رحلة Alexandre Peraldi الإبداعية عبر العوالم المتداخلة

Peraldi

التصميم هو عملية التكوين أو الابتكار لخلق نموذج أو منتج له وظيفة عملية أو جمالية ما. ومنذ قديم الزمان، كان الإنسان، ولايزال، يُبهَر بالتصاميم الخلّابة الموجودة في عالمنا هذا. وعلى مرّ العصور، بات يُنظر للتصميم الإبداعي كأحد أهم الطرق لتطوير وتجديد المجتمعات وتحسين نوع الحياة. ومن هنا بدأت التفرّعات في عالم التصميم والإبداع وبرزت التخصّصات في هذا المجال، ومنها التصميم الداخلي والتصميم الغرافيكي والتصميم المعماري وغيرها.  

وبذلك، أصبح مصمّموا اليوم يتميّزون بتخصّصهم في نوع معيّن من قطاعات الإبداع، كالأزياء أو الساعات أو السيارات وما إلى ذلك.  لكن هل تختلف مراحل المسيرة الإبداعية للمصمّم من قطاعٍ لآخر؟ هذا ما حدَّثنا عنه Alexandre Peraldi، رئيس قسم التصميم في دار Baume & Mercier.

كغيرها من دور الساعات العريقة، تعتمد دار Baume & Mercier بشكل ملحوظ على المبادرات التعاونية مع مختلف القطاعات الإبداعية التي تشاركها القيم نفسها، وتجذب بذلك جماهير جديدة لساعاتها. فمثلاً، تعاونت الدار العام الفائت مع شركة Caroll Shelby، التي تحمل اسم مصمّم سيارة Shelby Mustang  الراحل، واستلهمت من عالم السيارات الُمعدّلة الرياضية تصاميم مجموعة Capeland Shelby Cobra 1963.

وهذا العام، اختارت الدار مصمّما الأزياء حسين بظاظا وزيّان غندور ومصمّمة الحقائب النسائية رولا غلاييني لتصميم وتكوين أساور مبتكرة لساعات فريدة من دار Baume & Mercier.

فما هي إيجابيات وسلبيات الخَلط بين العوالم الإبداعية المختلفة و الخروج عن المألوف في الرّحلة الإبداعية للمصممين؟

 

بالنسبة لـ Peraldi، هو يتحمّس لفكرة خروج المصمّم من منطقة راحته والغوص في عوالم جديدة عبر الإقدام على تصميم شيء خارج عن ماهو مألوف له، فهذا التَّنوع يخلق أفكاراً إبداعية خلاقة تبعث روحاً جديدة في أي تصميم، ،وهذا ما أراد الوصول إليه عندما تعاون مع مصمّمي الأزياء أو غيرهم من العوالم الإبداعية والقطاعات المختلفة.

يقول المصمم العالمي: “بالنسبة لي هناك طريقةٌ واحدة للتصميم، مهما كان المنتج الذي أصمّمه. التصميم هو مختلف جداً عن التكوين الإبداعي. كلمة “تصميم” بحد ذاتها باتت مستخدمة في أوساط وقطاعات متعددة على مدى العشر سنوات الأخيرة. فبتنا نربط أي شيء جميل أو غالي الثمن أو خارج عن المألوف بالتصميم، ولكن بالنسبة لي التصميم ببساطة هو القدرة على تحويل الفكرة الإبداعية إلى شيء أكثر كفاءةً وجاذبية، يمكنك إنتاجه وتوزيعه و بيعه واستخدامه. وهذا يعني أنّه يُصبح تصميماً صناعياً، فإن لم يكُن تصميماً صناعياً فهو يبقى مجرّد قطعة فنية لا يُمكن استخدامها. ولهذا فإنني أَتبع الرحلة التصميمية الإبداعية ذاتها عند تصميم أي شيء”.

