Giampiero Bodino مبدع لا يعرف حدوداً

 

كونه المدير العام لمجموعة Richemont منذ العام 2002، يمكننا القول أن Giampiero Bodino يملك تأثيراً كبيراً على تصاميم منتجات اللوكس في أيامنا هذه. كما أنه ومنذ العام 2014، قرر أن يركز جهوده ومواهبه على إنتاج قطع مجوهرات استثنائية تحمل توقيعه.

 

ككل عام، نرى أن المجموعة الجديدة من المجوهرات التي تحمل توقيعك لا تضم الكثير من القطع، ولكنها ذات تصاميم قوية.

أنا مسرور أنك لاحظت ذلك! فمشروعنا لا يرتكز على صناعة عدد كبير من المجوهرات من قبل فريق عمل ضخم بهدف إدهاش الجمهور من خلال حملات التسويق. نحن بكل بساطة نعمل على إنتاج ما نحب، أي إنتاج عدد قليل من قطع المجوهرات التي تحمل روحيتنا وتعبّر عنها.

 

عندما تبدأ بتصميم المجموعة، هل يكون هناك مسبقاً موضوع معيّن في ذهنك أو إنه يتطوّر مع الوقت؟ هل تباشر المجموعة بتنفيذ تصميم تكون قد وضعته سابقاً، أو أنك تستوحي التصاميم من الأحجار؟

إن الأمور تسير بالإتجاهين. أنا أتمتع بفكر ثلاثي الأبعاد، وأعني بذلك أنه عندما يكون لدي فكرة معينة، أستطيع أن أتخيل القطع التي سأقوم بتنفيذها. لذلك عندما أبدأ بالرسم، تكون الفكرة شبه حاضرة في ذهني. أعني أن الفكرة تنطلق من رغبتي بتصميم قطعة معينة، فلنقل سواراً، أو أنني أريد أن أصنع قطعة ذات شكل هندسي معيّن. وهذه تكون نقطة الإنطلاق للتصميم.

 

هل تظن أن طريقتك هذه في العمل متأتية من تدريبك الأساسي كمصمم للمنتجات، ما يستدعي مجموعة من المعايير والخطوات المنظمة؟ وهل تظن أن هذه الخطوات التي تتقنها جيداً تحفّز قدرتك على التعبير بحرية؟

من الممكن أن يكون ذلك صحيحاً. ولكن عملية الخلق والابتكار تأتي قبل خطوات التصميم، وقبل التصور الأولي للقطعة. التصميم يساعد على ترجمة الأفكار التي تكون موجودة أصلاً في ذهني، ولكن مرحلة التخيّل الذهني للقطعة تأتي قبل أن أبدأ برسم أي شيء.

ومن الممكن أيضاً أن يتم الموضوع بالطريقة المعاكسة. ففي بعض الأحيان يقوم أحد المورّدين باقتراح حجر معيّن علي، حجر من الممكن أن يثير في إحساس معيّن. الأحجار الكريمة التي أستعملها يجب أن تكلمني وأن تفرض شخصيتها علي.

 

إذاً عندما تلتقي بحجر يتكلم معك، هل يمكن أن يكون هذا المنطلق للتصميم؟ وهل يحدث أن يقوم الحجر بإخبارك كيف يجب أن تصمم قطعة معينة؟

لأكون صريحاً معك، الأمور تحصل باتجاه آخر. لنأخذ عقد Barocco على سبيل المثال، وهو مرصع بأحجار كبيرة من الروبيلليت على شكل دمعة. كنت قد رسمت هذا العقد منذ فترة، وكنت تفريباُ ناسياً أمره. كغالبية تصاميمي، كان الرسم بالأبيض والأسود، لأنه وبالنسبة إلي، العامل الأساسي في التصميم هو الشكل والتقسيم الهندسي. بعد ذلك، أتى مورِّد أحجار وأراني مجموعة من أحجار الروبيليت المقطوعة على شكل دمعة، وفي هذه اللحظة تذكرت تصميم العقد وقلت في نفسي أن هذه الأحجار ستبدو ممتازة عليه. وهنا بدأت بإضافة الألوان إلى الرسم الأولي، اشتريت الأحجار وأضفت المزيد من الألوان. أعتقد أن إحدى حسنات الرسم بالأبيض والأسود هي أنه يترك التنفيذ مفتوحاً على كل الإحتمالات.

