كيف غيّر Zaim Kamal الأسلوب الخاص بدار Montblanc؟

المدير الإبداعي في دار Montblanc منذ العام 2013 يحدّثنا عن الطريقة التي استطاع فيها تغيير الأسلوب الخاص بالدار من دون أن تخسر هذه الأخيرة جوهرها الأصلي.

من ناحية العمل الإبداعي، هل يمكننا القول أن كلاً من الأقسام الأربعة في الدار أي الجلديات، الساعات، الأقلام الفاخرة والأكسسوارات، يتطلب مقاربة خاصة به، أو يتم الإعتماد على الخطوات نفسها دائماً؟

في الحقيقة يختلف إيقاع العمل من ناحية الوقت بين الفئات المختلفة من المنتجات التي تحمل توقيع الدار، فمنها ما يبدأ التحضير لها قبل إطلاقها بعامين، ومنها ما تتم تهيئتها خلال الموسم السابق. ولكنني دائماً أبدأ العمل بالتفكير بالموضوع الذي سأعتمده في العام المقبل، الإتجاه وشخصية المنتجات التي سنقوم بإطلاقها، مثل الخيميائي الرقمي، أو الشخص الساعي وراء المتعة في الحياة. وبعد ذلك أقوم بابتكار اللوحات التي تصف هذه الشخصية: كيف تبدو، أين تعيش، حتى ماذا تأكل. كل سنة في شهر سبتمبر أقوم بجمع فريق العمل بكامله من جميع الأقسام، وأعرض عليهم اللوحات حتى يستطيع كل منهم المشاركة من خلال أفكاره الخاصة.

أحد الخطواتالأولى التي قمت بها بعد انضمامي إلى دار مونبلان كانت عملية إلغاء التراتبية. الجميع يشاركون في وضع الخطط، وأنا أعمل على طاولة واسعة مفتوحة، أضع الأفكار على “واتساب غروب” ليتمكن الجميع من الإطلاع عليها طوال الوقت.

 

مع تنقّلك الدائم بين مكاتب مونبلان من ألمانيا (صناعة الأقلام الفاخرة) إلى إيطاليا (الجلديات) إلى سويسرا (الساعات)، إضافة إلى قيامك بزيارات إلى أسواق عالمية أخرى، أنت تقوم سنوياً بحوالي 200 رحلة. فكيف يمكنك متابعة الأعمال الخاصة بالتصميم بشكل يومي؟

عادة، عندما نعمل على مشروع ما، تكون لدي فكرة معيّنة والمصمم يعمل على إيجاد الحلول التي من شأنها أن تجعل هذه الفكرة قطعة ملموسة. وهذا تبادل للأفكار. ويمكن أن يتم هذا النوع من العمل بالرغم من المسافات البعيدة، فخلال العمل على تصميم قطع جلدية في فلورنسا مثلاً، من الممكن أن أتلقى رسالة من مصمم الساعات في سويسرا يخبرني أنه قد أجرى تعديلات على التصميم، ويطلب مني إلقاء نظرة على هذه التعديلات وإعطاءه رأيي في الموضوع.

في بعض الأحيان، يمكن أن أجلس مع المصممين وأن نقوم بوضع الرسوم الأساسية للتصميم خلال الحديث، وقد يكون ذلك أحياناً الخيار الأفضل. مثلاً عندما كنا نعمل على تصميم قلم Hadrian، لم نكن قادرين على العثور على نقطة الإنطلاق للتصميم، فجلسنا سوياً وتكلّمنا ووضعنا الرسوم لمدة ثلاث ساعات، وبعد ذلك أتت الفكرة من دون سابق إنذار.

 

إلى أي مدى تجد وضع الرسوم الأولية مهماً؟ وهل ذلك يشكّل نقطة الإنطلاق يالنسبة إليك في كل عمل تقوم به؟

أنا أحمل دائماً الدفتر الخاص بالرسومات معي. وعندما أكون مسافراً وتأتي الفكرة إلى ذهني، أرسمها وأرسلها إلى الفريق عبر واتساب أو البريد الإلكتروني. وهم يعملون على الفكرة في استديو التصميم ويعيدون إرسالها عبر واتساب. عندما تبدئين العمل بالرسم، فإن فريق العمل يمكنهم أن يعرفوا الأحجام المطلوبة، كما ويمكنهم فهم الإحساس الذي يجب على القطعة أن تثيره لدى الجمهور وليس فقط شكل الإطلاع على الشكل المطلوب.

