رحلة في الأعماق مع لوران باليستا و Blancpain

انطلاقاً من التزام دار الساعات الفاخرة Blancpain بالاهتمام بعالم المحيطات، أطلقت الرحلة الاستكشافية Gombessa III فتوجّه «لوران باليستا» وفريقه نحو القطب المتجمد الجنوبي في رحلة تصويرية للحياة تحت الجليد.

Laurent-Ballesta-and-his-team,-Gombessa-I,-South-Africa-2013

لوران باليستا وفريقه في افريقيا الجنوبية، رحلة “غومبيستا” الأولى عام 2013

أمضى «لوران باليستا»، عالِم الأحياء المائية الفرنسي الشهير، الغواص والمصور المحترف، الشهرين الأخيرين من العام 2015 في البرد الشديد في منطقة القطب المتجمد الجنوبي، للعمل على تصوير الحياة في أعماق المحيط تحت الجليد.

فقد أتت هذه الرحلة الاستكشافية Gombessa III بعد مجموعة مشاريع Blancpain السابقة الداعمة لهذه القضية، فكانت مهمة الرحلة الاستكشافية الأولى Gombessa I هي استكشاف أسرار أسماك «كولاكانت» التي يطلق عليها سكان جزر القمر إسم Gombessa، والتي لطالما ظن الجميع بأنها منقرضة منذ 65 مليون عام، ولكنها عادت وظهرت في مياه أفريقيا الجنوبية عام 1938. أما الرحلة الاستكشافية الثانية Gombessa II إلى منطقة «بولينيزيا الفرنسية» في وسط المحيط الهادئ، فقد قامت بدراسة كيفية تكاثر البعض من أنواع الأسماك في المحيط الهادئ، والدور الرئيسي الذي تلعبه في المحافظة على التوازن البيئي.

هذه الحملات هي جزء من المبادرة التي أطلقتها Blancpain تحت عنوان Ocean Commitment أي «الإلتزام بالمحيطات»، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، لماذا اختارت الدار عالم البحار؟

إذا كنت رئيساً لشركة معينة، وأردت اختيار قضية لتقوم شركتك بحملة لدعمها، فإنه من الطبيعي بأنك ستختار موضوعاً يتناسب مع شخصيتك وشغفك الخاص. ولكن، هل يمكن لاختيارك الشخصي أن يكون ملائماً من ناحية نمو أعمال الشركة؟ نعم وبكل قوة، ولكن فقط في حال كان هذا الشغف يتناسب مع تاريخ الشركة وقيمها وأساسياتها.

الغوص في أعماق المحيطات لم يكن فقط شغف مدير Blancpain التنفيذي مارك حايك، وإنما هو ارتباط حقيقي للدار بعالم البحار لأكثر من نصف قرن.  فعندما تولى Jean-Jacques Fiechter إدارة Blancpain عام 1950، ومع تحوّل الغوص من مهنة عسكرية بشكل حصري إلى هواية مدنية يمكن لجميع الشغوفين بالأعماق الإستمتاع بها ولكن الأدوات الخاصة بمزاولة هذه الهواية كانت ما تزال بدائية، باشر Fiechter بتطوير ساعة يمكنها مرافقة الغطاسين إلى عمق البحار، واستقى ميزاتها وخصائصها من خبرته كغطاس محترف. فأتت ساعة Fifty Fathoms بتاج محمي بشكل مضاعف، وإطار دوار باتجاه واحد، وغطاء خلفي لعلبة الساعة مقاوم لضغط الماء بشكل كبير لحمايتها أثناء فترات الغوص. ولرؤية واضحة تحت الماء، جعل الساعة ضخمة، الميناء أسود اللون، والمؤشرات بيضاء مضيئة، لتكون آلة الوقت هذه بمثابة النموذج الأساسي لجميع ساعات الغطس المعروفة اليوم.

