قارئات الوقت الأرقى إلى الأعماق

ساعات الغطس كانت في الأساس تُعتبَر أداة أساسية للمغامرين الذين يغوصون إلى أعماق المحيطات بحثاً عن اللآلئ النادرة أو عن الصيد الثمين بمختلف أنواعه، أو بكل بساطة، بحثاً عن الإثارة. ولكن اليوم نجدها على معاصم بعض الرياضيين حيث تشكل جزءاً من أناقتهم وطلتهم الخاصة. فما هي حكاية آلات الوقت هذه التي لا تخاف الولوج إلى الأعماق؟

إن حلم الإنسان بالغوص إلى ما تحت صفحة البحر الزرقاء قد سبق حلمه بالطيران، وتعود قصة الغوص إلى أعماق المحيطات إلى ما يقارب الخمسة آلاف سنة قبل الميلاد، أي أن هذه الحكاية هي أقدم من حكايا الثقافات العالمية كاملة. ومع ذلك، نحن نعلم أن البحار ما زالت تخبئ الكثير من الأشياء التي لم يستطع الإنسان اكتشافها، وأننا على الأرجح لن نصل يوماً إلى معرفة كل ما تخبئه المحيطات من أسرار وسحر.

وبما أن الإحساس بالفضول يدفع الإنسان إلى البحث عن الخبايا، فإنه يتابع محاولاته الوصول إلى كل ما يخفيه البحر. والمغامرون الذين يكلفون أنفسهم مهمة الولوج إلى الأعماق، هم دائماً بحاجة إلى الأدوات التي سوف تساعدهم في رحلاتهم هذه، ومن أهم هذه الأدوات ساعات الغطس. وذلك دفع بالعديد من دور الساعات إلى الولوج معه إلى عمق هذا الشغف، وابتكار آلات وقت متخصصة لترافقه في هذه المغامرات. وحتى تقوم هذه الساعات بمهمتها هذه على أكمل وجه، وجب علهيا أن تتحلى بصفات خاصة منها القوة والمتانة ومقاومة التآكل، والقدرة العالية على مقاومة ضغط الماء. إضافة إلى ذلك، تتحلى ساعات الغطاسين عادة بالقدرة على حماية الغطاس أثناء مغامرته، بواسطة الإطار الدوار باتجاه واحد unidirectional، الذي يحيط بالميناء الذي يحدد بدقة وقت بقائه تحت الماء، علماً أنه لا يمكن أن يدور في الاتجاه المعاكس ولو حتى عن طريق الخطأ حتى لا يحصل أي لغط في توقيت فترةالغطس مما قد يعرّض حياة المغامر إلى الخطر.

كما ومن ناحية أخرى، تستطيع هذه الساعات حماية نفسها من التغيّرات السريعة في الضغط خلال صعود الغطاس إلى سطح الماء، بفضل صمّام الهيليوم helium valve الذي يتم تجهيزها به. ساعات الغطاسين ترافق الدور منذ عقود من الزمن، فالمعروف أن Ulysse Nardin على سبيل المثال ولدت في البحر في العام 1846، وأطلقت كل من Blancpain وOmega وغيرها من الدور الناشطة في هذا المجال ساعاتها الأولى للغطاسين في خمسينيات القرن الماضي، وتبعتها Rolex في الستينيات. مجموعات ما زالت تتجدد سنوياً حتى اليوم، وما زلنا ننتظر أحدث إصداراتها وأكثرها جرأة.

هناك بعض الأمور التي غالباً ما نعتبر أنها يجب أن تكون تلقائية، أو بتعبير آخر “مفروغ منها” عندما نتكلم عن الساعات الراقية الحديثة، مثل ناحية مقاومتها للمياه. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد ساعات تمنع تسرّب المياه إليها بشكل قطعي waterproof، بل أن هذه الناحية تقاس بقدرة آلة الوقت على مقاومة ضغط الماء في عمق المياه water resistance. وما لا شك فيه هو أن دور الساعات تتنافس منذ عقود من الزمن على إنتاج آلات الوقت التي تتمتع بقدرة أكبر على مقاومة ضغط الماء، ونظراً إلى اتساع الخيارات بين النماذج المتنوعة لساعات الغطس اليوم نكاد ننسى المراحل العديدة التي مرت فيها هذه الفئة من آلات الوقت للوصول إلى ما هي عليه، لذلك ارتأينا أن نلقي نظرة على تاريخ ساعات الغطاسين لاستعادة ذكريات الدور الراقية في هذا المجال.

