عندما حصد بطل الغولف الأميركي Tiger Woods جائزة بطولة 2019 Masters الشهر الماضي، كان ذلك بمثابة عودة مدوّية إلى الساحة الرياضية من قبله. والساعة التي ارتداها لاستلام الجائزة تخبرنا الكثير حول هذا الرجل.
لأكثر من عشرين عاماً قبل أن يسدد Tiger Woods رميته الرابحة عبر مسار Magnolia Lane في نادي Augusta National Golf Course في الحادي عشر من أبريل الماضي، استطاع هذا النجم تغيير مفهوم رياضة الغولف.
لقد احترف هذه اللعبة في العام 1996، عن عمر 20 عاماً، وبعد 42 أسبوعاً فقط، احتل صدارة بطولة PGA، وهو بذلك استطاع تحقيق التقدّم الأسرع في هذه الرياضة، وأن يكون البطل الأصغر سناً لهذه البطولة عالمياً.
يوم الأحد في الرابع عشر من أبريل الفائت، وعندما أدى ضربته اللطيفة الأخيرة نحو الحفرة الثامنة عشر في نادي Augusta National ليفوز ببطولة Masters للعام 2019، بدأ Tiger Woods فصلاً جديداً من قصته مع رياضة الغولف، وكان ذلك بمثابة عودة تاريخية عظيمة إلى الساحة العالمية.
قبل سنة ونصف، كان Tiger Woods بالكاد قاجر على المشي، فما بالك من اجتيازاته المسافات الطويلة في النادي، ولكنه استطاع أن يعيد بناء مشاركته في هذه الرياضة من الصفر. هذا الفوز كان الخامس لبطولة Masters وقد حققه بعد 14 عاماً من الإنقطاع، وفوزه الرئيسي الخامس عشر (والأول منذ فوزه ببطولة US Open في العام 2008). وهو اليوم على بعد فوز واحد مت تحطيم الرقم القياسي العالمي الذي يحمله Sam Snead لأكثر من نصف قرن، وهو عبارة عن 82 فوزاً في بطولة PGA.
إن عودة Tiger Woods إلى عالم رياضة الغولف تبدو وكأنها تؤكد على الحكمة القائلة أن المرات التي نفشل فيها في تحقيق الأشياء، لا تحدد قدراتنا، بل أنها تسمح لنا برؤية الاحتمالات الأخرى الواردة. وفي هذا السياق صرّح في المؤتمر الصحافي الذي تبع المباراة: “لا يجب أبداً أن تستسلموا، وهذا من المسلّمات”.
وخلال كلامه، كان تركيز جمهور آلات الوقت على ساعة Rolex Deepsea D-Blue التي كان يحملها على معصمه الأيسر. البعض انتقد اختياره لإحدى أهم الساعات المخصصة للغطاسين من الناحية التقنية، فهذه الساعة ليست مصممة ليتم ارتداؤها تحت كم الجاكيت الرياضية الخاصة بالغولف.
بعد إطلاقها في العام 2008 تحت اسم ref.11660 (مع ميناء أسود فقط)، بدت ساعة Deepsea ضخمة مقارنة مع معايير وقياسات ساعات Rolex كما عرفها الجمهور: فأتت بعلبة قطرها 44ملم وسماكتها 17,7ملم، بما في ذلك ارتفاع طبقة الكريستال السافيري المقببة الذي بلغ 5,5ملم. وكما هي العادة بالنسبة إلى ساعات Rolex، ذلك ليس فقط للعرض، بل إنه لضمان مقاومة الساعة لضغط الماء حتى عمق 3,900 متر.
أما ميناء ساعة D-Blue الأزرق المتدرّج الألولان، والميناء الأخضر لهذه المجموعة فقد أتيا في العام 2014، لتكريم البطل James Cameron خلال مغامرته في خندق ماريانا Mariana Trench وهو الأعمق في العالم، وقد أعيد إطلاقها العام الفائت تحت عنوان ref.12660 وتتضمّن الحركة الجديدة caliber 3235.
ومن ساعات Rolex الأخرى التي احتلت معصم Tiger Woods نذكر أيضاً نموذج من ساعة Deepsea (ref.11660) مع ميناء أسود، ساعة Submariner Date مع ميناء وإطار باللون الأسود، إضافة إلى ساعة Sea-Dweller 4000. وهذه الأخيرة تتميّز بمؤشرات الدقائق الستين على الإطار المصنوع من مزيج cerachrome، وهي ظهرت لأول مرة في معرض بازل للعام 2014، وتم إنتاجها فقط على مدى ثلاث سنوات.
