Bremont ترافق متسلق الجبال النيبالي Nirmal Purja إلى القمة..!

في التاسع والعشرين من أكتوبر، استطاع متسلق الجبال النيبالي Nirmal Purja من إنهاء إنجاز، لم يكن أحد يصدّق أنه ممكن، وهو تسلّق كل القمم العالمية الـ14 التي يتخطى ارتفاع كل منها 8,000 خلال موسم واحد. وقصته هذه مرتبطة بالطبع والشخصية، الإنسانية وحس القيادة، أكثر من ارتباطها بالإنجاز البدني الرائع بحد ذاته. 

مرات قليلة ونادرة هي التي المرّات التي نسمع فيها عن إنجازات تتخطى ما نتخيّله عن القدرات البشرية التي يصعب فهمها. وفي ما يلي بعض الأرقام القياسية التي تم تحقيقها على مستويات لا يمكن تصوّرها – فالعداءة الكينية Brigid Kosgei على سبيل المثال، استطاعت كسر الرقم القياسي للماراتون الخاص بالسيدات بأكثر من دقيقة كاملة. كما ونذكر الإنجازات العظيمة التي يكون بعض الأشخاص سبّاقين إليها، مثل الشخص الأول الذي استطاع الإبحار حول العالم من دون توقّف (وهو Robin Knox-Johnson في العام 1968)؛ الشخص الأول الذي استطاع لوحده، من دون أي مساعدة، اجتياز منطقة القطب الجنوبي سيراً على الأقدام (وهو Colin O’Brady وكان ذلك في العام 2018)، أما الشخص الذي استطاع تسلّق القمم الـ14 الأعلى في العالم والتي يبلغ ارتفاع كل منها أكثر من 8,000 متر من دون الإستعانة بالأوكسيجين فكان Reinhold Messner، وهذا الإنجاز تطلب منه 16 سنة لتحقيقه، بين العامين 1970 و1986. ولكن في حين أن “السبّاق” سوف يبقى سبّاقاً دائماً، إلا أن الأرقام القياسية وُجدَت كي يتم كسرها.   

أما بالنسبة إلى Nirmal Purja Magar – المعروف عالمياً باسم Nims – فهو أحد العسكريين القدامى من فوج Ghurka Regiment ومن فرق القوات الخاصة التابعة للجيش البريطاني. ولد في الجزر السفلى للنيبال، وقد بدأ بممارسة رياضة التسلق في العام 2012. في الربيع الماضي، استقال من عمله العسكري ليباشر تحدّي Project Possible الذي يهدف إلى: تسلّق القمم الـ14 الأعلى عالمياً والتي يبلغ ارتفاع كل منها أكثر من 8,000 متر، وكل ذلك خلال سبعة أشهر. وهذا يعني موسم تسلّق واحد. الأغلبية تعتبر أن هذا التحدّي هو “مهمة مستحيلة”.

لتحقيق النجاح كان من الضروري كسر الرقم القياسي الموجود. فالوقت الذي حققه Reinhold Messner كان قد انكسر من قبل، فكل من المتسلّق البولندي Jerzy Kucuzska والمتسلق الكوري Kim Chang-ho قد استطاع تسلّق هذه القمم خلال أقل من ثماني سنوات. ولكن هدف Nims هو إنجاز التحدي على وتيرة أسرع بعشر مرات، ومن الصعب إيجاد إنجازاً كهذا في عالم الرياضة (كأن تقوم Kosgei ربما بإنهاء الماراتون في مدة أقصر بنصف ساعة من الرقم القياسي السابق).

الهدف… القمم الشاهقة

بالنظر إلى الصعوبات الكبيرة التي تحيط بهذا التحدّي، ليس غريباً أن لا يتم أخذ Nims على محمل الجد في البداية. ولكن Giles  و Nick English مؤسّسي دار الساعات Bremont، كانا من القلائل الذين آمنوا به. وهما كانا قد التقيا به قبل ذلك بسنة، من خلال علاقتهما بالقوات المسلحة البريطاني، كون الدار ومنذ تأسيسها تقوم بإنتاج الساعات المخصصة للعسكر وليس فقط البريطاني.

“إن ضخامة المشروع الذي كان يحضّر له كانت مذهلة، ولكن بالنسبة إليه لم يكن هناك أي شك في إمكانية تحقيق الهدف” يقول Nick English  ويضيف: “أعتقد أن الخلفية العسكرية التي يمتلكها تولد لديه تصميماً وقوة لا تتزعزع، مما يساعد في تحقيق هذا الإنجاز الضخم”.

