إن Lausanne Palace & Spa هو مكان يعبق بالجمال والسلام، كما أنه نقطة انطلاق مثالية لزيارة أهم القرى السويسرية التي تتمركز فيها أهم دور صناعة .الساعات الراقية
من على شرفتي المطاة على Lac Léman، يبدو المشهد فتّان ساحر. في الضوء الخافت للصباح الباكر، تنطلق قوارب الركاب الأولى من ميناء Ouchy باتجاه منطقة Evian الواقعة في الجهة الفرنسية للبحيرة، راسمة وراءها خطوطاً على سطح المياه الساكنة العاكسة للأنوار كالمرآة. أما في فترة بعد الظهر فتتحول البحيرة إلى الأزرق البرّاق لتتباين مع اللون الداكن للجبال البعيدة، والتي ما زالت قممها تحمل القليل من ثلوج الشتاء الماضي. ويأتي المغيب ليجعل سطح المياه يبدو كالمعدن المنصهر اللامع، ليحل الظلام أخيراً وتلبس البحيرة رداءً أسود، وعقداً برّاقاً من الأضواء الآتية من الشاطئ المقابل.
هذا واحد من الأشياء الكثيرة التي يرف لها قلبك في Lausanne Palace & Spa. هذا الفندق الذي افتُتِح منذ مئة وسنتين مع انطلاق الفورة السياحية في المنطقة حيث شكّلت البحيرات السويسرية جاذباً لأفراد الطبقة الأرستقراطية في أوروبا في نهايات القرن التاسع عشر. إذا هو مكان عريق جداً، ولكنه في الوقت عينه عصري إلى أبعد حدود. التوازن بين ما هو تقليدي وما هو عصري بدا جلياً بالكامل بالنسبة إلي عندما توجّهت من قاعة الإستقبال الشديدة الإضاءة (ذات السقف المرتفع والألوان المرتكزة على الأبيض والبيج الفاتح)، إلى الممرات التي فُرِشت بالسجاد التقليدي الأحمر والذهبي، مع جدران خشبية داكنة اللون (ولكنها مصقولة ومطلية بعدة طبقات من الفرنيش). وفي اللحظة التي فتحت فيها باب غرفتي للدخول، شعرت وكأن الجو كله قد تغيّر، المفروشات عصرية تمتزج فيها ألوان الأخضر الفاتح والبنفسجي الفاتح والبيج، أما الأرضية فهي من الخشب الناشف بلون يتراوح بين البني والرمادي. هذا التغيير الذي بدا مفاجئاً في البداية، تحوّل لاحقاً ليصبح مثالياً، والتدرجات الفاتحة من الألوان في داخل الغرفة تضمن أن لا شيء بإمكانه أن يحوّل انتباه ساكن الغرفة عن المشهد الحالم للبحيرة.
المبنى الخاص بـ Lausanne Palace & Spa هو عبارة عن بناء بأسلوب Belle Époque واقع في إحدى أعلى النقاط في المدينة، ولكنه لا يحظى بمستوى الإهتمام نفسه الذي يحيط بشقيقه، فندق Beau-Rivage Palace الواقع بجانب البحيرة في قلب المدينة (الفندقان تملكهما شركة Sandoz Foundation المعروفة من قبل محبّي الساعات، والتي تملك أيضاً دار Parmigiani Fleurier إلى جانب واحدة من أهم وأكبر مجموعات الساعات التاريخية). في كل الأحوال، فإن الموقع البعيد عن الضخب هو بمثابة نقطة جيدة بالنسبة إلى بعض الرواد الذين يعودون كل مرة إلى هذا الفندق وأصبحوا يشعرون بنوع من الحميمية تجاهه.
من جهتي، وبالرغم من أنها المرة الأولى التي أنزل في هذا الفندق، سرعان ما أحسست بالراحة ووالفضل الأكبر في ذلك يعود إلى فريق العمل الرائع. بدءاً بالاستقبال الحار، مروراً بالمستوى العالي من الحرفية في التواصل لدرجة أنهم في مناسبات عدة استطاعوا أن يعرفوا إلى ماذا أحتاج حتى قبل أن أعرف أنا ماذا أريد! وذلك بشكل خاص في قاعة الإستقبال، كما وفي مطعم Côté Jardin حيث كنت كل يوم أستمتع بالفطور في الهواء الطلق على طاولة مطلة على منظر البحيرة الخلاب.
وأيضاً هناك خيارات متعددة من المطاعم، فيتضمن الفندق مطعماً فرنسياً صغيراً جدرانه من الخشب المصقول، ومقاعده من الجلد الأخضر بدت وكأنها آتية مباشرة من باريس. أما Habana Bar فهو من نوع الحانات التي تسود عليها أجواء رجال الأعمال الجديين حيث الإضاءة خافتة نسبياً، وهناك مجموعة منوّعة من السيجار الفاخر. إلى جانب ذلك هناك مطعم ياباني صغير، وآخر يديره الشيف Edgard Bovier وهو حائز على شهادة Michelin.
من جهة أخرى وكما يشير اسم الفندق، يشكل المنتجع الصحي قسماً بارزاً وشديد الأهمية من المشروع، لا بل سبباً كافياً لعدد من الزوار الذين يأتون لقضاء أسبوع في الفندق مستفيدين من البرامج الصحية الخاصة التي يقدّمها لهم المنتجع. للأسف لم أستطع أن أستمتع بما يقدّمه المنتجع الصحي لأن أجندتي كانت مختلفة تماماً، فقد اخترت Lausanne Palace & Spa كنقطة انطلاق لزيارة مشاغل الساعات في مقاطعة Vaud، وهذا الفندق يبعد عن كل من Vallée de Joux وSaint-Croix حوالي 45 دقيقة بالسيارة (وفي الواقع، عدد كبير من العاملين في مجال صناعة الساعات قد اختاروه كمكان للإقامة بدلاً من القرى التي يعملون فيها).
نظراً إلى حسن الضيافة والراحة الكبرى التي يقدمها هذا الفندق إلى زائريه، كان من الممكن أن أبقى في الفندق مستمتعة بخدمات منتجعه الصحي وبالأطباق الشهية التي تقدّمها مطاعمه. ربما في المرة القادمة.
إعداد: ساندرا ليين