 

من الدعابات المعروفة في عالم صناعة الساعات، أن المصمم غالباً ما يثير المشاكل في العمل بسبب أفكاره المجنونة وغير القابلة للتنفيذ. هل تجد أن العمل في قسم الساعات مختلف عن باقي الأقسام؟

إن العمل في الساعات يتطلب أكثر من مناقشات. فآلات الوقت تحتوي الكثير من التفاصيل الصغيرة التي تحتاج إلى الكثير من النظر والتدقيق. على سبيل المثال، عندما قمنا بتصميم علبة ساعة Heritage، كانت الوصلات تبدو مستقيمة جداً ولكنني أردتها أن تكون مقوّسة قليلاً، وتطلّب الوصول إلى الشكل المطلوب الكثير من الوقت. هناك الكثير من الأخذ والرد في قطاع تصميم الساعات، وفي النهاية لا نستطيع أن نعرف من الذي كان على حق لأن الجميع يشارك في وضع الأفكار وتعديلها.

مثال آخر على ذلك: خلال تصميم ساعة Timewalker أردت للوصلات أن تكون مفرّغة، مستوحاة من منافذ الهواء في السيارات الأميركية الخاصة بسباقات السرعة. فريق الإنتاج قال أنني مجنون، وذلك لا يمكن تنفيذه. ولكنهم توصّلوا إلى ابتكار آلة خاصة تعمل على درجات مختلفة من الضغط وقادرة على تفريغ المعدن. هذا الحل ليس أحد الأفكار التي كان من الممكن أن أطرحها أنا. هذه المناقشات المستمرة هي ما أحب في قطاع صناعة الساعات.

 

هل هذا يعني أن فريق الإنتاج الذي يقوم بتنفيذ الساعات، يلعب دوراً أيضاً في التصميم؟

إن هذا التفاعل هو في الواقع أساس التصميم. إنه ليس فكرة واحدة فقط، بل العديد من الأفكار التي يمكن تركيبها مع بعضها البعض للوصل إلى النتيجة النهائية. من الممكن أن أضع خطوطاً أساسية للتصميم وأن أعرضه على فريق التنفيذ فيعطونني ملاحظاتهم عليه، ومن ثم أعرضه على فريق المصممين وأطلعهم على ملاحظات المنفّذين وألفت أنظارهم إلى ضرورة أخذ بعض النقاط بعين الإعتبار. وهكذا نكون قد اختصرنا جزءاً من عملية المراجعة قبل البدء في العمل. ونحن نقوم بتوضيح الأفكار وتفاصيل العمل خلال القيام به. هكذا عندما نقوم بتقديم العمل إلى نيكولاس (المدير التنفيذي Nicolas Baretzki) نكون على علم تام بتفاصيله بشكل مسبق.   

 

عندما انضممت إلى الدار، هل كان هناك فكرة أو تصميم معين من الأرشيف قفز فجأة إلى مخيّلتك وقررت العمل عليه؟

إن مونبلان قد قامت خلال مسيرتها بتصميم وتنفيذ قطع يمكنها أن تدوم طويلاً، ولكنها برأيي كانت تحتاج إلى المزيد من التفاصيل الملموسة. هذه القطع كانت جيدة بالنسبة إلى الزمن الذي تمت صناعتها فيه، ولكن العالم يتغيّر بشدة من ناحية التصاميم وخطوطها، فينتقل من اتباع القواعد والقوانين المعروفة إلى الإعتماد أكثر على العفوية والحدس. فمن التصميم الكلاسيكي للأغراض الشخصية، انتقل المصممون إلى الأغراض التي يمكن لمالكها أن يحدد الطريقة التي يريد أن يستخدمها بها، إن كانت الحقيبة أو القلم أو الساعة. فنحن اليوم نشتري القطع لاستعمالها بشكل يومي وليس للاحتفاظ بها للمناسبات الرسمية أو المهمة. لذلك فإن الأغراض التي ستستخدمينها يجب أن تكون عملية. فعندما تضعين الساعة على معصمك تعرفين على الفور إذا كانت تناسبك، وعندما تمسكين بمقبض الحقيبة، يمكنك أيضاً أن تشعري فوراً إذا كان مريحاً في الإستعمال.