 

نظرة إلى التاريخ…

إذا قارنّا بين تاريخ الغطس بحد ذاته وتاريخ صناعة ساعات الغطاسين، نجد أن هذه الأخيرة تُعتبر جديدة نسبياً. ولكن إذا أخذنا بعين الإعتبار أن ساعات الغطاسين تُصنع منذ ما يقارب المئة سنة، عندئذٍ فقط يمكننا اعتبار هذه الصناعة عريقة، خاصة وأنها قد شهدت الكثير من التطوّر وتحوّلت من آلة وظيفية “مبتكرة” في وقتها إلى ساعة متينة ترافق المغامرين في رحلاتهم إلى الأعماق.

في البداية، كانت ساعات المعصم تُصنّف أكثر في فئة ساعات المجوهرات النسائية التي يتم ارتداؤها بحذر شديد وفي المناسبات المهمة فقط، أما الرجال فلم يكونوا مهتمين بها لأنهم يعتبرون أن وضعها خارج جيوبهم من الممكن أن يعرّضها إلى الغبار وإلى الرطوبة التي يمكن أن تدخل إليها من خلال الفجوات الموجودة حول التاج أو الفراغات الموجودة في العلبة، مما قد يسبب الصدأ لمكوّناتها ويعرقل عمل المواد المزيتة في الآلية، مما يؤثر سلباً على أداء الساعة الميكانيكية. إذاً فساعة المعصم بالنسبة إليهم ليست عملية ولا يمكنهم الاعتماد عليها. لذلك كان واضحًا أن ساعات المعصم لن تكتسب شعبية أبدًا ما لم تختف هذه المشكلات إلى الأبد. لذلك كان لا بد من إيجاد الحلول الناجحة من خلال التعديلات التقنية والتصميمية التي يمكنها أن توصل الساعات إلى معاصم الرجال.

فبدأت العديد من العقول العظيمة في العمل من أجل إيجاد حلول ثورية، بحيث أدت الأفكار المبدعة لبعض المهندسين وكذلك المنافسة الشرسة المتزايدة بين الشركات الرئيسية إلى ولادة بعض من أهم التطورات التكنولوجية في القطاع، وما زالت معظم هذه التحديثات معتمدة حتى اليوم.

أما في ما يخص ساعات الغطاسين، فإن العديد من الدور تنسب صناعة الساعة الأولى من هذه الفئة إليها، على سبيل المثال Rolex التي تصرّ على أنها الدار الأولى التي استطاعت إنجاز آلة وقت مقاومة لتسرّب الماء والغبار إلى داخلها، بينما أعلنت Blancpain في العام 1953 عن إنتاجها للساعة الأولى الخاصة بالغطاسين وهي Fifty Fathoms بينما تفتخر Omega أنها الدار الأولى التي ابتكرت “ساعة الغطاسين الحقيقية الأولى”. لذلك فلنلق نظرة على الحقائق.

مع أن الجهود الأولى لإنتاج الساعات المقاومة للماء بدأت في القرن السابع عشر، إلا أن هذه الصناعة لم ترَ أي تطوّر قبل القرن العشرين. ففي بداية هذا القرن كانت المياه ما زالت تُعتبر من التحديات الكبرى بالنسبة إلى الساعاتيين (إلى جانب الغبار، الكدمات، الحقول المغناطيسية والتآكل). وفي الواقع، يمكننا القول أن المحاولات الجدية الأولى التي عُرفت في هذا المجال كانت من قبل مؤسس رولكس Hans Wilsdorf الذي اعتمد في البداية على تقنية العلبة داخل العلبة التي ظهرت عام 1922 في ساعة Rolex Hermetic أو Rolex Submarine (وهي مختلفة عن ساعات Submariner التي أتت فيما بعد)، أي أنه ابتكر غطاءً متكاملاً للعلبة والتاج يحمي الساعة من المياه والغبار وغير ذلك من العوامل الخارجية المؤذية، ولكن كان يجب أن تتم إزالة العلبة الخارجية في كل مرة لتعبئة الساعة اليدوية التعبئة أو لضبط الوقت مما يستلزم الإستعمال المتكرر وبالتالي المزيد من الإصلاحات. لذلك استنتج الساعاتيون في تلك الفترة أنه من الضروري ابتكار الحلول اللازمة للحصول على علبة ساعة مقاومة للماء من جون الحاجة إلى علبة أخرى كبيرة تغطيها. وهنا برزت محاولات أخرى حملت تواقيع عدد من الساعاتيين مثل السويسري François Borgel الذي ابتكر علبة محكمة الإغلاق ولكنها لم تمنع تسرب المياه من المنطقة المحيطة بالتاج، وتبعها ابتكار التاج الذي يمنع تسرب المياه والغبار والذي حمل تواقيع الساعاتيين Paul Perregaux وGeorges Perret، وقد حصل هؤلاء الساعاتيون على براءات اختراع لابتكاراتهم، ولكن مع ذلك هذه الإبتكارات لم تخلُ من العيوب الصغيرة بالنسبة إلى الكفاءة ومقاومة تسرّب المياه والغبار.

