صحيح أن قلوب الساعات تنبض ميكانيكياً، وتتألف من مكوّنات محددة، جادة في إتمام مهماتها بدقة تامة، إلا أن لقارئات الوقت وجوه جميلة، تتطلب الكثير من العناية التجميلية لتبدو في أبهى حللها. فتعمد الدور إلى زخرفتها بطرق فنية متنوّعة، كتقنيات النقش guilloché، التي تُعتبر من أهم أساليب تجميل وجوه الساعات، وقلوبها أحياناً.
إن فن النقش بالنسبة إلى عالم صناعة الساعات هو عبارة عن مجموعة تقنيات تزيينية تظهر في أكثر الأحيان على الموانئ، كما ويتم أحياناً نقش جوانب العلبة أو جهتها الخارجية. ولكن لا تقتصر مهمة تقنيات النقش على التزيين فقط، بل هي من الممكن أيضاً أن تحمي الساعة من التشوّهات، ومن الخدوش التي تظهر واضحة على المساحات المسطحة. وتجدر الإشارة إلى أن الساعاتي المعلم أبراهام لويس بريغيه كان أول من استعمل أكثر من تقنية نقش واحدة على كل من موانئ ساعاته، وذلك للتفريق بين المؤشرات والوظائف المختلفة المجتمعة عليها.
تُنَفَّذ هذه التقنيات إمّا بواسطة آلات ميكانيكية أو أدوات يدوية، ومنها ما تعتمدها الدور كجزء من هويتها، فنأخذ على سبيل المثال نقش Grand Tapisserie الذي ابتكرته Audemars Piguet ليزيّن موانئ ساعاتها الأيقونية Royal Oak. كما ومن ناحية أخرى، تبادر بعض الدور أحياناً إلى نقش أجزاء ومكوّنات حركاتها الميكانيكية، وتعرضها للعيان إن من خلال الكريستال السافيري الذي يغطي الجهة الخلفية للساعة، أو تظهر هذه النقوش في بعض الأحيان على وجه الساعات ذات الموانئ الشفافة والحركات الميكانيكية المفرّغة skeleton.
إذاً، الأساليب كثيرة واللمسات الأخيرة متنوّعة، فتارة ترى أشكالاً دائرية متكررة أو متداخلة حلزونية، وطوراً تتخذ النقوش أشكالاً مربّعة أو مثلثة أو متموّجة، نافرة أو غارقة في خلفية الميناء، أو تأتي على شكل رسومات متكررة بأحجام مختلفة أو كتابات رمزية معبّرة.
يمكننا أن نقول أن تقنية التزيين الأكثر انتشاراً واستعمالاً هي تقنية «المسامير» المعروفة باسم Clous de Paris. هذه التقنية هي عبارة عن مساحة مزخرفة مؤلفة من خطوط مستقيمة متداخلة لتشكل مربعات متساوية، ويكون كل مربع نافر على شكل هرم، وإذا تم النظر إليها من مسافة بعيدة، فهو يضفي عمقاً على الميناء المزيّن بها. إضافة إلى ذلك، ولصغر التفاصيل المؤلفة لهذه التقنية، لا يمكن ملاحظتها إلا إذا أمعنّا النظر إليها عن قرب أو بواسطة مكبّر. والجدير بالذكر أن هذه التقنية التي يعتمدها الكثير من الساعاتيين في تزيين ساعاتهم، هي وإن بدت بسيطة، إلا أنها من بين التقنيات التي تتطلب الكثير من الدقة والتركيز في التنفيذ، فعلى فنان النقش أن يسيطر تماماً على عمق الخطوط التي يحدثها، علماً أنها في أكثر الأحيان تكون أرفع من شعرة الرأس.
من الدور التي اعتمدت تقنية Clous de Paris مؤخراً، Breguet التي زخرفت بواسطتها الميناء الفرعي للساعات والدقائق الذي يحتل القسم الأعلى من ساعة Tradition Automatique Seconde Retrograde المصوغة من الذهب الأبيض قطر 40 ملم، كما زيّنت Tissot بدورها عدداً كبيراً من إصداراتها للعام 2015 بهذه التقنية الزخرفية الفنية.
إعداد : ليزا أبو شقرا | words : Liza Abou Shakra