5200-0130-NAB-A_PR

النموذج الأصلي لساعة Fifty Fathoms Bathyscaphe model

 

وخلال الأعوام الثلاثين من وجود Fiechter على رأس Blancpain، لقيت ساعات Fifty Fathoms تغيرات واضحة ورواجاً واسعاً بين العسكريين والمدنيين على حد سواء، لكن وبعد تقاعده عام 1980 اختفت هذه المجموعة من إصدارات الدار، لتعود بقوة بعد تولي مارك حايك مهام رئاسة الشركة. فالنسبة إلى مارك حايك، جاء الأمر بمثابة انطلاق من شغف شخصي، خاصة أنه اعتاد ممارسة هذا النشاط منذ طفولته خلال العطل الصيفية التي كان يمضيها في بيت جدّيه على شاطئ Cap d’Antibes في جنوب فرنسا، كما أنه يقيم سنوياً رحلات غطس طويلة في مياه «بولينيزيا الفرنسية» ومحيطات مثيرة أخرى، كما أنه قام بالغطس في حوض الأسماك في مجمّع «دبي مول» خلال حفل إطلاق ساعات X-Fathoms عام 2013. ذلك إضافة إلى خبرته الاستثنائية واحترافه العالي المستوى في مجال التصوير لما تحت الماء.

إن جميع نشاطات Blancpain الخاصة بحماية المحيطات والحياة البحرية تندرج ضمن مبادرة «الإلتزام بالمحيطات» التي أطلقتها الدار عام 2014، ومن ضمنها رعاية الحملة التي أطلقتها قناة National Geographic بالتعاون مع المستكشف العالمي الدكتور «إنريك سالا»، لاستكشاف وحماية البحار التي ما زالت تُعتبر «بكراً»، إضافة إلى جائزة Hans Hass Fifty Fathoms التي أسسها Hass بنفسه عام 2002، وهو أحد أهم روّاد عالم الإستكشافات البحرية والتصوير تحت الماء، وقد فاز بها «لوران باليستا» عام 2013، كما كانت الدار شريكة في «منتدى محيطات العالم» الذي نظّمته مجلة The Economist، والمدعوم أيضاً من قبل قناة Nathional Geographic بشكل رسمي، كل ذلك يضاف إلى العديد من النشاطات الأخرى التي تلتزم Blancpain بتنظيمها أو دعمها.

2---5200-0240-52A-Front

Fifty Fathoms Bathyscaphe ocean commitment إصدار محدود بـ250 قطعة

وكعلامة فارقة لمبادرتها الخاصة بالمحافظة على المحيطات، أطلقت Blancpain ساعة Fifty Fathoms Bathyscaphe Ocean Commitment Flyback بكمية محدودة بـ250 قطعة، وهي نسخة خاصة من ساعة Bathyscaphe Chronographe Flyback التي كشفت عنها في بداية العام 2014. مثل باقي نماذج المجموعة، تعمل هذه الساعة بواسطة حركة الدار كاليبر F385 التي تنبض على معدل 5 هرتز، وقد تضمنت نابض توازن مصنوعاً من السيليكون لإلغاء أي تأثير للحقول المغناطيسية على الحركة، والذي تعاني منه ساعات الغوص الأخرى، كما تميزت هذه الساعة باحتوائها أزرار دفعية محمية وميزات تقنية أخرى للكرونوغراف جعلت منه آمناً للاستعمال في عمق المحيط، علماً أنه وفي أغلب ساعات الغطاسين الأخرى التي تحتوي حركة كرونوغراف، تكون هذه الوظيفة معدّة فقط للاستعمال خارج المياه.

والجدير بالذكر أنه ومقابل بيع كل ساعة من القطع الـ250 لهذا الإصدار المحدود، تقوم Blancpain بالتبرع بمبلغ 1000 يورو لصالح أعمال Ocean Commitment ليصل كامل المبلغ إلى 250 ألف يورو تستخدم لدعم قضية حماية المحيطات والمحافظة على الحياة البحرية والتوازن البيئي فيها. وبذلك يكون اقتناء واحدة من هذه الساعات بمثابة مشاركة في المبادرات الإيجابية التي تدعم عالم المحيطات، كما يصبح كل شارٍ لإحدى هذه القطع عضواً في الجمعية، وعن هذه النقطة علّق مارك حايك بالقول: «الفكرة تكمن في جعل مالك الساعة ينخرط بشكل أعمق في المبادرات التي تتعلق بقضية حماية عالم المحيطات، والذهاب أبعد من فكرة التبرع الإيجابي أو العضوية، كما أنها فكرة جيدة لإغناء تلك المبادرات بالمزيد من الأفكار البناءة».

