تزامناً مع احتفال دار Boucheron بعيدها الستين بعد المئة في العام 2018، تحدّثنا مع المديرة الإبداعية للدار عن ما تملكه هذه الأخيرة من إرث وإبداع.
مع مرور أكثر من قرن ونصف، من المؤكد أن Boucheron تملك أرشيفاً غنياً جداً. كمديرة إبداعية للدار، هل تجدين نفسك مسؤولة بشكل خاص عن هذا الإرث؟ هل تنظرين إليه على أنه مصدر إلهام أو أنه شيء ممكن أن يحد من قدرتك على الإبداع؟
إنه مزيج من كل شيء. فحين وصلت إلى Boucheron قررت أن أتصالح مع الماضي، بمعنى أن لا أقوم بكل ما أريد، بل أن أطلع على كامل أرشيف الدار وأستعمل الماضي لابتكار طرق جديدة في التصميم. والجزء الأفضل بالنسبة إلي هو الإنطلاقة، وأعمال المؤسس Frédéric Boucheron.
أنظر إلى دوري في الدار على أنه ورقة صغيرة في كتاب عظيم، والقصة الكاملة لم تكتب بعد. لذا سأبذل جهدي في القيام بشيء مناسب، يكون ملائماً لتوجّه Boucheron.
هل من الأسهل أن يكون إرث Boucheron وقيمها نقطة انطلاق بالنسبة إليك كمبتكرة، بدل من أن يكون لديك الحرية المطلقة؟ أو هل من الممكن أن يكون هناك صراع بالنسبة إليك بين التزامك بتاريخ الدار وكونك صادقة مع نفسك كمبتكرة؟
إن نسخ التصاميم بالطبع ليس ممتعاً. ولكن الحصول على حرية مطلقة قد يكون مخيفاً أحياناً. لذا أرى أن هذا الأرشيف يوفّر لي نوعاً من الحماية. إنه أشبه بإطار، تماماً كما الأمر بالنسبة إلى الأطفال، من المريح أن يحظوا بإطار محدد للعمل داخله، وداخل هذا الإطار لدي الكثير من الحرية الإبداعية. لذا يمكنني الحصول على الكثير من المرح، فأنا لا أصمم قطعاً تندرج ضمن السلع الترويجية.
لطالما اشتهر Boucheron بأنه مصمم مجوهرات تقني، بمعنى أنه ينتج قطعاً معقدة تتطلب الكثير من التخطيط الهندسي الذي يقف وراء الواجهة الرائعة. ويبدو أنك قد أخذت هذا القسم التقني إلى مستوى أكثر “جنوناً” أو جرأة في تصميم قطع المجوهرات الراقية، مع بعض المواد والتصاميم المعقدة، ولكن ذلك بالنسبة إليك هونوع من المرح، وليس الجزء الممل من صناعة المجوهرات.
إن ذلك ممتع جداً. فالفرح الحقيقي يمكنك إيجاده فعلاً عندما تنجحين من الناحية التقنية. أنا صانعة مجوهرات في المقام الأول، ولست مصممة، لذا فإن الجزء التقني للمجوهرات هو أكثر ما أحب. أعلم تماماً ما هو ممكن وما هو غير ممكن، أو ما هو أقرب إلى المستحيل، وذلك من شأنه أن يسهل علي التحدّث بصدق أكبر مع الحرفيين وتشجيعهم ومساعدتهم. فلا يمكنهم أن يقولوا لي أن هذا غير ممكن إذا كنت أعلم أنه ممكن. ولكن في الغالب، هم فخورون جداً لتمكنهم من تنفيذ أمور صعبة للغاية.
هل تجدين متعة وتحدياً إبداعياً أكبر خلال تصميم قطع المجوهرات الفاخرة، أو من خلال العمل على الخطوط العريضة للدار، حيث يجب عليك أن تنعشي رموز الدار المتكررة باستمرار، وأن تقدّميها بأسلوب أقرب إلى العصرية؟
بصراحة، أعتقد أن المجوهرات الراقية أكثر متعة، لأنك تملكين الوقت للتعبير عن نفسك بطريقة مبتكرة، للبحث عن تقنية حديثة وجيدة، اللعب بالمواد أو كل ما تتمنينه. ولكنني أحب العمل الفكري الذي يكمن وراء تطوير مجموعة تتمحور حول أحد رموز الدار، على غرار Serpent Bohème أو Quatre لأن مساحة الحرية صغيرة للغاية، ولكن المجهود يكون في العثور على شيء جديد يتناسب تماماً مع كل القيود، وعلى فسحة من الحرية داخله. لذا فهو أقل حرية، وأقل إبداعاً، ولكنه أكثر عمقاً ويبعث على الشعور بنوع مختلف من الإكتفاء حين تنجحين فيه.