 

ساعاتيون يتنافسون على مقاومة الماء

وبعد ذلك عاد Hans Wilsdorf للبروز على ساحة صناعة الساعات بقوة، وأطلق في العام 1927 عن علبة Oyster التي نالت عن جدارة لقب الساعة الأولى المقاومة للمياه، وذلك بفضل التاج والإطار والجهة الخلفية للعلبة، هذه الأجزاء جميعها كانت قابلة للإدخال screwed down عن طريق حركة دوران إلى داخل العلبة، وبذلك تحتمي من تسرّب المياه والغبار، وابتكار Oyster كان بمثابة الإنطلاقة لما يمكن أن نسميه “عصراً جديداً” في مجال إنتاج الساعات المقاومة للماء، وتم اختبارها في السابع من أكتوبر عام 1927 حيث رافقت السبّاحة البريطانيةMercedes Gleitze خلال محاولتها اجتياز القناة الإنكليزية، وقد استطاعت هذه الساعة الحفاظ على دقة عملها تحت سطح تلمياه خلال الساعات العشرة التي قضتها وهي معلقة إلى عنق Gleitz بواسطة سلسلة، لتستحق عن جدارة لقب الساعة الأولى المقاومة للمياه عالمياً.

أما Omega SA فهي الشركة الأولى التي عملت على إنتاج ساعات الغطاسين وطرحها تجارياً في الأسواق وذلك في العام 1932، وتم اختبار  Omega Marineعلى معصم عالِم الطبيعة والمستكشف الأميركي Charles William Beebe، واستطاعت Omega إطلاق ساعاتها المقاومة للماء تجارياً تحت عنوان Marinne Standard، وعُرفت هذه الساعات بكونها صلبة ومتينة وعازلة تماماً للماء، وكانت بمثابة الانطلاقة لمجموعة Seamaster التي ما تزال تتجدد حتى اليوم.

في العام 1935 تلقّت Officine Panerai طلباً بإنتاج ساعات مخصصة للأسطول البحري الملكي الإيطالي، فدخلت هذه الدار مجال ساعات الغطاسين وكشفت عن نماذجها المبتكرة ضمن هذا الإطار تحت عنوان Panerai Radiomir، وهذه التسمية منبثقة عن استخدام الشركة لمسحوق الراديوم الذي جعل المؤشرات والأرقام مضيئة وسهّل قراءتها في الظلام تحت سطح المياه، وفي ذلك الوقت صنعت الدار 10 نماذج فقط من هذه الساعة وقد تم تزويدها بحركات ميكانيكية من صنع رولكس، محمية من المياه بفضل التاج والجهة الخلفية للعلبة القابلين للاختباء داخل العلبة. وبعد سنتين بدأت Panerai بطرح ساعاتها هذه بشكل تجاري في الأسواق. وخلال الثلاثينيات، أرادت دور أخرى أن تدخل إلى هذا المجال، وكانت من بينها Cartier التي قامت في العام 1932 بإنتاج قطعة فريدة من ساعات Pasha de Cartier بناءً على طلب باشا مدينة مراكش في تلك الفترة، الذي أراد الحصول على ساعة يستطيع ارتداءها خلال ممارسته السباحة فأتت هذه الساعة بعلبة مقاومة للماء، مجهّزة بغطاء خاص للتاج يمنع تسرّب المياه من خلاله، وأعادت إطلاق نماذج جديدة من هذه المجموعة ابتداءً من العام 1985.

أما العام 1953 فقد شهد ولادة ساعة Fifty Fathoms التي أنتجتها Blancpain بناءً لطلب الأسطول البحري الفرنسي، وهي واحدة من آلات الوقت الأولى التي استطاعت مقاومة ضغط الماء حتى عمق 100 متر، وقد شوهدت على معصم المستكشف الفرنسي Jacques Cousteau وفريقه في فيلم “عالم السكون” أو Le Monde du Silence الذي تم تصويره تحت الماء في العام 1956. أما ساعة Bathyscaphe فقد ولدت في أواخر الخمسينيات، عندما قررت Blancpain أن تمنح الغطاسين ساعة ترافقهم في رحلاتهم إلى الأعماق، كما وفي حياتهم اليومية. لاقت هذه الساعة شعبية واسعة وقد تابعت الدار إصدارها منذ العام 2013.