هناك سبب آخر لختيارات Woods، وهو أنه عاشق لرياضة الغطس، وقد صرّح في مقابلة معه لصالح رولكس السنة الفائتة قائلاً: “عندما لا ألعب الغولف، أريد أن أكون في المحيط. لقد ربيت في جنوبي كاليفورنيا، ولطالما كانت المياه جزءاً من حياتي اليومية…”
ويضيف: “أنا أغطس طوال الوقت، لا أفكر بأي شيء آخر عندما أكون في الماء. الوقت تحت المياه يمضي بإيقاع أبطأ من المعهود… إنه شعور بدائي، وشيء أحب مراقبته”.
مدرّب للغطاسين، عضو في الإتحاد الدولي لمدرّبي الغطس National Association of Underwater Instructors (NAUI)، قام Woods أيضاً بالتدريب ضمن الوحدات البحرية الخاصة الأميركية US Marines Special Forces ويمتلك غرفة مجهّزة تماماً للغطس ضمن اليخت الخاص به. وبما أنه لم يكن يوماً سعيداً بالشهرة (واسم يخته Privacy يعبّر عن ذلك)، وقد صرّح يوماً مازحاً: “أحب الغطس لأن الأسماك لا تعرف من أكون”.
في العام 2011، عندما وقّعت Rolex عقد الشراكة مع Woods، بعد أن انتهى عقده مع TAG Heuer ولم تبادر هذه الأخيرة إلى تجديده، كانت الحياة بالنسبة إليه كئيبة. إذاً ما هي الأسباب التي تجعل إحدى أهم الدور العالمية للساعات تعيد بناء علاقتها مع Woods، كتبت رولكس في تصريح لها: “هذه الشراكة تلقي التحية على المكانة التي يتمتع بها Woods وعلى الدور الرئيسي الذي يلعبه في تكوين الصورة العالمية لهذه الرياضة. كما أنها تعبّر عن العلاقة التي ستدوم في المستقبل بين الطرفين”.
في تعبير “المكانة الإستثنائية” هناك إشارة إلى حياة Woods خارج مجال الغولف، وإلى ملايين الدولارات التي حوّلها إلى الأعمال الخيرية من خلال الجمعية التي تحمل اسمه Tiger Woods Foundation، وعن ذلك صرّح لمجلة Sports Illustrated في العام 2016 قائلاً: “هذا أحد أبرز اهتماماتي. وأتمنى أن يتذكرني الناس في ما بعد بسبب ما أنجزته جمعيتي أكثر من إنجازاتي في ملاعب الغولف. هناك أطفال اليوم في مركز التعليم TGR Learning Lab ليس لديهم أي فكرة عن كوني ألعب الغولف، وهذا أمر رائع”.
على عكس العديد من الدور الأخرى، وعند اختيارها لشركائها، تذهب Rolex أبعد من مجرد الفوز أو الخسارة في الوقت الحالي، بل تتطلع إلى الشراكات الطويلة الأمد. وذلك شرحه Laurent Delanney، المسؤول عن الشراكات في الدار قائلاً: “في قلب كل شراكاتنا هناك الناس، والقيم التي نتشاركها معهم هي التي تجعل الأمر ينجح”.
في المقابلة التي أجرتها معه رولكس العام الماضي، عبّر Woods عن فرحه بالقدرة على الغطس مجدداً بعد سنوات أمضاها بعيداً عن الرياضة بسبب إصابته: “أن أستطيع الغطس مجدداً، أن أرتدي الزعانف من جديد وأرمي نفسي في المياه، إنه أمر اشتقت له كثيراً. أنا أحب أن أكون في المياه”.
وإذا نظرنا إلى أدائه في Augusta، نتأكد أنه مشتاق أيضاً إلى رياضة الغولف، ولكن الآن باتت الأمور مختلفة: “النجاح كان في السابق يتمحور حول الربح والحصول على النقاط والفوز بالبطولات”، قال السنة الماضية، ولكن “اليوم أنا أؤمن أن الحياة الناجحة تتمحور فقط حول كونك سعيداً”.
مجلة عالم الساعات والمجوهرات – العدد 124
إعداد: ساندرا ليين