من ناحية أخرى يمكننا القول أن هذا التحدّي هو أمر طبيعي بالنسبة إلى Bremont المعروفة بكونها تختبر ساعاتها في الظروف الصعبة من خلال وضعها على معاصم المغامرين. “النهج الذي نتبعه هو “اختبار ساعاتنا في أقصى الظروف وأصعبها على الأرض. والأشخاص غير العاديين، مثل Nims هم بالضبط قادرين على حمل رسالتنا كعلامة تجارية” يقول English.

من المهم أن نؤكد  أن مشروعاً ضخماً كهذا هو بحاجة إلى فريق لوجستي مجهّز جيداً ويمتلك إمكانيات مادية مهمة. ولكن ذلك لم يكن موجوداً. فاضطر Nims إلى استنفاد الأموال التي كان قد جمعها، إضافة إلى ذلك قام برهن منزله، ومع ذلك لم يستطع تجميع المال الكافي لأن هذا النوع من التحديات ليس فقط خطيراً جداً، بل هو مكلف جداً أيضاً. ولكن إيمان Nims بنفسه كان عظيماً، وهو كان واثقاً من أنه يمكنه جمع باقي الأموال خلال الحملة. كان فريقه يضم أربعة من زملائه المتسلقين النيباليين الذين يتناوبون على العمل معه، إلى جانب عدد من الأصدقاء الذي كانوا يقدمون له المساعدة عندما يكون لديهم وقت، مع القليل من المساعدة البريطانية البعيدة المدى. وهذا كل شيء.

فلماذا إذاً قام بالتحدي؟ على صفحته الخاصة على انستقرام (@nimsdai) غالباً ما يعبّر Nims عن رغبته بتكريم شعب الشيربا، أي سكان المناطق الجبلية في النيبال الذين لا ينالون حقوقهم كاملة في التعلم، فدعم هذه الفئة من الناس كان دائماً أمراً أساسياً بالنسبة إلى متسلقي الجبال النيباليين، ولفت الإنتباه إلى التأثيرات التي تفرضها التغيّرات المناخية على المنطقة. والذي يتابع منشوراته ونغريداته على شبكة الإنترنت يستطيع فهم الأسباب التي دفعت به إلى إنجاز هذا التحدي. وهو قد غرّد في شهر يوليو الماضي عندما وصل إلى قمة K2 قائلاً: ” أنا هنا لإحداث نقلة نوعية في طريقة فهم الإمكانات البشرية. هذا المشروع هو للجميع”.

ثلاث مراحل… هدف واحد

بدأ Nims وفريقه مشروع Project Possible المؤلف من ثلاث مراحل بتسلق الجبل الأكثر خطورة في العالم، وهو Annapurna (المعروف بأن واحداً من كل ثلاثة متسلقين يحاولون الوصول إلى قمته يموت)، وقد بدأ العد العكسي للرقم القياسي الجديد عندما بلغوا القمة التي يبلغ ارتفاعها 8091 متراً في الثالث والعشرين من أبريل الماضي، وتبعها بلوغ قمم الجبال الخمسة: قمة Dhaulagiri في الثاني عشر من مايو، قمة Kanchenjunga في الخامس عشر من مايو، تبعتها قمة Everest في الثاني والعشرين من الشهر نفسه في الساعة الخامسة والنصف صباحاً، وعند الرابعة إلا ربع من اليوم نفسه بلغ الفريق قمة Lhotse، وأخيراً أكمل Nims ورفاقه المرحلة الأولى ببلوغ قمة Makalu في الرابع والعشرين من مايو. وباختصار، ستة من القمم الأعلى في العالم خلال 31 يوماً، علماً أن الثلاثة الأخيرة منها قد تم تسلقها خلال 48 ساعة فقط.      

المرحلة الثانية كانت نسبياً أقل تحدياً من الأولى: في الثالث من يوليو بلغ الفريق قمة Nanga Parbat، تلتها قمة Gasherbrum I في الخامس عشر من يوليو، و Gasherbrum II في الثامن عشر من الشهر نفسه، قمة K2 في الرابع والعشرين من يوليو، وقمة Broad Peak في السادس والعشرين منه. والمحصلة، خمس قمم في 23 يوماً، وعند بلوغه هذه المرحلة كان Nims قد استطاع تحقيق ستة أرقام قياسية.

كان من المنطقي بالنسبة للفريق أن يأخذ فترة راحة بعد 11 قمة يزيد ارتفاع كل منها عن 8,000 متر قبل المباشرة بتنفيذ المرحلة الثالثة والأخيرة. وبالفعل كان هناك فترة توقّف، ولكن هذه الفترة كانت مفروضة عليهم وليست إجازة.

فبعد استنفاد أموالهم مرة أخرى، قام فريق Nims بجمع بعض الأموال من خلال العمل كمرشدين تجاريين، مما أدى إلى صعود قمة Mamaslu  (والتيكانت بمثابة القمة رقم 13 في هذا التحدّي). وفي شهر يونيو، بين المرحلتين الثانية والثالثة، قام الفريق أيضاً بالعمل على جمع الأموال للتمكن من إكمال التحدّي، لأن عدم وجود راعي رسمي لهذا المشروع كان من الممكن أن يعرّضه إلى الفشل.