ونعود إلى Rolex التي كشفت في العام 1953 عن ساعة Rolex Submariner التي كانت في البداية مقاومة لضغط الماء حتى عمق 100 متر، وتطوّرت بعد ذلك لتصل مقاومتها للماء إلى 200 متر وأخيراً إلى 300 متر، وتميّزت بكونها مزوّدة بالإطار الدوار لجهة واحدة الذي يساعد في تحديد وقت الغطس بدقة للحفاظ على حياة الغطاس.

وفي العام 1967 أطلقت IWC Schaffhausen ساعة الغطاسين الأولى بتوقيعها Aquatimer والتي كانت ذات قدرة على مقاومة ضغط الماء حتى عمق 200 متر، لتتابع بعد ذلك وبالتعاون مع شريكها منذ الخمسينيات Ferdinad A. Porsche، إنتاج ساعات الغطاسين المجهزة ببوصلة في العام 1978، وساعات الغطاسين العسكرية في الثمانينيات، وساعات Ocean 2000 الرياضية المقاومة لضغط الماء حتى عمق 2000 متر إبتداءاً من العام 1982. وقد برزت في هذا المجال العديد من الدور الأخرى على مدى السنوات وصولاً إلى اليوم، ونذكر منها Ulysse Nardin المولودة في البحر والتي وTudor وغيرها من الشركات التي عملت على تطوير ساعات الغطاسين وصولاً إلى أعماق المحيطات.

 

ساعات معاصرة تصل إلى أعمق الأعماق

إن طموح الساعاتيين بالوصول إلى أعمق أعماق البحار لا حدود له، ومع أن قدرة الغطاسين على الوصول إلى أعمق الأعماق تبقى محدودة نسبياً، فالرقم القياسي العالمي في السكوبا دايفينغ هو للمصري أحمد جبر الذي استطاع الوصول إلى عمق 1,090 قدماً أي ما يعادل 332,35 متراً تحت سطح البحر الأحمر في سبتمبر من العام 2014، إلا أن دور الساعات ذهبت أعمق من ذلك بكثير، فوصلت بعض الدور المحترفة إلى آلاف الأمتار تحت سطح البحر، وبلغت أقصى أعماق المحيطات، ومن أبرزها Rolex وOmega، لذا فلنلق نظرة على أعمالهما الأحدث ضمن هذا الإطار.

 

Rolex Deepsea Challenge

إلى 10,908 أمتار في عمق المحيط

في السادس والعشرين من مارس عام 2012، وعندما بلغ الكاتب والمخرج والمغامر James Cameron عمق 1000 متر تحت سطح الماء، اختفت كل الأنوار الطبيعية من حوله، مع أنه لم يصل بعد إلى عشر العمق الذي يهدف إلى بلوغه داخل غواصته Deep Sea Challenge. وعندما حط بسلاسة وهدوء على عمق 10,908 أمتار، في النقطة الأكثر عمقاً في المحيط، داخل حفرة مريانا، كانت ساعة Rolex Oyster Perpetual Rolex Deepsea Challenge التصوّرية معلقة على زراع الغواصة الهيدروليكي من الخارج، كما أنها كان محيطة بمعصم Cameron. هذه المغامرة كان قد سبقه إليها شخصان في العام 1960 هما Jacques Piccard وDon Walsh، داخل مركبتهما المخصصة للغوص Trieste، وآنئذٍ أيضاً كانت هناك ساعة تصوّرية من Rolex معلقة على المركبة من الخارج هي Deep Sea Special، وهي أيضاً استطاعت الصمود ومقاومة ضغط الماء حتى هذا العمق. ولكن الدار لم تعيد إصدارها لأنها ليست قابلة للارتداء اليومي، كون سماكة زجاجة الكريستال المقببة التي تغطي الميناء كانت تبلغ 35ملم.

أما الساعة التي رافقت كاميرون في مغامرته، فهي مزوّدة بعلبة خاصة تنطلق من العلبة التي أطلقتها الدار في العام 2008 من ضمن مجموعة Deepsea وكانت مقاومة لضغط الماء حتى عمق 3,900 متر، والعلبة الجديدة تم تطويرها بشكل خاص لهذه المغامرة وهي مقاومة لضغط الماء حتى عمق 12,000 متر.