كما قامت دار  Blancpain أيضاً بإطلاق موقعاً خاصاً للمهتمين بالقضية www.blancpain-ocean-commitment.com حيث قام «باليستا» وفريقه، إلى جانب المصور المحترف الشهير والحاصل على عدد كبير من الجوائز العالمية «فنسان مونييه» والمصور السينمائي «جيروم بوفييه»، بتنزيل مجموعة كبيرة من الصور والفيديوهات التي تصف وتلخص النشاطات اليومية للمجموعة خلال الرحلة الاستكشافية، وهذه الوثائق ما زالت اليوم متوفّرة للراغبين بالاطلاع عليها.

Laurent-Ballesta-and-the-coelacanth,-Gombessa-I,-South-Africa-2013إن الصور التي تم التقاطها تحت المياه الجليدية هي صور مذهلة، غير تقليدية. وهذه كانت المرة الأولى التي يقوم خلالها فريق من الغطاسين بالتصوير في عمق المحيط في هذه المنطقة، فالمحاولات السابقة كانت تقتصر على عدد من الرجال الآليين المجهزين بكاميرات مبرمجة ويمكن التحكم بها عن بعد. وفي الواقع، فإن الحلقة السابعة من الفيديو الذي تم تنزيله على صفحات المدوّنة الخاصة بالرحلة تتضمّن مشهداً مؤثراً يبدو فيه «باليستا» ومرافقوه سعداء ومندهشون من القدرة الهائلة التي تتمتع بها المعدّات التي ترافقهم في الرحلة. ففي هذا النوع من المغامرات، وتحت تأثير الدرجات المنخفضة جداً للحرارة، الظلام الحالك في أعماق المحيط، والإنزلاقات الجليدية التي من الممكن أن تشكل خطراً على حياة المغامرين، لا شك أن كل «غطسة» تُعتبر بمثابة إنجاز بشري وتقني معاً.

إن الرحلة الاستكشافية Gombessa III اعتُبرت بمثابة القسم المخصص للحياة تحت المياه المتجمدة في القطب الجنوبي، من ضمن مشروع Wild-Touch Expeditions الذي يترأسه المخرج «لوك جاكيه» الحائز على جائزة Academy Award. مهمة هذا المشروع هي مراقبة وقياس مدى تأثير ظاهرة الإحتباس الحراري على البيئة العالمية، وتوعية المجتمعات حول الخطر المتمادي لهذه المتغيّرات المناخية.

باليستا في إندونيسيا الفرنسية خلال رحلة "غومبيستا" الثانية عام 2014

باليستا في إندونيسيا الفرنسية خلال رحلة “غومبيستا” الثانية عام 2014

فهناك الملايين من سكان الأرض اليوم لا يعرفون مدى الخطورة التي تتعرض إليها الأرض، من هنا أهمية توجيه الأنظار نحو أهمية المحيطات التي تعتبر الركيزة الأساسية للحياة على هذا الكوكب، فهي تغطي ما يقارب 70% من مساحة الكرة الأرضية، تقوم بامتصاص ما يقارب 30 إلى 40% من ثاني أوكسيد الكاربون الناتج عن الكائنات الحية والنباتات، كما أنها تزوّد الأرض بما يعادل 50% من كمية الأوكسجين الموجودة عليها، ولسوء الحظ، وبالرغم من أهميتها تلك، يتم تدنيسها، وجعلها أشبه بمكب للنفايات.

هذه النقطة أشار إليها «مانو سان فيليكس»، المصور المتخصص لعالم ما تحت المحيطات والذي لطالما عمل جنباً إلى جنب مع «إنريك سالا» في برامجه التي عرضتها قناة National Geographic في تعليق له عن الهدف السامي من الرحلات الاستكشافية لتصوير ما تحت الجليد والمحيطات قائلاً: «عندما يرى المشاهدون ما نراه، فإن منظورهم يتغير للأبد، ليبدؤوا بفهم حقيقة الأمر وأهمية تلك الأماكن، خاصة عندما تلامس اللقطات مشاعرهم وتجعل منهم مشاركون فاعلون في القضية».

 

 

 

إعداد : ساندرا ليين   |   words : sandra lane

كلمات مفتاحية

مقالات ذات صلة