إعداد: سارة دمج
بهدف التثقيف حول كافة جوانب عالم صناعة الساعات الراقية، إنطلق أمس “أسبوع الساعات، دبي” في نسخته الثانية، ساعياً إلى الكشف عن هذا القطاع ببريقه وأسراره وتطوّره من كافة الجوانب خلال قرون من الزمن. من خلال هذا الحدث الذي اتخذ لنفسه هذه السنة عنوان “Masters of Time” يمكن للجمهور التعرّف على أهم الساعاتيين الذين مرّوا عبر التاريخ وتركوا بصماتهم في القطاع، وها هي الدور اليوم تشارك خبرات هؤلاء مع زوّار Dubai Watch Week وتزوّدهم من معرفتهم وحرفيتهم في صناعة الوقت، من خلال المعارض، ورشات العمل، المحاضرات والصفوف التدريبية التي يتضمنها هذا الحدث الضخم.
اليوم الأول المخصص للصحافيين بدأ بمعرضين في Dubai Mall، الأول تحت عنوان The Cuckoo Clock Exhibition، ويمكن وصفه بأنه استثنائي وفريد من نوعه، إذ عرض عدداً كبيراً من ساعات الحائط التي بتصاميمها وأساليب قراءتها للوقت هي خير مثال على عراقة وحرفية صناعة الساعات السويسرية.
بينما يأخذ المعرض الثاني Mastery of time زواره في رحلة تعرّف على أهم قطع الساعات التي عُرفت عبر التاريخ، منذ بداية صناعة الساعات وحتى أيامنا هذه. فعملت كل من الدور المشاركة على اختيار عدد من أهم نماذجها القديمة والحديثة، لتعرض من خلالها مسيرة تقدّمها وتطوّر إنتاجاتها مع مرور السنين.
أما فترة بعد الظهر فقد تميّزت بورشة العمل أو الصف التعليمي الذي دعي إليه الصحافيون، وسمح للمشاركين فيه بالدخول إلى عمق صناعة الوقت والتعرّف إلى تقنياتها، وذلك بحضور صانعي الوقت الذين يبثون روحهم وشغفهم في كل جزء من القطع التي تحمل تواقيعهم.
تمكنا من خلال الصف التعليمي Master Class by AHCI من اكتشاف عدد من الحقائق المدهشة حول المهنة، فالمشاركة في نشاط من هذا النوع كان بالنسبة للمشاركين بمثابة اختبار جديد.
قبل الدخول إلى القاعة يظن المرء أنه هناك سيتعلم كيف تتم صناعة الساعات أو أجزاء منها. ولكن الحقيقة أن ما أثار اندهاش الحضور في ذلك الصف هي الأجزاء الصغيرة التي تتألف منها الحركات الميكانيكية، وجعلتنا نفكر ملياً كيف صُنع كل منها، كيف أنها تتماشى سوياً لتؤدي وظائف قراءة الوقت والتعقيدات الأخرى التي تتضمنها الساعات، كما جعلتنا نتساءل كم من الوقت تطلّب إنجازها، وكم من الحرفية والإتقان وُضعت في كل جزء منها. وذلك من دون أدنى شك يضيف قيمة إلى عالم صناعة الساعات، لا بل يمكننا القول أن هنا يكمن التميّز في هذا القطاع. وأدركنا أيضاً أن فهم صناعة الساعات لا يمكن أن يتم من خلال صف تعليمي، بل يلزم المرء سنوات طويلة لاستيعاب أساسياته، وربما عقوداً من الزمن ليتمكن من التطوير والابتكار في هذه المهنة.
الساعة في نهاية المطاف هي “قارئة للوقت”، يمكنك أن تشتري أي ساعة كوارتز وأن تقرأ من خلالها الوقت بدقة، ولكن ما يعطي الساعات الميكانيكية قيمتها هو الجهد المبذول لإنتاجها والحرفية الهائلة التي تكمن وراء هذا الإنتاج، مما يجعلها لا تُقدَّر بثمن. لذلك نرى جامعي الوقت المحترفين مستعدين لدفع مئات الآلاف من الدولارات، والملايين أحياناً، ثمن ساعة، وهي عملياً تعرض لهم الوقت، ولكن قيمتها المعنوية تفوق ذلك بأشواط. فعلى سبيل المثال، من الساعات التي تسنى لنا رؤيتها كانت ساعة Stella Polare لدار Antoine Preziuso التي أتت بعلبة مصنوعة من شظايا النيازك، وهي تضم آلية توربيون تطلب إنجازها عشر سنوات من العمل. كما شاهدنا أيضاً أجزاء آلات الوقت تُصنع وتُجمع، وتُدهش الناظرين إليها بدقتها وتناسق أدائها.
والمميز أيضاً أننا التقينا خلال هذا الصف التعليمي بصانعي ساعات شغوفين بعملهم، لا يهتمون كثيراً بالناحية التسويقية، بل هم يصنعون قطعاً حصرية جداً تحت الطلب بدلاً من الكميات الهائلة. إن هذا العالم، ومع أنه يبدو صعباً ومعقداً، وهذه هي الحقيقة، إلا أنك إن كنت شغوفاً بالساعات فإنك سوف تستمتع بهذا النوع من النشاطات، وسوف تريد أن تتعلم أكثر وأكثر عن أسرار هذا العالم المليء سحراً وحرفية ولمسات جمالية.