 

 مراحل الرحلة الإبداعية لـ Peraldi

يبدأ Peraldi كأي مصمّم آخر برسمٍ أوّلي لما يريد تصميمه، وبهذا فهو يضع الأفكار غير الملموسة والمتواجدة في بالِه على الورق، أو الكمبيوتر الذي أخذ مكان الورق لدى عددٍ كبيرٍ من المصمّمين. لكنه يصرُّ على استخدام الطريقة التقليدية بالرسم بيده على الورق في المراحل الأوليّة، “أعتقد أن الطريقة التقليدية بالرسم على الورق بشكلٍ مبدئي هي الأكثر فعالية، فبمجرد أن تخطر على بالي أية فكرة ملهمة بإمكاني فوراً أخذ أي ورقة ورسم ما أفكر فيه. وأرى عدداً متزايداً من المصمميين الشباب الذين لا يُتقنون مهارة الرسم على الورق، فخلال دراستهم يتعلمون التصميم على برامج الكمبيوتر بشكل مباشر وهكذا تتحول الحالة الإبداعية للتصميم الأولي إلى شيء تقني، وبالنسبة لي هذا خطأ، فعلى المصّمم أن يتعلّم الرسم بيده ليتمكن من التصميم على الكمبيوتر. أَعتقد أن هذا ينطبق على مختلف أنواع العمل الإبداعي”.

 

في حين أن Peraldi يعمم مراحل التصميم التي يمر خلالها أي مصمم لأي عمل إبداعي، إلّا أنه يعلم أن التخصص مهم لمعرفة الأسلوب وإتقان البراعة الفنية في مجالات معينة كالساعات أو الأزياء أو الفن المعماري وما إلى ذلك. “عليك إتقان المهارات الإبداعية التفصيلية في تلك المجالات لتتفوق كمصمم فيها. فإن قررتُ غداً أن أُصمم قطعة من الملابس، لن أبدأ بالطريقة ذاتها، فعلي أولاً تعلّم الكثير عن عالم الأزياء والموضة والخياطة والقماش وغيرها من التفاصيل المهمة في هذا المجال، وبعدها فقط يصبح بإمكاني تصميم الملابس”.

يلخص Peraldi الخطوات الإبداعية في أي مجال على النّحو التالي: “تبدأ بالرسم لتضع أفكارك أمامك وتراها بعينك المجردة، وعند ذلك بإمكانك  تطوير الرسم الأولي للتصميم وتخيُّل كيفية تحوله وكيف سيكون عندما يكتمل، ثم تتابع وتتجه لبناء هذا التصميم، وبعدها تبدأ بتطويره شيئاً فشيئاً لتصل إلى التصميم المُكتمِل وتبدأ عملية الإنتاج. وتحاول  أن تحافظ على الروح الإبداعية الأولية التي أوجدتها في الرسم الأولي على الورق خلال كل من تلك المراحل التطويرية”.

 

 

ثلاث وصفات لتجديد القدرة الإبداعية

إنضم  Peraldiلدار Baume & Mercier قبل ١٦ عاماً، وهو يعمل كمصمم منذ أكثر من ٢٧ عاماً، ومرت عليه موجات وتوجهات مُختلفة من التصميم التي برزت ثم اختفت على مر السنوات. وكأي مصمم، كان عليه مواكبة هذه التغيرات في قطاع الساعات بشكل خاص و في المجال الإبداعي بشكل عام. فكيف للمصمم أن يُعيد ابتكار نفسه واللحاق بقطار التغيير؟

يقول Peraldi أن تجديد الذات في المجال الإبداعي للمصممين هو عملية مستمرة وضرورية جداً للبقاء على صلة ووعي بالتحوّلات المهمة التي تطرأ على أي مجال. ومن جهته، فهو لديه ٣ وصفات لذلك:

“الأُولى أن أُحافظ على فضولي حيال كل ما أرى في الحياة اليومية من شتّى العوالم الإبداعية، وهذا ليس محدوداً على عالم الساعات فقط، بل أُتابع التغيّرات في عوالم الأزياء و السيارات والهندسة المعمارية وغيرها.الوصفة الثانية هي البقاء على اطلاع على أعمال المصممين الجدد والشباب، ولذلك أُحاول كل عام أن أشترك كعضو في لجان تحكيم لتقييم أعمال المصممين الجدد، و أُحاول دائماً تنظيم ورشة عمل مرة كل عام على الأقل في مدن مختلفة حول العالم، يشترك فيها مصممين جدد شباب، لنتبادل الخبرات الإبداعية، وهكذا أبقى على معرفة بالعمليات التكوينية المبدئية، بالإضافة للحفاظ على روح الشباب في الفريق الذي أعمل معه. ثالث وصفة هي الإيمان بأنك دائماً مبتدئ في عالم التصميم، فهذه الفكرة تجعلك متعطشاً للمعرفة بشكل دائم، ،أَتعلّم شيئاً جديداً كل يوم، وهذا مهم بالنسة لي”.

 

إعداد: هند مصطفى معلم 

مجلة عالم الساعات والمجوهرات العدد 119

كلمات مفتاحية

مقالات ذات صلة