في القاعة الرئيسية للفنادق، غالباً ما تزيّن الأزهار الأجواء، مضيفة الجمال والشعور بالترحاب، وديكوراً يذكرنا بالمشاهد المسرحية. ولكن المعايير الأساسية للتصميم تشابه بعضها في كل الأماكن حول العالم، باستثناء منطقة الشرق الأوسط، حيث استطاعت مصممة الأزهار Alissar تكسير جميع قوانين التزيين التقليدية القديمة.
عندما قام والد Alissar Mazayek Elabboud بافتتاح متجر صغير لبيع الأزهار في عمّان عام 1979، لم يكن يحلم أن ابنته التي سمّى المتجر على اسمها، ستصبح في يوم من الأيام إحدى أبرز مصممي الزينة بالأزهار في منطقة الشرق الأوسط.
“لقد قام والدي باصطحاب العائلة إلى الأردن خلال الحرب في لبنان في محاولة لمنحنا حياة أفضل” تقول أليسار، وتضيف: “كان يريد أن يبدأ عملاً ما، وبما أنه كان يحب الأزهار والنباتات، افتتح متجراً خاصاً بهذا النوع من الأعمال”.
اليوم، أليسار هي مصممة الأزهار التي يقصدها عدد من أهم وأجمل الفنادق في المنطقة، وذلك بسبب أسلوبها الخاص المتميّز الذي استطاع قلب المعايير التقليدية في هذه المهنة. فقد اختفت المزهريات الضخمة التقليدية التي تحتوي الأزهار من قاعات هذه الفنادق، لتحل مكانها التصاميم الفريدة من نوعها للمنشآت الحديثة الطراز والتي يتم تزيينها بالأزهار الطبيعية. وهذه التصاميم تتميّز بطابعها الهندسي، الفريد والدراماتيكي.
“إن الأساليب الكلاسيكية في التزيين هي جميلة حقاً، ولكنها قد أصبحت نمطية نوعاً ما، وهي سهلة جداً في التنفيذ. لقد أردت أن أطلق شيئاً جديداً ومثيراً للاهتمام، أسلوباً أكثر ديناميكية”.
والخطوة الرئيسية ضمن هذا الإتجاه كانت عندما طلب منها المدير العام لفندق Four Seasons في عمّان الاهتمام بديكور الأزهار في الفندق، لتتوالى بعد ذلك الطلبات من الفنادق الأخرى.
هل هناك معايير ثابتة؟ “القاعدة الوحيدة هي أنه لا يوجد مزهريات ضخمة في وسط الطاولات” تشرح ضاحكة. “عندما أبدأ بالعمل على تزيين فندق جديد والعمل مع مدير عام جديد، فإن هذه القاعدة غالباً ما تكون بمثابة صدمة لهم. فالتغيير عن الأسلوب التقليدي يمكن أن يفاجئهم، ولكن عندما يرون الطريقة التي أعمل بها فهم غالباً يغيّرون رأيهم”.
خلال العمل على تصميم جديد، تأخذ أليسار بعين الإعتبار جميع خصائص المساحة التي تعمل عليها: الأحجام، التفاصي المتوازية وغير المتوازية، موقع السلالم، القناطر والنوافذ، المساحات العاكسة للأنوار، وكل الزوايا التي يمكن أن يُرى منها التصميم، من الجوانب، الجهة المقابلة أو الخلفية، من الأعلى ومن الأسفل. وكمثال على ذلك، نأخذ القاعة الرئيسية لفندق Ritz Carlton DIFC في دبي، حيث واجهت تحدي السلالم المتمركزة في الوسط، مع مساحة وسطية مكشوفة من جميع النواحي، من خلال ابتكار هيكل متعدد المستويات مؤلف من مستوعبات زجاجية طويلة، يحتوي كل منها على زهرة أو زهرتين بألوان زاهية. وفي حالات أخرى، من الممكن أن تقوم بتطويل بعض أجزاء التصميم لخدمة المشهد النهائي، كما فعلت في ديكور فندق Four Seasons Jumeirah في دبي.
وطريقة المقاربة هذه قد تأثرت كثيراً بخبرتها كمصممة ديكور داخلي، فالدخول في هذا المشروع العائلي لم يكن من ضمن خطتها المهنية ولا من ضمن خطط أخويها، ولكنهم اليوم قد أصبحوا يشكلون فريقاً ممتازاً للعمل، وقد استطاعوا التوسّع به من الأردن وصولاً إلى الإمارات العربية المتحدة، قطر والكويت.
بعد أن تقوم بتقسيم المنشأة التي ستستعملها للتزيين، تملأها بالأزهار. في بعض الأوقات يكون التصميم ونوع الأزهار مرتبطين بالموسم، ولكن في أحيان أخرى ينطلق التصميم من شكل الأزهار المُراد استعمالها- على سبيل المثال الرأس الضخم لزهرة الكوبية، أو الخطوط البسيطة والواضحة لأزهار السوسن أو لأغصان النخيل، كما أنها تعمل على ابتكار المستوعبات الجميلة الخاصة بكل نوع من التصاميم والأزهار التي تدخل ضمنه، فتكون مستوعبات فردية أو جماعية (مخصصة لزهرة واحدة أو لعدة أزهار) بحسب التصميم.
وعندما تعمل على مساحة أصغر، مثل تزيين طاولة معينة مثلاً، فهي هنا أيضاً تتبع أسلوبها الخاص، فتلعب على أوتار الألوان غير المألوفة، أو تستعين بالأشكال الغريبة لبعض النباتات أو الأزهار لخلق مشهد طبيعي مصغّر تضعها في داخل علب زجاجية أنيقة.
ومن غير المفاجئ أن أسلوب العمل الخاص بأليسار يحفّز بعض العاملين في المجال على تقليده. ولكن ما رأيها بهذا الموضوع؟ “أنا أعتبر أن التقليد هو بمثابة مديح لي. ولكن أشعر بالأسف لأن مصممي الأزهار هؤلاء لا يعملون على تطوير أفكارهم الخاصة. أن تكون أعمالي مقلَّدة، فإن ذلك يحفّزني على المضي إلى أبعد مما وصلت إليه الآن، ولتوسيع مخيّلتي أكثر، وهذا أمر مفرح بالنسبة إلى الشخص الخلاق”.
إعداد: ساندرا ليين
مجلة عالم الساعات والمجوهرات العدد 125