 

إن الأشكال والألون التي تستعملها في قطعك يمكن وصفها باقوية والغزيرة. تعكس روحك الإيطالية، ولكن هناك شيء إضافي يميّزك. إلى أي حد أنت “إيطالي”؟ وإلى أي حد تدخل شخصيتك الإيطالية إلى تصاميمك؟

بالطبع أنا إيطالي مئة في المئة. وهل تعرفين أنني بدأت مسيرتي العملية في دار Bulgari؟ لقد عملت هناك لعشر سنوات قبل الإنتقال إلى مجموعة Richemont. لقد قام Gianni Bulgari بتوظيفي في العام 1981، كنت في تلك الأثناء أعمل في تصميم السيارات في منطقة تورين، ولكنه دعاني إلى العمل معه لأنه كان يبغي تجديد فريق العمل الخاص بتصميم المجوهرات، والإستعانة بشخص ممكن أن يدخل مقاربة مختلفة إلى أعمال الدار. دعاني إلى روما، حيث لم أكن بحاجة إلى أكثر من ثلاث ثواني لأوافق على العمل معه. ففي تلك الأيام لم يكن هناك من حدود للخلق والإبداع في Bulgari. ولكن عندما غادر Gianni غادرت أنا أيضاً لأنني لم أستطع أن أتخيّل الدار من دونه.

انتقلت للعمل مع Richemont حيث بقيت لفترة تتراوح بين سنتين وثلاثة، ثم اخترت أن أعمل بشكل مستقل، وتوجّهت نحو الموضة. تعاونت كثيراً مع Tom Ford وGucci في أوائل التسعينيات. أنجزت القليل مع Prada والكثير مع Versace. كما قمت بالعديد من الأعمال كمصمم مستقل مع الدور التابعة لمجموعة Richemont مثل: Panerai، Van Cleef & Arpels، Buame & Mercier وفي تصميم الأقلام والساعات لحساب Montblanc.

 

ولكنك عدت للعمل بوقت كامل لحساب Richemont في العام 2002. ما الذي كان وراء قرارك هذا؟

عندما كنت أعمل لحساب العديد من الدور، كانت كل منها تشدني لتصميم المزيد لها دون سواها. هذا الأمر بدأ يصبح متعباً كثيراً بالنسبة لي، حتى أتى اليوم الذي قدّمت لي مجموعة Richemont عرضاً مغرٍ، فقلت لنفسي “هذا ما أريد”. وبعد ذلك، قرر المدير العام للمجموعة Johann Rupert الذي يعرف قصة شغفي بالمجوهرات أن يدعمني، وهنا بدأت قصتي مع الجواهر تحت سقف Richemont.     

 

إلى جانب قدرتك على التعبير عن أفكارك بحرية وإبداع، ما الذي تتمناه لدار المجوهرات الخاصة بك؟ وإلى أي حد تريد لها أن تنمو؟

في الواقع أنا لا أطمح للنمو كثيراً، والسبب هو أنني أريد أن يحظى الآخرون بالشيء نفسه الذي أتمنى أن أحصل عليه عندما أشتري شيئاً لنفسي. أريد أن تثير هذه القطعة إعجابي، أن تكلمني، أن أكون أكيداً أنها حصرية وفريدة. لأنني لا أشعر بالانجذاب نحو القطعة التي يمكنني إيجاد مثلها في كل مكان.

 

لأن ذلك يتعارض مع مفهوم صناعة منتجات اللوكس أليس كذلك؟

نعم أنا أشعر بهذا التناقض. فعندما نتكلم عن قطع اللوكس طوال الوقت، ومن ثم نجد هذه القطع في 300 متجر حول العالم، فهل هذا يمت إلى الرفاهية بأي صلة؟ بالطبع كلا.

 

إذاً يمكننا القول أن عملك في تصميم المجوهرات هو شيء شخصي، وأعني بذلك علاقاتك مع الجميع في المجال أي مورّدي الأحجار، الفنانين والزبائن…؟

نعم، المهم هو العلاقات الجيدة. أنا شخص حساس جداً، ولا يمكنني العمل مع أشخاص لا أحبهم، فالمشاعر بالنسبة لي تدخل في الأعمال. فعندما أعمل، أضع قطعة من قلبي في العمل، وهذا يتطلب مجهوداً عاطفياً وطاقة كبيرة.

 

أود أن أقول أن هذه السعادة مترجمة في القطع التي تصممها. فهذه القطع فيها دفء وفرح في الوقت عينه.

نعم هذا صحيح تماماً.

 

مجلة عالم الساعات والمجوهرات العدد 119 /يناير-مارس 2018

إعداد: ساندرا ليين                            

كلمات مفتاحية

مقالات ذات صلة