي تقوم باستخراج الذهب بمواصفات معينة وأنظمة استدامة خاصة ومعتمدة. فهذا الذهب يعالج بطريقة خاصة ومنفصلة عن غيره من ذهب المصادر الأخرى، والأشخاص الذين يقدّرون هذه العمليات لا يمانعون بهذا الارتفاع في السعر، بل يكونون فخورين باقتنائهم ساعات مصنوعة من الذهب النزيه. ومن الضروري أن يتم شرح أهمية هذا الذهب، ونشر تفاصيل عمليات التنقيب عنه واستخراجه بطرق مسؤولة، وذلك لتشجيع استعماله، وتنمية الطلب عليه».
هذا وقد رفضت كل من Zeitwinkel وChopard استعمال الذهب المعاد تدويره، لعدم القدرة على تتبع مصادره، حيث من الممكن أن يكون قد تم استخراجه تحت شروط استغلالية ومنافية لقواعد أخلاقيات العمل في المناجم. وفي هذا الإطار، أتى أيضاً على لسان شوفيل: «يجب علينا أن نكون مثالاً يحتذى به، ومن الممكن أن نستعين بقدراتنا الإعلامية حول العالم لنشر التوعية والعلم والانتباه حول هذا الموضوع. فالكثير من التغيير يطرأ على أولويات العملاء الذين أصبحوا يهتمون بمعرفة مصادر السلع التي يشترونها، وعن كيفية صناعتها«.
إعداد : ساندرا ليين | words : sandra lane