 

هل وجدت صعوبة أن إحدى فئات المنتجات في الدار أكثر صعوبة في العمل عليها من الفئات الأخرى؟

بالنسبة لي، كشخص مهتم بالمواد الملموسة، كان العمل مع الجلديات طبيعياً، خاصة لأنني أمتلك خلفية العمل في الأزياء والموضة، أي تصميم القطع الثلاثية الأبعاد بواسطة المواد اللينة والناعمة. بالنسبة إلى الساعات والأقلام الفاخرة، أنا لست مهندساً، ولكنني تعلمت أن أفكر مثل المهندسين. هناك رغبة متبادلة بالتعلّم، وذلك يمنحني القدرة على الضغط قليلاً على فريق العمل عندما أريد لفكرة ما أن تتطوّر، وهم يفهمون قصدي من ذلك. اليوم أصبح هناك المزيد من التناسق بين التصميم والتنفيذ، وهذا أحد الأمور الأساسية التي أردت العمل عليها منذ البداية.  

 

إذا نظرنا من الخارج، نرى أن مونبلان قد تحوّلت مع الوقت من دار صانعة للأقلام بشكل رئيسي، إلى جانب الجلديات والساعات بشكل ثانوي إذا صح التعبير، إلى دار تعتبر هذه الفئات الثلاثة بمثابة ركائز أساسية بالنسبة إليها بالتساوي. هل أدى ذلك إلى تغيير مقاربتك لإرث الدار؟

عندما انضممت إلى الدار كان إنتاجها بكامله متعلق بمجموعة Meisterstück، وكان ذلك بمنتهى الوضوح: الخواتم الثلاثة، الريزين الأسود، أسماء القطع مثل نظارات Meisterstück، ساعات Meisterstück التاريخية وغيرها. كان ذلك شديد الوضوح في البداية لأن الجميع كان يعتبر أنه علينا التمسك بالمراجع الرئيسية للدار. ولكن نحن دار Montblanc ونحن هنا منذ العام 1906، وليس علينا أن نذكر الناس دائماً بهويتنا. عندما نصبح أكثر ثقة بأنفسنا يمكننا العودة إلى الأرشيف والاستلهام من الإرث. لقد عملت على فتح الآفاق، وإيجاد الروابط بين منجات الدار والعالم الخارجي.  

 

إذاً فأنت تستعمل الأساسيات التي تقف وراء Montblanc بدل الإعتماد على الرموز والخطوط التصميمية المعتمدة في الدار. هل يمكنك إعطاءنا مثالاً على ذلك؟

إن مجموعة Secret Adornment Tattoo هي خير مثال على ذلك. حقائب تحمل أسراراً، ونقوشاً يدوية على جهتها الداخلية. لقد أخبرت الفريق أنني أريد أن أضع نقوشاً على الجلد. فسألوني لماذا، وما الجامع بين الجلديات والنقوش؟ فأجبتهم أنها فكرة الكتابة بالحبر على مساحة معينة… ولكن بطريقة مغايرة. هذه السنة سوف تكون لدينا مجموعتان من الجلديات المستوحاة من فن الكتابة ومن الأقلام.

التخلص من الثقل الذي كانت تفرضه فكرة الحفاظ على الماركة كما هي، ساعد على تحرير أعضاء فريق العمل في الدار. فنحن لم نعد مثقلين بضرورة العمل إنطلاقاً من أرشيف الدار، ولكننا نمتلك الحرية في هذا الخصوص. أنا أعتقد أن هذه الفكرة قد أعادت إلى الدار روحيتها الأصلية، فهي قد تأسست من قبل ثلاثة مستثمرين عادوا إلى ألمانيا من الولايات المتحدة الأميركية، ممتلئين بالحماس، محمّلين بالأفكار الجديدة لتأسيس عمل جديد. وأنا أشعر اليومأننا أقرب إلى ذلك من أي وقت مضى.   

إعداد: ساندرا ليين          

مجلة عالم الساعات والمجوهرات العدد 125

 

 

 

 

كلمات مفتاحية

مقالات ذات صلة