أعتقد انك تلاحظين أن السيدات يتزينّ بقطع المجوهرات العادية أكثر من المجوهرات الراقية. فما هو شعورك عندما ترين أحداً يرتدي قطعاً من تصميمك؟
أولاً، إنه مؤثر جداً. في كل مرة أرى سيدة ترتدي قطعة من تصميمي، هذا يعني لي الكثير. ثانياً، عندما يتم ارتداء القطع، فإن ذلك يمنحها المزيد من الحياة. المجوهرات الراقية سحرية، مذهلة، ولكن متى بيعت إحدى القطع لا نعد نراها مجدداً – فالناس لا يرتدون هذه المجوهرات في أيامهم العادية بالتأكيد.
لقد قمت مؤخراً باستخدام مواد غير متوقعة في المجموعات الجديدة، إلى جانب استخدام المواد المتعارف عليها بطرق مبتكرة. كيف أتت الفكرة؟ هل كان هناك شيء محدد تريدين إدراجه في تصاميم Boucheron؟
أنا لا أنفذ أي عمل لمجرد فكرة أنني أقوم بشيء مختلف، بل إن وجدته يساعد على توضيح مفهوم المجموعة الجديدة. على سبيل المثال، منذ عامين، مجموعة Bleu de Jodhpur شكّلت الفرصة المناسبة لاستعمال الرخام الأبيض وحتى الرمال. كما استعملت مواداً أخرى هي من صلب إرث Boucheron، فاستعمال الكريستال الصخري، على سبيل المثال، ليس أمراً شائعاً في عالم المجوهرات الراقية، لكن Boucheron كانت من بين الدور الأولى التي استخدمته منذ سنوات عديدة. أنا فقط حاولت أن أجد أسلوب أكثر ابتكاراً لاستعماله. لا أضع حدوداً حيال كيفية استخدام المواد: إذا وجدت ان بعض المواد غير الثمينة تناسب المجموعة التي أصممها، سأستعملها بكل تأكيد.
كيف تحددين ما هو الثمين؟
إنه شيء غير اعتيادي، نادر ومثير للعواطف. على سبيل المثال، لهذه المجموعة الجديدة استوحيت بعض التصاميم من زيارتي إلى Rostov، وهي إحدى أقدم المدن في روسيا وتتميز بهندستها الرائعة – حيث تم استعمال كماً هائلاً من الأخشاب، التي أصبح لونها اليوم يميل إلى الفضي نتيجة الشتاء القارس. لذا استعملت خشب الحور، الذي يتميّز باللون عينه للخشب المتأثر بعوامل فصل الشتاء، مع الكمية الكافية من الماس لخلق توازن مع سطحه الجاف، ليتحوّل بالتالي إلى قطعة ثمينة.
العام 2018 سنة احتفالية مميزة بالعيد الـ160 لدار Boucheron. هل يمكنك ان تطلعينا على ما تخططون له؟ من دون ان تكشفي لنا الأسرار طبعاً!
أعتبر نفسي محظوظة جداً في عملي الذي يمنحني الوقت الكافي للتخطيط للمجموعات الجديدة. من الصعب أن تكوني مبدعة إن كنت تعملين تحت ضغط الوقت. بشكل عام، بما أنه عيد الدار، فلقد كنت أبحث في أرشيفها بشكل معمق، وتحديداً عمل Frédéric، الذي كان يُعتبر جريئاً في تلك الفترة. ولكن، من المهم المضيّ قدماً مع الوقت، لذا أنا أحاول أن أجمع بين المواد المستعملة في تلك الفترة مع الخطوط والتصاميم التي تتماشى أكثر مع عالمنا اليوم.
مجلة عالم الساعات والمجوهرات عدد 119
إعداد: ساندرا ليين