هذه الساعة التي تعمل بواسطة الحركة الأوتوماتيكية كاليبر 3135، يبلغ قطرها 51,4ملم وسماكتها 28,5ملم، وهي ترتكز على تقنية Ringlock System التي أطلقتها الدار في نموذج العام 2008، بحيث تكون العلبة محكمة الإغلاق بفضل الإطار المصنوع من الفولاذ المعالج بالنايتروجين والذي يصل بين طبقة الكريستال السافيري المقببة التي تبلغ سماكتها 14,3ملم والغطاء الخلفي للعلبة المصنوع من التيتانيوم grade 5 بسماكة 5,3ملم. كما أن هذه الساعة مجهزة بتاج من نوع Triplock الذي تستعمله الدار في ساعات الغطاسين التي تحمل توقيعها، وهو قابل للولوج إلى داخل العلبة من خلال حركة الدوران مثل البرغي، وهي طبعاً مزوّدة بأرقام ومؤشرات مضيئة تضمن قراءة الوقت وتحديد وقت الغطس حتى في غياب الإضاءة.

 

Omega Seamaster Planet Ocean Ultra Deep Professional

10,928 متراً تحت الماء

أما المغامر Victor Vescovo الذي قاد غوّاصته Limiting Factor إلى عمق 10,928 متراً داخل حفرة ماريانا من ضمن حملة Five Deeps، فقد اصطحب معه ساعة Omega Seamaster Planet Ocean Ultra Deep Professional. فإذا كانت ساعات Seamaster قد رافقت الغطاسين منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وتطوّرت مع مرور الوقت، فإن العام 2019 شهد ولادة الساعة التي تخطّت جميع ما سبقها. ففي العام 1957 أطلقت Omega للمرة الأولى ساعة Seamaster 300 المخصصة للغطاسين المحترفين الذين يقصدون أعماق البحار. هذه الساعات التي ما زالت الدار تتابع إصدارها حتى اليوم، تمتّعت بخصائص عديدة كالإطار الدوار باتجاه واحد لتحديد وقت الغطس، والميناء الأسود الحالك مع المؤشرات المضيئة التي تسهّل قراءة الوقت بغض النظر عن مستوى الإضاءة، على البر أو تحت الماء، جعلت منها مناسبة جداً لهذه الرياضة ومرافِقة دائمة لممارسيها.  وتابعت الدار تطوير هذه الفئة من ساعاتها، وأطلقت ساعات Ploprof في العام 1970، وقد تم اختبارها من قبل الغطاس الأسطوري Jacques-Yves Cousteau، وتلتها ساعات Seamster 120 Big Blue وSeamaster Diver 300M التي أطلقت في العام 1993، وجدّدتها الدار عام 2018 في عيدها الخامس والعشرين. وفي العام 2005 بدأت قصة مجموعة Planet Ocean المخصصة للغطس إلى عمق الأعماق، والتي رافقت Vescovo إلى أعمق نقطة في المحيط العام الماضي.

خلال تصميم هذه الساعة، حرصت الدار على جعل سماكتها أقل من 28ملم من دون المساومة على قدرتها على مقاومة ضغط الماء، كما أنها صنعتها من التيتانيوم Grade 5 الذي صُنع منه هيكل الغواصة، كما أنها استوحت من الطريقة التي تُصنع منها طاقات الغواصة المطلة على الخارج لتصنع طبقة الكريستال السافيري التي تغطي الساعة، فاستخدمت مادة Liquidmetal التي تتميّز بمقاومتها الشديدة لضغط الماء، وفي الوقت عينه بالمرونة التي تساعد على الجمع بينها وبين العلبة. ثلاث قطع من هذه الساعة شاركت في الرحلة، اثنتان منها تم تعليقها على الذراع الآلي للغواصة، والثالثة إلى الجزء السفلي منها. كما أن الدار عمدت إلى تزويد هذه الساعة بوصلات مفرّغة لتساعدها على تحمل الضغط تحت في عمق المحيط، وهي تعمل بواسطة الحركة الأوتوماتيكية الثنائية المحاور calibre 8912، كما وتم تزويدها بعقارب ومؤشرات وأرقام مضيئة لتسهيل الرؤية في الظلام.

هي المياه، تغطي 70% من مساحة كوكب الأرض، أساسية لحياة الإنسان، تثير إعجابه وحشريته، وتدعوه إلى أعماقها لتكشف له عن كنوزها. وهي دور الساعات، ترافق الإنسان بإصداراتها أينما حلّ، فتصعد معه إلى الفضاء، وتزور معه كل أرجاء الأرض، كما وتغطس معه إلى عمق الأعماق، لتقرأ وقته وتستمتع معه بالمغامرات…

إعداد: ليزا أبو شقرا

مجلة عالم الساعات والمجوهرات العدد 127

كلمات مفتاحية

مقالات ذات صلة