قابع على قمة هضبة مشرفة على مدينة النهضة العظيمة، قصر Villa Cora هو الملاذ الآمن للجسد والروح
“رؤية الشمس تغيب، غارقة في المياه الورديّة والبنفسجية والذهبية، التي تغمر مدينة فلورنسا بمزيج من الألوان… هو مظهر يكسر برودة الطبيعة”. هذه الكلمات التي خطّها الكاتب Mark Twain في كتابه Autobiography في العام 1982، عادت إلى ذهني وأنا جالسة أمام نافذة غرفتي في قصر Villa Cora، أتأمل المدينة من بين أغصان رؤوس الأشجار المجاورة للفندق. بدا الزمن متوقفاً إلى أن أصبحت السماء داكنة وظهرت أولى نجمات تلك الليلة.
فلورنسا هي مدينة الجمال الفائق – كما وصفها عدد هائل من الفنانين، الكتّاب والمسافرين – ولكنها أيضاً مدينة مرهِقة: فهي مزدحمة بالسيّاح وغنية بالثقافة والتاريخ والفن والعظمة، ما يؤلم عينيك ويجعل رأسك يدور في دوّامة هائلة في حال حاولت رؤية كل هذا في يوم واحد، كما أنك لن تشعر أبداً بالاكتفاء من هذه المعلومات والمشاهد بل تسعى إلى اكتشاف المزيد والمزيد. وهذا هو سبب جاذبية فندق Villa Cora وما يجعله مقصداً لمحبّي الإكتشاف والمرح والثقافة.
بين أشجار تلة تقع في أعلى حدائق Boboli، بني هذا القصر في حقبة عصر النهضة الحديثة أي في سبعينيات القرن التاسع عشر، من قبل Baron Oppenheim وقد خصصه لزوجته Eugenie، أرملة Napoleon III. هذا القصر Villa Coraغنيّ بالتحف الجميلة: حيث يحوي لوحات جدارية رائعة، تماثيل رخامية عند كل زاوية، سجاد شرقيّ يغطّي الأرض المصنوعة من الباركيه، قطعاً خزفية وأثاثاً قديماً، أقمشة المخمل والساتان طاغية على الديكور، وفي الصالون الفخم، تنتشر مرايا بأطر مذهّبة التي تضاعف روعة القصر إلى ما لا نهاية. هو ديكور غنيّ من دون شك، ولكن – بما أنه صمّم بذوق رفيع – لا تشعر بأنه مبالغ به.
وهناك المزيد من هذا كله في غرف النوم. تلك الموجودة في جناح piano nobile (في الطابق الأول) التي تبدو كبيرة إلى حد أنها قادرة على احتواء نصب تاريخية تذكارية (العيب الوحيد لهذه الغرف هو أنها لا تطل على الحديقة. ولكن لا يمكن ملاحظة هذا الأمر، بما أن الحدائق مغطاة بالورود – وهي الزهرة المفضّلة بالنسبة إلى Eugenie كما يبدو). كما أن الورود متواجدة في الداخل أيضاً: فقد طرّزت على أثواب الحمام، وطبعت على الأقمشة، في حين أن رائحتها عبقت في الحمام وطغت على رائحة جل الإستحمام والكريمات المرطبة.
بالانتقال إلى الخارج، في الحديقة، حوض سباحة ضخم مصنوع من الحجر الكلسي الأبيض (وهو حوض السباحة الساخن الوحيد في Florence)، وهو يقع فوق المنتجع الصحيّ المخصص للراغبين بالاستجمام والحصول على أجواء أكثر هدوءاً. أما المطعم الصيفيّ فقد صمّم في جناح زجاجي بالقرب من حوض الإستحمام، وفي الشتاء، ينتقل المطعم إلى المبنى الرئيسي، داخل قاعة فاخرة مزيّنة بالفسيفساء المغربية والستائر الثقيلة.
وسط هذه الأناقة كلها، بدا لي المكان أقرب إلى بيت دافئ من كونه فندق. كل هذا بفضل العاملين في القصر، الذين يؤدون دور المضيفين وأهل البيت، أكثر من دور الموظّفين. فما من مكاتب لتسجيل الدخول، ما إن تصل، يتم تسجيل الوصول على طاولة قديمة فاخرة في الممر، وذلك من ضمن مهمات الشخص عينه الذي يستقبلك على المدخل، ليرافقك بعد ذلك في جولة داخل المبنى، للتأكد من أنك تشعر بالراحة وكأنك في منزلك الموقت. إن العثور على هفوة في هذا المكان الجميل هو شبه مستحيل – وإذا كان هناك أي جانب سلبيّ لأجواء السلام المخيّمة على المكان، هو أنك من الممكن أن تستمتع بالمكوث في الفندق كل الوقت، ولن ترغب بمغادرته حتى بهدف الخروج إلى المدينة لاستكشافها، أو لزيارة أي متحف أو معلم سياحي آخر.
إعداد: ساندرا ليين
مجلة عالم الساعات والمجوهرات – عدد 115