وهنا أتى تدخّل Bremont للدعم، وأصبحت الدار هي الراعي للمشروع. “عندما أصبح واضحاً أن Nims لن يستطيع الدخول في المرحلة الثانية من التحدي من دون تمويل… لم نستطع أن نقف جانباً من دون المساعدة في إنقاذ المشروع” يشرح Nick English ويتابع: “إن هذا النوع من المشاريع هو نادر حقاً، والوقوف إلى جانبه يساهم في تحقيقه”.

ومرة أخرى، في أغسطس، بين المرحلتين الثانية والثالثة، عاد Nims إلى المملكة المتحدة في حملة أخرى لجمع التبرعات. ثم رجع إلى Kathmandu  لانتظار – وانتظار – إصدار الحكومة الصينية تصريحاً لتسلّق قمة Shishapangma، وهي القمة الرابعة عشر والأخيرة، وتقع في التيبت. كتب على Instagram: “منذ قمتنا الأولى في أبريل، أمضيت أياماً أكثر في الجلوس في Kathmandu  في انتظار الأموال أو تصاريح التسلق أكثر مما أمضيت على الجبال”.

في النهاية، كان الفريق جاهزاً للبدء بالمرحلة الثالثة من المشروع، فبلغ قمة Cho Oyu في الثالث والعشرين من سبتمبر، وقمة Manaslu في السابع والعشرين من الشهر نفسه، ولكن بعد تسلقهم 13 قمة خلال 157 يوماً، واجهتهم الصعوبة الأخيرة. وفي الثلاثين من سبتمبر، أقرت الحكومة الصينية الإذن بتسلق قمة Shishapangma، ولكن الطقس لم يكن مناسباً لذلك، حتى السابع والعشرين من أكتوبر، حينها رأى Nims أن حال الطقس قد أصبح ملائماً بالحد الأدنى لتسلق القمة من دون تعريض الفريق لخطر الموت. وعند الساعة التاسعة (بحسب التتوقيت المحلي) من صباح اليوم التاسع والعشرين من أكتوبر، نشر Nims على إنستقرام الصورة التي كنا جميعاً بانتظارها، هو مع فريقه David Sherpa، GesmanTamang  و Geljen Sherpa على قمة Shishapngma، بعد سبعة أشهر وستة أيام من وصولهم إلى القمة الأولى Annapurna.

إن حجم هذا الإنجاز يتخطى المعقول – كما ويمكننا اعتباره أكثر تميّزاً عندما نفكر في بعض التحديات الإضافية غير المتوقعة – لا سيما إنقاذ أربعة متسلقين آخرين كانوا عالقين على علو شاهق، وذلك بالرغم من تسبب عمليات الإنقاذ هذه بتأخيرهم من ناحية الوقت، كما وتعريضهم إلى المزيد من المخاطر، ولكن الفريق كان مستعداً لكل شيء في سبيل إنقاذ هؤلاء الأشخاص من الموت.

كما وقد واجه الفريق العديد من العقبات على الطريق، وأيضاً، على العديد من الجبال، كان الفريق هو أول المتسلقين خلال الموسم، مما يعني الحاجة إلى تحديد المسارات وتثبيت الحبال عليها، وهذه عمليات تتطلب وقتاً، ولكنها ضرورية بالنسبة إليهم، كما أنها من الممكن أن تساعد المتسلقين الآخرين الذين سيسلكون هذه الدروب خلال الموسم نفسه.

في عصر أصبحت فيه رحلة تسلّق إيفرست عادية، وشعبية لدرجة أنها تخلق أخطاراً جديدة بسبب زحمة المتسلقين (كما يظهر في الصورة التي قام Nims بأخذها خلال تسلّقه الجبل باتجاه Everest)، ما حققه Nims هو إنجاز غير عادي. الكلمات لا تقدر على وصفه بشكل دقيق. وعندما يُسأل عن الأسباب التي أدت إلى قدرته على المتابعة وتحدّي كل الصعاب، يجيب بعبارة واحدة هي “القدرات العقلية”، يقول ويردد: “القدرات العقلية هي مفتاح النجاح”.

والآن ماذا؟ بعد الإحتفالات في المملكة المتحدة، سوف يعود Nims إلى النيبال ليبدأ العمل في الإرشاد ضمن فريق Elite Himalayan Adventures، “علي أن أكسب العيش الآن” يقول ضاحكاً.

إعداد: ساندرا ليين  

تصوير: نرما بورجا/ برومون برودجكت بوسيبل

Photographs: NirmalPurja/BremontProject Possible

 

كلمات مفتاحية

مقالات ذات صلة